ألواح سومرية معاصرة
بمناسبة اليوم الدولي للتسامح الذي يصادفيوم 16 أو منتصف نوفمبر الجاري نرصد خلافات شخصية وخطابات متشددة متطرفة أو راديكالية محملة بالشتائم الشخصية وما ينتقص من الآخر على أنه نقد ومثل هذا من خطاب التعصب والتطرفبين مجموعة وأخرى حزبية أو لتيار أو شعب أو أمة أو عرق أو قومية أو أتباع دين أو مذهب وتتفشى التناحرات القاسية ويبرر بعضهم حمل السلاح بأن ضرورة لسبب ما فيما لا يوجهه للسبب الذي يتحدث عنه بقدر ما يتسبب بوجوده وحمله بإيذاء أبناء وطنه وشعبه ومكونات هذا الشعب وهنا مع هذا التفشي للعنف وذرائعه لا يوجد بالمقابل سوى التسامح للقوي في فكره وفلسفته ونهجه ولكن: أليس من الحق أن يتعرف من ندعوه للتسامح ونهجه إلى وسائل القوة ومواضعها في التسامح؟ أليس من الأنجع أن ننشر وسائل التسامح ومواضعها وكيف يمكن ألا تكون هوانا وخذلانا وذعفا واستسلاما؟؟ ربما وجدتُ الصحة لمتابعة معالجتي هذه في أقرب الآجال بخاصة مع تفاعلات الأحبة مع ما تناولته هنا.. مع بالغ احترامي وتقديري للمتفق والمختلف هنا
أن نكافح خطاب التعصب والعنف والكراهية ودونية الانحدار نحو الشتيمة هو طريق من طرق الحياة القائمة على التسامح فلسفة لقبول الآخر بتنوعاته واختلافاته
تلتبس عند بعضهم الألفاظ ومداليلها؛ فيخلط بين السماح بوصفه ضعفا وانهزاما قد يمرر العداء وعنفه مثلما يدفع بأشكال التعصب لأقصى حال من العدوانية.. فيما التسامح قوة الحِلم والقدرة على العفو والتعامل بلين ولطف وهي سمات ليست قطعا تهاونا في أمر أو قرار ولكنها نهج من مناهج القوة في معاملة الآخر.. وعليه حتى لمن يختار التساهل رديفا لفظيا يحدد به التسامح فإن القصد يكمن في مضامين الصّفح والعفو والإحسان بغفران وتجاوز صيغ الإيغال بخطاب الصرامة والتشدد والتطرف في معاملة الآخر..وإذا كان السماح ضعفا وهوانا يفرض التنازل وخذلان المبادئ الأسمى فإنّ التسامح يجسد قبول الآخر والتخلي عن منطق الانتقام منه لأنه أخطأ باتخاذ سبيل نقد نهجه وخطئه حيث القوة في إمساك النفس وإرادتها وفعلها عن خطاب الثأر والانتقام بنهج العنف المتشدد الموغل في شخصنة الأخطاء.. والمرء يختار التسامح لأن الجميع يُحتمل أن يُخطئ فهل سيقر عندما يقع في زلة أو خطيئة أن يُنتقَم منه أو أن يُمارس العنف تجاهه!؟
إن التسامحَ بهذا التفكير ونهجه هو قبول الآخر بعيدا عن تعامل يقوم على تضخم أجوف لما يتسم به هذا الآخر من اختلاف ثقافي روحي أو عقلي فكري أو عرقي إثني. وهنا نبقى بحاجة لمراجعة أية محددات موضوعية للمنظومة القيمية للتسامح حيث نرصد محمولات فلسفية فكرية للتسامح بأبرز محاورها ممثلة في:
- رفض للعنف وتمسك بنهج اللاعنف وإشاعة التعايش السلمي ونهج تأمين الجميع ومنطق السلام شاملا كل تنوعات وجودنا.
- ولا مناص أن نهج السلام لا يكتمل وينضج من دون منظومة قيمية تُؤسسها وتعليها الديمقراطية وروح المواطنة بمعطياتها عالمياً..
- وسيؤدي هذا بالضرورة إلى تمكيننا من مناهضة العنصرية وأشكال التمييز كافة مع رفض خطاب كراهية الأجانب وعموم الآخرين المختلفين بأي سمة وخصلة..
