المكان : معسكر اللاجئين العراقيين في صحراء جنوب جمهورية ايران الأسلامية.
الزمان : كانون الأول / ديسمبر / 1986
انها مجرد ذكريات من الأيام الصعبة التي مر بها كاتب السطور النصير ابو سوزان وزوجته النصيرة ام سوزان في معسكر جهرم لللاجئين في صحراء جنوب ايران بعد مغادرة كردستان والتي طالت سنة كاملة نتحدث عنها اليوم بإيجاز...
في بداية شهر كانون الأول / ديسمبر من عام / 1986 وبينما كانت الحرب العراقية الأيرانية في أوجها حدثت في معسكر ( جهرم ) لللاجئين والواقع جنوب ايران والذي يظــم مئات من الاجئيين العراقيين غالبيتهم من الأخـــوة الكرد الفيليـــة والذين اعتبرهم النظام الدكتاتوري من التبعية الأيرانية وقرر تسفيرهم الى ايران، اضافة الى العشرات من الطوائف العراقية الأخرى، في تلك الأيــام حدثت مشاكل وتطــورات عديــدة بسبب أنعــدام الخـدمات الأنسانية المقــدمة لللاجئين وصمت أدارة المعسكر ووعودها، تركت هذه التطورات آثارهــا على نفسية اللاجئين بشكل كبير وبدأت تظهــر بوضوح ليس بين اللاجئين وأدارة المعسكر فحسب وأنما بين اللاجئين أنفسهم.
وفي وسط هذه الأجواء انتشرت العديد من القصص والشائعات كانت أرضية خصبة لتقبلها بسهولة من قبل اللاجئيين، مثل قبول كافة اللاجئين الموجودين في المعسكر من الأخوة الكرد في السويد والأخوة المسيحيين في الولايات المتحدة كذلك عن فتح هذه السفارة أو تلك أبوابها لقبول اللاجئين كافة وعلى اللاجئين من غير المسلمين اعتناق الأسلام قبل مغادرتهم الأراضي الأيرانية وتبين لاحقاُ لا صحة لهذه الشائعات التي تروجها ادارة المعسكر.
ومن جانب آخر وخلال تلك الفترة العصيبة التي يمر بهـــا اللاجئين كانت هناك قصة حقيقية تختلف كليـــا" عن الشائعات السابقة ومن أبرزها قصة الحب المتبادلة بين الشاب ( علي غلام ) والشابة ( فاطمة ) وهما من سكنة المخيم مع عوائلهم منذ سنوات والتي أنتهت بمأساة حضرها كاتب السطور النصير ابو سوزان وزوجته ام سوزان.
في كانون الأول / عام 1986 تمت عملية الجلد لكلا الحبيبن حسب القوانين الأسلامية وحسب التهمة الموجه لهما وهي ممارسة ( الزنا )، وعقوبة الزنا هذه وفق الشريعة الأسلامية والقوانين المعمول بها في جمهورية أيران الأسلامية هي عقوبة الجلد.
وفي هذا الموضوع يؤكد البعض من فقهاء الدين ان (( عقوبة الجلد Lashes Penalty )) مقررة في القرآن والسنة النبوية، واذا طبقت في حدودها التي وردت في الشريعة الأسلامية فهي عقوبة فعالة، وهي أكثر عدالة من عقوبة السجن والغرامة،
وان المتابع لتطبيقات عقوبة الجــلد في بعض الدول الأســـلامية التي تطبق الشريعة في قوانينهــا يلاحــظ انهـــا غير عادلة ومبالغ بها، أضافة الى الأسراف في استخدامهــا، حيث تصدر أحيانـــا" وبأنتظام أحكـام بآلاف الجلــدات، فيما لم يــرد في الشريعة الأسلامية عقوبــة أكثر من ( مائة جلدة ) ويؤكــد فقهاء الشريعة عـادة ما تُنفَّذ عقوبـات الجلد على الفور أمـــام الجمهور كما حدث أمامنا في مخيم جهرم، ولا يتم أي أستئناف إلا بعد الجلد ولا يستطيع إلا الأغنياء من الطعن في الأدلة ويصرون على توكيل محام وتتاح لهم الفرصة لتبرئة ساحتهم، بينما يقبل الفقراء الجلد كعقوبة طبيعية لأعتقالهم. وإمكانية تبرأتهم بعيدة للغاية لدرجة أنهم يفضلون القبول بعقوبة الجلد بدلا" عن طلب توكيل محام لهم والذي يكلفهم الكثير من المال وربما يقضون أكثر من شهر في الاعتقال بأنتظار المحاكمة.
