زيارة امين المجلس الاعلى للامن القومي الايراني , الى بغداد وبيروت , نجح نجاحاً باهراً في بغداد , وهو متوقع وطبيعي جداً , ان يدعم بإسناد قوي للمليشيات المسلحة التابعة الى ولاية الفقيه , ان تظل أقوى من الدولة بمؤسساتها العسكرية والأمنية, وأن يكون قرار السلم والحرب بيدها , وإن تطل تتحكم بالقرار السياسي , وان تكون الدولة تابع ذليل وضعيف , وأن تكون ميزانية الدولة تحت تصرفها , وان تطلق يد الفساد والفاسدين بحرية مطلقة , وان يكون النهب والاختلاس في وضح النهار بعيداً جداً عن المحاسبة والمسائلة , وان يكون العراق بما يملك في جيب إيران دون مناقشة وسؤال , واخذ تعهد من الحكومة ان تلبي كل ما يطلب منها , ولاتمس المليشيات اذرع ايران بما تفعل وما تقوم به , ان تترك مقولة : نزع سلاح المليشيات وحصرها بيد الدولة , وأن على الحكومة ان تدعم وتطور قوة الفصائل المسلحة التابعة الى الحشد الشعبي في مركزية عملها , في استقلالية تامة لا يسمح للحكومة ان تتخذ اية اجراء ضدها , ولا تدخل بشؤونها لا من بعيد ولا من قريب , زيارة لاريجاني اكدت بأن العراق يكون تابعاً الى ايران بكل شيء , وأن يقبل بالوصاية الإيرانية والهيمنة الإيرانية على العراق بشكل كلي . وأن يكون العراق ورقة التفاوض مع أمريكا لصالحها , من أجل تخفيف العقوبات والحصار الدولي المطبق على إيران ....... أما زيارة علي لاريجاني الى بيروت فقد فشلت فشلا ذريعاً , وجاءت عكس ما كان يهدف اليه , بل وضعت ايران في باب الاتهام والادانة في تدخلها في شؤون لبنان الداخلية , من مسؤولي الدولة من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء , ووزير الخارجية اللبنانية رفض استقبال علي لاريجاني واعتبر زيارته غير مرحب بها , لقد اختلفت الظروف كلياً , لم يعد لبنان في جيب إيران كما هو الحال في العراق , بسبب سقوط النظام بشار الأسد الديكتاتوري , فكان الداعم الاساسي , وكانت ايران تصول وتجول في حرية كاملة , كأن سورية واقعة تحت الانتداب الإيراني ووصايته الكاملة , اغلقت كلياً منافذ الحدود بين سورية ولبنان بعد السقوط , وكانت تحت اشراف حزب الله اللبناني , في تهريب السلاح والمال , وكذلك تهريب المخدرات والبنتاغون , وكانت تدر على حزب الله اموالاً طائلة , في تدعيم قوته المالية والعسكرية والحزبية , كان حزب الله اقوى من الدولة , بل ان الدولة اللبنانية اصبحت تحت اشرافه , بحيث لا يتم اختيار رئيس الجمهورية , ورئيس الوزراء وقادة الدولة بكل الميادين , إلا بموافقة حزب الله , لكن هذه القوة والهيمنة سقطت كليا , ولم يعد يتحكم بمفاصل الدولة , بعد الهزيمة العسكرية الساحقة , التي قصمت ظهره , باشعاله حرب الاسناد مع اسرائل , فلم يسند شعب غزة المنكوب من الوحشية الاسرائيلية , بل لم تحفظ لبنان من الهلاك والدمار , الجنوب والضاحية دمرت , وتشرد الناس من ديارهم من التدمير الهائل , ولم يعد حزب الله يستطيع ان يعوض جزء بما خسروه الناس من ممتلكات واعمال , اصبحوا مشردين , واصبح الحزب في قفص الاتهام بأنه شن حرب مدمرة مع اسرائيل دون ان يستشير الدولة اللبنانية , دون ان يحافظ على بيئته الشيعية التي تلقت الدمار والخراب , واصبح موقف حزب الله اللبناني ضعيف منكسر الظهر , لذلك جاءت زيارة علي لاريجاني , ليرمم ما كسر من حزب الله , لكن زيارته كسره اكثر من السابق , وحتى ودفاع عن سلاح حزب الله بعدم نزعه سقط في فراغ , بل قوبل بالاستهجان والسخرية والادانة الشعبية والرسمية , حاول حزب الله ان يستغل الزيارة ليعيد انفاسه بما خسره من الحرب الخاسرة , من خلال الاستقبال المليوني في الضاحية الجنوبية , لكي يظهر بأنه ما زال قوياً ويملك زمام المبادرة , لكن الاستقبال الفاشل بدلاً من مليونية الاستقبال , لكي يرعب الدولة والطوائف اللبنانية الاخرى , استقبله بضع عشرات حاملين الاعلام الايرانية في الضاحية الجنوبية , وسمع كلام بأن الدولة اللبنانية موجودة , ترفض تتدخل في شؤونها , واتخاذ قرارتها وحدها , ولا تسمح بالتدخل من اي كان , بل التدخل سيؤثر على العلاقات الدولية والدبلوماسية , وغادر بيروت دون وداع , بل جاءت الزيارة ليزيد الشرخ الكبير بين حركة امل الشيعية وحزب الله , ووقوف رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مع الدولة , ويطلب من حزب الله الانصياع الى الدولة بتسليم سلاحه الى الجيش اللبناني بدلاً من تدمره اسرائيل في غاراتها اليومية , الى مواقع السلاح والانفاق واغتيال كوادر الحزب العسكرية بشكل يومي مستمر .