- ومجمل تلك المحددات القيمية للتسامح ستتطلب اتخاذنا نهج الدفاع عن حرية التعبير وقبول اختلافاتنا وتعددية تمظهراتها ما يتيح فرص تبادل الاحترام والبحث عن الأجدى والأفضل للجميع لا التخلص من أحدنا بلغة العداء والانتقام ورديفاتها السلبية..
- وجميع تلك المحددات نكتسبها بالتعليم والدربة بما يغيّر مسارات حيواتنا ويضعها في مأمن التعاون والتكاتف ومحاربة الهفوات والأخطاء في مناهجنا لا محاربة بعضنا بعضا..
إذن، (التسامح) نهج للقوة الفكرية الروحية ما يوفر فرص احترام الآخر والقبول به مع عميق التزام منطق التقدير للتنوع الثرّ لمجمل الثقافات المتاحة في عالمنا وأشكال تعبيرها عن مجمل الصفات الإنسانية عند بني البشر جميعاً. وهذه الخصال والمبادئ تبقى مؤشرا للقوة والاقتدار في مجابهة هفوات الضعف وزلات الهوان التي تعصف ببعضنا وتجعله يفقد السيطرة على اندفاعاته ويثور غاضبا للانتقام ربما حتى تجاه نصيحة لم تعجبه أو فهمها خطأ أو بسوء تقدير وتفسير أو التباس.. وبالمناسبة فإن ما يرد هنا إنما يستند إلى خطاب جسَّده إعلان المبادئ بشأن التسامح..
وعليه فإن التسامح الذي أُكثِرُ من الحديث عنه في حقيقته قرار داخلي لكل امرئ ليتخذ منه في الواقع حالة ثقافية روحية لنهج ذهني بمنطقه العقلي العلمي ولوعي الإنسان بأنضج مستوياته ودرجاته.. ويتحقق هذا الوعي وقراره الإرادي بأن يدرك الإنسان المتسامح بأن التنوع الثقافي منه ومجمل مظاهره الأخرى، إنما يمثل سبب إثراء للبشرية لا ذريعة خلاف و\أو انقسام وتضاد واحتراب؛ بمعنى أن يغتني إدراكنا لكل ظواهر الاختلاف والتعددية والتنوع لتكون عندنا حالا طبيعية لأنها تجسد بصمات البشرية بكل غنى تنوعها وثرائه..
إنَّ التسامح ليس حبيس منظومة معرفية مسطحة بل هو عمق فكري فلسفي يشكل بمستواه الفلسفي سمة تلازم الشخصية فتمكنها من فحص الآخر والصبر على معاينته والبحث في نهجه بهدوء وموضوعية وبلا شخصنة للاختلاف معه أو لمعاملته هو ووجهة نظره كأنهما واحد فنسلبه حق من حقوقه الإنسانية.. ففي ميدان حقوق الإنسان تؤكد فلسفة التسامح على ما أشرنا إليه من قبول الاختلافات ومن ثمَّ احترام حقوق الآخرين في امتلاك تصوراتهم التي هي وحدها ما يحق لنا مناقشتها بهدوء وموضوعية ومن دون مساس بالآخر نفسه وبطابع اختلافه معنا..
إنَّ قبول الآخر على الرغم من اختلاف رؤاه، سيؤكد علينا بضرورة تجنب أية محاولة لفرض رأي أو آخر عليه بصورة مخصوصة ما يجنّبُنا احتمال الاعتداء على حقوقه وهذا لا يعني التنازل عن رؤانا فمثلما نحترم رؤى الآخر نتمسك برؤيتنا أو رؤانا من دون تحول إلى اصطدام أو احتكاك سلبي عدائي من أي نمط أو نوع..
والآن لابد من الوصول إلى أرض كثر فيها الصراعات والأزمات وأشكال العنف والانتقام والثارات المنطلقة من أشكال الخصام والتدني بالخطاب لمستوى الشتائم ودونيتها والإغراق في التعصب لرؤية قد يظهر أنها هي الخطل وأكبر خطأ ولات ساعة مندم أو على أقل تقدير سيصدمنا حجم التضحيات بخلفية التعصب والانحياز والعداء ومنطق العنف وحروبه..