بالتأكيد إن عقوبات المحاكم الشرعية تتعارض مع الإعــلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 والعهد الدولي للحقــوق الاقتصادية والثقافية لعام 1966 والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لنفس العام، وعلى أساس الإعــلان العالمي السابق الذكر هناك أكثر من 76 اتفاقية دولية توضيحية لحقوق الإنسان، فهذه الوثائق الدولية ينظر إليها بأعتبارها وثيقة عالمية لحقوق الإنسان تعترف بها كل الدول الموقعة عليها ومنها بعض الدول الأسلامية التي تطبق الشريعة.
تنفيذ عقوبة الجلد في مخيم جهرم
( علي غلام ) شاب وسيم في الثلاثين من عمره، وهو من الأخوة الكرد الفيلية ... هجر قسرا" مع عائلته الى أيران في بداية السبعينات من القرن الماضي بحجة التبعية الأيرانية وهو لم يزل صغيرا"، وسكن المعسكر مع عائلته ولم تسمح له الظروف على مواصلة تحصيله الدراسي، علي غلام ذو جسم رياضي، وأحد مهاجمي فريق كرة القدم المعروفين في المعسكر وله الفضل في تحقيق الفوز لفريق المعسكر على الفرق المحلية الأخرى، عندما دعي للتطوع للذهاب الى جبهة القتال مع العراق مع أعضاء فريق كرة القدم كان من المعارضين لذلك بشدة لمعرفته المسبقة بمصيره المحتوم وشجع زملاءه على التمرد أيضا" لذلك واجه وعائلته ضغوطاً كبيرة ولكنه تحملها بصبر كبير، كما انه خباز من الدرجة الأولى ويعمل في فرن الخبز التابع لمعسكر جهرم وهذا العمل هو مصدر رزقه وعائلته فهو المعيل الوحيد لهم بعد تقاعد والده لأسباب مرضية، نراه كل يوم داخل الفرن حيث نقف في الطوابير للحصول على حصتنا اليومية وهي رغيفين من الخبز وقد خلع قميصه بسبب حرارة الفرن حيث يظهر جسمه الرياضي الأبيض المحمر.
أما ( فاطمة ) وهذا كل ما نعرفه عنها فهي من عائلة كردية فيلية مهجرة أيضا" منذ نهاية السبعينات، عمرها لا يتجاوز الخامسة والعشرين، لم يشاهدها أحد بسبب لبسها العباءة والنقاب بشكل دائم وعلى الطريقة الأسلامية في أيران، ربطت ( علي غلام وفاطمة ) علاقة حب دامت أكثر من سنتين وأتفقا على الزواج عندما تسمح الظروف المناسبة لذلك بدأ علي غلام يهيأ نفسه لبيت الزوجية المناسب بما يحصل عليه من عمله المرهق في الفرن وأعمال أخرى خارج المخيم .
ذات يوم أصرت ( فاطمة ) على لقاء (علي غلام ) لأمر هام رغم أنشغاله وجاء إليها مبكرا" وتم اللقاء وحدثت المفاجأة .
ــــ أنا حامل يا ( علي ) ... أنه طفلك !!!! دعنا نتزوج بسرعة قبل ان يكبر الجنين وننفضح !!!!
صدم (علي غلام ) لسماعه هذا الخبر وقال ....
ــــ هل انت متأكدة من ذلك ؟
ـــ نعم متأكدة والدكتورة أجرت الفحوصات وأكدت لي ذلك !!!