وعليه فالعنف في زمننا قد يبدأ صغيرا وهامشيا ولكنه سرعان ما يسري ويتفشى وينتشر كالنار في الهشيم إن هذا العنف نقمة علينا جميعا وليس على طرف أو آخر لوحده فليعلو صوت التسامح محبة ومودة وتعاونا للوصل إلى الأكثر صوابا وصحة وسلامة بدل أن يحطم طرف طرفا آخر وينهك وجوده ويستنزف من بقي معلولا بمختلف نتائج الاحتقان وتفجرات العنف ونقمته منا..
وأن تكون لطيفاً خير من أن تكون عنيفاً لأنك تختصر وسائل تغيير ما تراه مثلبة أو هفوة أو خطيئة. فلنقل معا وسويا لا لكل أشكال العنف ولنتخذ من السلام والوئام وتضافر الطاقات والجهود طريقا .
وطريقنا للتسامح يبدأ بتفهم الآخر وقبوله وبنهج التفاهم والاحترام وإمساك النفس عن خطاب الشتيمة والانتقاص من الآخر بسبب خطأ أو زلة . فحيثما سمحنا لأنفسنا بما يجعلنا نرتكب منطق العنف أبعدنا فرص التسامح . عنا وفقدنا أسباب الاستقرار والسلم الأهلي ووقعنا بمصيدة الاشتراك مع مشعلي الحرائق والمتسببين بإثارة نزعات التعصب والتشدد وإطلاق فواعل الحروب ومصائبها. فلنبدأ اليوم طريق التسامح بالمحبة والتآخي ولقاء القلوب والأفئدة والعقول ناضجة حرة من قيود وأغلال وأصفاد بلا منتهى..
إنه التسامح هو منقذ البشرية وطريقها على ربيع حياة بهية يفخر بها الجميع لا ضعيف فيها يمكنها أن يدس دسائسه ولا من تهون نفسه فينشر وباء تشدده وتطرفه هذا التسامح قوة وقدرة وطاقة حيوية تجدد قيمنا في الأنسنة لا بمنطق الغاب.
ألا إن من سامح ويسامح هو مثال العفة قوية بهية باقية بأثرها وتأثيرها بلا أسلحة دمار وخساراتها الفلكية المهولة بكل فظاعاتها.. القوة للسلام للتعايش والتآخي وقبول الآخر بكل تنوعاته وبلا منتهى لهذا التنوع والاختلاف ونحن من يحدد أنريده خلافا وصراعا تخريبيا مدمرا أم تنوعا يضيف ويبني بتبادل رؤيتيه عبر منظومة التسامح ومجددا لا خشية لمتسامح من أن يفقد رؤيته ويتبنى رأي الآخر الذي تسامح معه لكن القوة أنه قبل هذا الآخر واشتغل على حوار سلمي عميق ممعنا في محاولته الوصول للأجدى والأنفع والأسلم..
فهل أروع من هذا.. لك كل الحق في إنضاج ما ورد هنا والتفاعل بما تراه وإلى لقاء
From: telskuf <عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. >
Sent: Saturday, October 25, 2025 1:40 PM
To: Tayseer Abdul Jabbar Al-Alousi <عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. >
Subject: Re: بين انتشار السلاح ومنطق العسكرة وانفلات استخدامه وبين ضبط الأمور\\ للتفضل بالنشر مع التقدير
Sent: Saturday, October 25, 2025 1:40 PM
To: Tayseer Abdul Jabbar Al-Alousi <
Subject: Re: بين انتشار السلاح ومنطق العسكرة وانفلات استخدامه وبين ضبط الأمور\\ للتفضل بالنشر مع التقدير
شكرا استاذ
نحن من نشكرك لانك تغني الموقع مواضيع مهمة جدا للوضع العراقي وللقراء
نتمنى الاستمرار في رفد الموقع بروائعك
موقع تللسقف
On Saturday, October 25, 2025 at 12:10:18 PM GMT+3, Tayseer Abdul Jabbar Al-Alousi <عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. > wrote:
أتقدم بدوري ببالغ الشكر والتقدير لجهودكم المثابرة المهمة في النشر وتوسيع الوصول إلى جمهور قراء وفعل تنويري جد مهم بالغ احترامي وتحياتي وأثمن عاليا روعة الأداء
--
DR. TAYSEER A. AL-ALOUSI
يُرجى الانتباه على أية مراسلات قد تكون عشوائية، أعتذر بتلك الحال عما يرد بسبب خارج السيطرة لاحتمال الاختراق
From: telskuf <عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. >
Sent: Friday, October 24, 2025 9:13 PM
To: Tayseer Abdul Jabbar Al-Alousi <عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. >
Subject: Re: بين انتشار السلاح ومنطق العسكرة وانفلات استخدامه وبين ضبط الأمور\\ للتفضل بالنشر مع التقدير
Sent: Friday, October 24, 2025 9:13 PM
To: Tayseer Abdul Jabbar Al-Alousi <
Subject: Re: بين انتشار السلاح ومنطق العسكرة وانفلات استخدامه وبين ضبط الأمور\\ للتفضل بالنشر مع التقدير
شكرا جزيلا استاذ تيسير
موقع تللسقف
On Friday, October 24, 2025 at 05:07:39 PM GMT+3, Tayseer Abdul Jabbar Al-Alousi <عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. > wrote:
بين انتشار السلاح ومنطق العسكرة وانفلات استخدامه وبين ضبط الأمور وتركيز الموازنات على التنمية وأمن الإنسان وتلبية حاجاته
— ألواح سومرية معاصرة
في الأسبوع العالمي لنزع السلاح تتضاعف النداءات بالمستويات الوطنية والإقليمية والعالمية الدوليية من أجل ربط قضايا نزع السلاح بمنظومة الأمن والسلم وطنيا دوليا ويوم نستطيع وضع وثائق بالمستوى الوطني للسلم الأهلي والمصالحة وتبادل الثقة بين جميع الأطراف المؤمنة بالبناء والتنمية وتلبية مصالح الشعب يومها يمكننا أن نكون جزءا من الحلم البشري لجميع الشعوب بتحقيق السلام بيين بلداننا وشعوبنا وحل القضايا العالقة والأزمات حتى المستفحلة المزمنة بالحوار والمفاوضات وبالحلول السلمية طريقا ومنهجا.. وعراقيا نحن أحوج ما يكون اليوم لاستباق الحدث ومخاطره ونزع أسلحة منفلتة وميليشياوية وتركيزها بيد الدولة التي ينبغي أن تقوم حينها على سلطة القانون والعدالة ما سيكون خير وسيلة لنزع فتيل أية تهديدات للبلاد والعباد، وهي تهديدات قائمة بوضوح وعالية الصريخ مقابل أصوات السلام التي مازالت محاصرة معرضة للابتزاز والتحجيم بمختلف الوسائل الإرهابية فضلا عن عراقيل وعي الواجب المناط بنا وسلامة اختيار طريق السلام.. فهلا تنبهنا إلى موضوعات أسبوع نزع السلاح وجعلناها افتتاحية لنداء السلام ونزع السلاح في بلادنا والمنطقة والعالم؟؟
في الأسبوع العالمي لنزع السلاح كيف سننفذ الرؤية ومطالبها وننتهي من الأسلحة لنركز الموازنات على التنمية وخلق بيئة تلبي حاجاتنا
في بلدان مثل العراق كان الأصل لآلاف السنوات والأعوام مسيرة حضارية، استطاعت التأسيس لمهد التراث الإنساني وكفلت تلك الحضارة مجد الإنسان بعد حياة مستقرة استطاعت بناء دولة المدينة الأولى.. لكن مع سقوط الممالك والدول بأيدي الوحشية تغير المسار من تركيز على العقل وبناء الشخصية البشرية السوية إلى حيث حياة غابوية تسلط فيها العنف وأسلحته الدموية وانفلاته ببشاعات وفظاعات بلا حساب!