وفي لحطة الغضب هذه أخذ (علي غلام ) يضرب رأسه بالجدار الذي يستند عليه وهو يصرخ ..
ــــ كيف ؟... كيف؟ يحدث هذا يا ( فاطمة ) ؟ أنا من كثرة حبي لك لم ألمسك أبدا" !! ولم أقترب منك يوما" ولم ألتقي بك منفردا" ولم أعاشرك للحظة فكيف يكون ما تحملينه هو طفلي ؟؟
وجاء أصرار ( فاطمة ) بأن ما تحمله في أحشائها هو لطفله وليس لشخص آخر وهي تسرد له أحداث وأمسيات لم يسمع بها أو يتذكرها.
مرت الأيام ببطئ كان (علي غلام ) لا يعرف النوم خلالها، أصبح شارد البال لا يركز على شئ مما أثر ذلك على عمله في
الفرن وتعرض الى حروق عديدة وهو يدرك أنه لم يمس حبيبته ( فاطمة) وان ما تحمله في أحشائها ليس طفله أبدا" وهو
متأكد من ذلك وهناك شئ ما قد أخفته ( فاطمة ) عنه !!!
ـــ يا ربي أليس هناك وسيلة للتأكد من أن الطفل هو أبني لكي أتخذ الموقف الصحيح !!
أستشار الأطباء... وجاءه الجواب ليس هناك فحوصات طبية ( DNA ) تأكد ذلك في الوقت الحاضر على الأقل وان وجدت فهي مكلفة ولا يستطيع دفع تكاليفها.
مرت أسابيع كان الجنين ينموا في أحشاء فاطمة، لجأت الى والدتها لتبوح لها بسرها وتطلب المساعدة، ألتقت العائلتان وهم أعرف بعلاقة الحب بين فاطمة وعلي غلام لتسوية الخلاف بينهمـــا والأسراع بالزواج تجنبـــا" للفضيحة !!! ....كان أصـــرار (علي غلام ) على موقفه واضح بأن الطفل ليس منه وهو متأكد من ذلك، تدخل الأقارب والمعارف والوجهاء ورجال الدين لحسم الموضوع دون جدوى وسط أصرار ( علي غلام ) على رأيه بأمتناعه من الزواج ( بفاطمة ).
فشلت كل الجهــود في ايجــاد حل للمشكلة ووصل الأمــر للمحامين من الطرفين وعرضت القضية على احــدى المحــاكم الأسلامية في المدينة أخذت عدة أسابيع بعد أمتناع (علي غلام ) على الحل المطروح وهو الزواج لتصدر قرارها بجلد ( علي غلام وفاطمة ) وأعتبار ان معاشرتهما للبعض بدون زواج هوغير شرعي ويعتبر( زنا ) وفق الشريعة الأسلامية وسط أعتراض ( علي غلام ) الذي يؤكد برائته ولم يعاشر فاطمة فكيف يعاقب بممارسة الزنا !!
أصدرت المحكمة الشرعية في جهرم قرارها بجلد ( علي غلام ) بخمس وسبعون جلدة وعلى ( فاطمة ) بخمسين جلدة رغم علمهم أنها حامل وقد تفارق الحياة في حالة تنفيذ هذه العقوبة وحدد يوم معين لتنفيذ هذه العقوبة في معسكر جهرم وأمام الجمهور ليكون درسا" لللآخرين.
في اليوم المحدد لتنفيذ العقوبة وفي الساعة الثالثة ما بعد الظهر أخذت ميكرفونات المعسكر تذيع الخبر وتطلب من جميع سكنة المعسكر من الرجال التوجه الى الساحة الرئيسية لحظور تنفيذ العقوبة بحق علي غلام وعلى النساء التوجه الى المسرح العسكري القديم لحضور تنفيذ العقوبة بحق فاطمة أمام الجميع ولخلق نوع من الرعب في نفوس اللاجئين المقيمين في المعسكر على حد سواء.
توجهنا الى الساحة مجبرا" وتوجهت زوجتي أم سوزان الى المسرح العسكري لتشاهد عن كثب هذه المأساة الأنسانية، المئات من سكان المخيم بما فيها عائلة ( علي غلام ) وعائلة ( فاطمة) ينتظرون في الساحة للوقوف على عملية التنفيذ، سيارة أسعاف وصلت الساحة وأتخذت مكانها المناسب وهنا أدركنا مدى خطورة عقوبة الجلد، ترجل منها دكتور شاب يلبس صدرية بيضاء ويضع سماعة الفحص حول رقبته، قاضي معمم بعمامة بيضاء ينظم الى جوقة المسؤولين حاملا" بيده مجموعة من الأوراق ويبدوا انها قرار المحكمة وبدأ يتصفحها بهدوء، سيارة سوادء تحمل العلم الأيراني تقف بجانب سيارة الأسعاف وترجل منها ( علي غلام ) وهو مقيد اليدين بالأصفاد يرافقه أثنان من الحرس بملابسهم الرسمية ، رفعت الأصفاد من يديه وطلب منه خلع قميصه وسرواله وقرأ القاضي المعمم قرار الحكم أمام الجميع وسط التكبير بالله من المتخلفين ممن غسلت أدمغتهم بقوانين الشريعة ( ألله ومصلي على محمد وآلي محمد )، تقدم الحارسان منه وربطا يديه على عمود الكهرباء المجاور ثم طلب رجل الدين المعمم من أحد الموجودين تنفيذ العقوبة، أخرج الجلاد من السيارة ( قايش ) شاحنة طويل مفتوح يصل طوله اكثر من مترين وربط مقدمته على ذراعه اليمنى أستعدادا" لتنفيذ مهمته، وهنا بدأ التكبير مرة أخرى ( ألله ومصلي على محمد وآلي محمد ) ونحن بدورنا نلعن هذا النظام وقوانينه.
بدأ الجلاد بتنفيذ عمله بأشارة من القاضي وهو يبتسم ، كان الضربة الأولى موجعة لدرجة كبيرة على ظهر ( علي غلام ) بسبب نشاط الجلاد وقسوته وشدة درجة الحرارة، صرخ خلالها بشدة ... ( يا علي ) أما القاضي فأخذ يعد، واحد ويتبعه المتخلفون المتواجدون بالساحة بالصياح ... واحد... أثنان .... ثلاثة ... ألله ومصلي على محمد وآلي محمد ... وكلما زاد عدد الجلدات يخفت صوت ( علي غلام ) تدريجيا" ولا تسمع منه غير كلمة ( يا علي أمير المؤمنين )، عشرون ... واحد وعشرون... بدأت الخطوط الحمراء تظهر على ظهر ( علي غلام ) وبعضها أخذ ينزف دما" وكلما زادت الضربات كان أكثر صبرا" وتحملا" لغاية بدأ لا يشعر بالألم سوى حركة جسمه اللاأرادية بسبب وقع السوط عليه، لقد خدر جسمه كليا" وأصبحت صرخاته خافتة تدل على الألم الشديد ولكنه كان ذو كبرياء عال لا يود ان يجعل الآخرون يسخرون به لاحقا"، البعض من المقيمين واللاجئين البسطاء عقدوا رهان بينهم بأن ( علي غلام ) سيسقط قبل أن يصل الى الجلدة الخمسين، عائلة فاطمة تهلهل وتصفق أحيانا" أنتقاما" ... وتكبر أحيانا" اخرى ألله ومصلي على محمد وآلي محمد، أنها عملية تعذيب بشعة لمن يشاهدها، أن من يمارس وينفذ عملية الجلد هذه هو بالتأكيد خبير بالتعذيب ويعرف أين يوجه ضرباته ولا يتردد بتعذيب أي أنسان عندما يكلف بذلك.