الكارثة أن الدولة العراقية المعاصرة بعد عقود ولادتها وشيء من المسار الأقل عنفا انقلبت الأوضاع فيها بعد العام 22003 والتغيير الراديكالي نحو تفكيك الوجود المؤسسي الرسمي بذريعة إنهاء أدوات النظام والانتقال للبديل؛ لكن هذا البديل لم يبنِ دولة ولا مؤسسات بل فتح الأبواب على مصاريعها لتشكيلات ميليشياوية بلا عدد وانتشار السلاح بأيدي من هب ودب ومع ضعف المؤسسة الرسمية حلّ الانفلات الأمني وتفشي العنف بمستويات قياسية بدءاً بالاغتيالات والتصفيات لكل صوت (تنويري) يعارض سلطة الأمر الواقع بكل سمات انحرافاتها وأضاليل ما تعتمده من أباطيل بجانب العيش في (حارة كلمن إيدو إلو) حيث الوحشية وقانون الغاب والثأر والانتقام يتحكم في الشأن العام..
ومع تبعية القرار الرسمي العراقي لأطراف متأثرة بعبثية مسمى مرجعيات إقليمية و\أو دولية؛ فقد ارتهن القرار السيادي العراقي بالدور التخريبي لطرف إقليمي مكشوف الهوية كونه الراعي الرسمي للتشكيلات المسلحة غير الشرعية وفوق سلطة القانون والدولة ومؤسساتها، مثلما جرى الأمر في اليمن ولبنان وطبعا العراق الامتداد الجغرافي للجارة التي دأب البعض أن يلقبها أو يسميها بـ[الأرجنتينية] خشية التسمية المباشرة حيث أدخلت تلك الجارة المنطقة والعالم بصراعات دفعت المنطقة أولا لدوامة (تسلّح) بمستويين: ميليشياوي عجيب غريب وصل الحد فيه، أن تمتلك بعضها أسلحة استراتيجية هجومية ثقيلة مثل الصواريخ البالستية ومستوى الدول التي ركزت في التسلح على حصص ثقيلة الوطأة على الموازنات العامة في البلاد..
وانطلق سباق التسلح الإقليمي بمستوييه وتصاعدت أرباح سوق السلاح غير الرسمي في ظرف عالمي يمتلئ بنداءات نزع السلاح لإطفاء بؤر التوتر ومعالجة أسبابها وتأمين مستقبل البشرية وشعوب المنطقة والعالم.. وجرّت تلك الدولة المارقة راعية الإرهاب بمسميات التخفي والتضليل مثل شعارات المقاومة وما إلى ذلك ما لا يمس الحقيقة في موضع، جرّت المنطقة لحروب وأزمات بلا منتهى لدوّاماتها التي أفرغت ميزانياتها على ما أسموه سلاحا في إطار اختلال توازن خطير بين أسلحة الذكاء الصناعي والتكنولوجيا الأحدث وبين أسلحة البارودة من جيل يعود للحربين العالميتين الأولى والثانية وهي أسلحة أما منتهية الصلاحية أو لا تقفل على أهدافها التي تنال منها بسرعة خاطفة بالعائدية لمنطق تعقيدات تكنولوجية مختلفة نوعيا..
لقد أعلن المقاتلون الأقحاح الصادقون في حمل هوية المقاومة الشعبية الأمينة الوفية لشعبها وللإنسان عن استبدال منطق السلاح، نهج الرصاصة التي لم تعد فاعلة في مقاومة نظام مدجج بأحدث الأسلحة فيما تضر بالناس الأبرياء وهم ليسوا أهدافا للمقاومة الحقيقية فيما يصر الدجالون مدعو دعم المقاومة وتبنيها على خوض معارك شرسة الخاسر الوحيد فيها هو الفدائي المضلل وطبعا قبله وبعده الشعب والبلد الذي تجري فيه المعارك..
ومن هنا نجد إصرار بعض قادة متشددين في حزب لبناني معروف بتمسكه بالمرجعية الإيرانية على مواصلة معركة لم يخسروها بمقاتلين وأسلحة حسب، بل جعلوا لبنان شعبا وحكومة يدفعان الثمن باهضا من خراب وتكاليف بشرية ومادية بلا حصر.. وهم يدركون أن أي فصل آخر من تلك المعارك سيكون أشد وطأة ونكبة كارثية للشعب وللمنطقة بما لم تعد الشعوب تحتمل تلك الخسائر المتوالية فيما سيكون طريق نزع سلاح الحزب والعمل السياسي المؤمن بالقانون والمتمسك بتنفيذه هو طريق قوة للدولة التي يمكنها وحدها عبر دبلوماسية مناسبة استرجاع الحقوق ووقف العدوان أيا كان مصدره وطابعه بخلاف منح الذرائع بطريقة التخادم التي تُبقي على العدوان وتُذكي أوار حرائقه وتوسع نكبات تخريبه وتدميره..