واصل الجلاد تسليته والقاضي يواصل العد يتبعه رهـط كبير من الحاضرين ...أربع وسبعون .... خمسة وسبعون ... ألله ومصلي على محمد وألي محمد ، أنتهت عملية الجلد فتح رباط ( علي غلام ) من العمود الكهربائي وتوجه الدكتور نحوه وقدم له قدح من الماء ... قائلاً هل انت بخير نرجوك الركوب في سيارة الأسعاف لنقلك الى المستشفى لعلاجك.
نظر( علي غلام ) بنظرة حاقدة الى الدكتور وهو يرفض ركوب الأسعاف وشرب الماء ثم توجه الى القاضي وهو يصرخ بوجهه وسط استغراب الجماهير. ....ـ هل تود المزيد من الجلدات فأنا مستعد لذلك .
وهنا هلهل أخوة وأقارب ( علي غلام ) كدليل على براءة ( علي ) لتحمله العقوبة دون ان يسقط وتقدموا نحوه ووضعوا قميصه على كتفه ونقلوه بسيارتهم الى بيته وهو يشتم القاضي ومن حوله جميعا" أما الآخرين فكانوا يدعون له بالشفاء.
اما في المسرح العسكري وحسب ما شاهدته ام سوزان وروته فقد استدعيت ( فاطمة ) لدخول المسرح وهي مقيدة اليدين وترتدي العباءة السوداء والنقاب، وفي الخارج تم تحضير سيارة أسعاف ودكتورة وممثلة عن المحكمة تلبس النقاب وبجانبها أمرأة ضخمة محجبة، أجبرت ( فاطمة ) على الجلوس على ركبتيها وسط المسرح وأسندت ذراعيها على كرسي خشبي ثم جاء من يقيدها بشدة الى هذا الكرسي، قرأ على فاطمة قرار المحكمة من احدى النساء وطلب من المرأة الضخمة بالتنفيذ .
لا أستطيع ان اتخيل كيف تتحول المرأة وهي الأنسانة الرقيقة الى جلادة وتعرف ان ضحيتها حامل وقد تفارق الحياة بين يديها وأستدرك نفسي أحياما" عندما أتذكر بعض النساء من نفس العقلية والمدرسة الدينية المتخلفة والتوجيه وهن يلبسن الأحزمة الناسفة لتقتل نفسها وتقتل معها العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء في المدن العراقية .
في الضربة الأولى صرخت ( فاطمة ) بصوت عال سمعه الكثيرون وعلى مسافة بعيدة من المعسكر وسط هلاهل عائلة ( علي غلام ) الذين يودون الأنتقام من ( فاطمة ) ووسط التكبير( صلي على محمد وآلي محمد )، لم تستطع ( فاطمة ) تحمل الجلد ولم تتجاوز عدد الجلدات التي نفذت بحقها العشرة جلدات من أصل خمسين جلدة حكمت بها حتى أصابها النزيف الحاد وأجهضت طفلها وأغمي عليها من شدة الألم ونقلت بسرعة الى المستشفى بسيارة الأسعاف، لم تستطع أم سوزان نسيان مشاهد هذه الجريمة المروعة والدماء التي غطت ارضية المسرح لأسابيع عدة لاحقة، أنها عملية قتـل بشعة تمارس بالأنسان بأسم الدين والشريعة.
ومرت الأيام ولم نسمع عن ( فاطمة ) إلا الشئ القليل وكل ما نعرفه عنها من نساء المخيم أنها لا زالت حية وأصيبت بتشوه في كتفها الأيسر وتلف في الرحم يمنعها من الحمل ثانية.... أما ( علي غلام ) فكنا نتابعه من خلال عمله وتواجده في فرن الخبز فقد حل محله شخص آخر لثلاثة أيام بعدها أطل علينا مرة اخرى وهو يمارس عمله كالمعتاد وكأن شئ لم يكن عدا ما نشاهده على ظهره الأبيض من خطوط حمراء وزرقاء وهي من مخلفات عملية الجلـد عندما يخلع قميصه أثناء العمل بسبب حرارة الفرن .... وهو ينظر الينا ويبتسم للجميع ويدرك اننا نتابع أخباره عن بعد.
كندا في 2 / 2 / 2025