وعراقياً، سنجد أن الوجود الميليشياوي واستمرار اعتماده نهج التسلح وإفشاء انتشار الأسلحة باختلاف أنواعها ومنها المتوسطة والثقيلة هو ما يواصل توريط البلاد بأزمات تُحبط فرص البناء والتنمية وتضع مقاليد الأمور بأيدي الرعونة تخريبا وتدميرا في الوطن وبناه كافة وتقتيلا بالأبرياء بلا حصر للمستهدفين.. وعلى الرغم من كل التصريحات الخاصة بإنهاء معضلتي السلاح المنفلت والتشكيلات خارج القانون إلا أن الحلول لم تنجح حتى في الحد من المعضلة التي تحولت لقضية بنيوية هددت وجود الدولة ووحدة البلاد وأكثر من ذلك فإن البديل مازال يراوح بلا إرادة أو قدرة على حسم موقف أو حتى مجرد اتخاذ قرار موضوعي يُنهي تلك التشكيلات المنفلتة الوقحة، لأن البديل يتحدث عن إبقاء التشكيل بجسمه التنظيمي في إطار بنية المؤسسة القانونية العسكرية والأمنية ما منحه سلطة من داخل الدولة لتعطيل القرار الرسمي ومصادرته أو لعرقلته ومنع أداء دوره المعمول به في أي دولة تحترم نفسها ولها القدرة على احترام شعبها وحماية مصالحه..
فلطالما هتف الشعب (إيران برّا برّا بغداد تبقى حرة)، لكن حكومة بغداد طوال سلطتها منذ 2003 لم ولا تجرؤ على تلبية إرادة الشعب في استقلال الإرادة والسيادة؛ والحقيقة أن تشكيلها لا يتم من دون تدخلات القائد المرجع لتلك الشخوص التي يعاد إنتاجها في كل دورة من الدورات يسمونها انتخابات وهي ليست سوى تكريس اقتسام سلطة بين أطراف معلومة ومعلوم مرجعيتها..
والآن ماذا بشأن نزع السلاح وبحال تحققه هل يساهم ذلك في تأمين مستقبل الشعب، بل المساهمة في تأمين مستقبل البشرية جمعاء؟
لابد بدءاً من القول: إنَّ اعتماد الأمم المتحدة لتاريخ تأسيسها موعدا لإقامة أسبوع نزع السلاح إنما يأتي بقصد تعزيز الوعي الجمعي وتحسين إدراك المجتمع الدولي لأهمية (نزع السلاح) والمعاني الشاملة لهذي القضية الخطيرة الكبرى. ويبدأ أسبوع نزع السلاح يوم 24أكتوبر، ويستمر بفعالياته لمدة أسبوع. ومنذ عام 1978 انطلقت نداءات نزع السلاح والاحتفال بالقضية وجهود معالجتها بصورة شاملة. ولقد أكدت الأمم المتحدة بجمعيتها العامة في العام 1995، على ضرورة تفعيل مشاركة الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، في فعاليات أسبوع نزع السلاح على وفق نص (القرار 50/72 باء، المؤرخ 12ديسمبر1995) من أجل إذكاء إدراك الجمهور وفهمه ووعيه بقضايا نزع السلاح ووسائل تحقيق ذلك. وهنا نعود للتذكير بأن أفكار حمل السلاح وامتلاكه وحشد القوى بل إخضاع العقل ومنطقه لوحشية السلاح كان ومازال مما يتعارض وهذا النداء الأممي وحتى استمرار الدفع نحو تبني خطاب تسليح الصراعات والأزمات إنما تدخل في معاداة السلام وتخريب تطلعات البشرية في التفرغ للبناء والتنمية.. وأكثر ما نشاهد هذه الخطابات المتهورة إنما تتصاعد حيث استغلال أحط الانفعالات وسط بني البشر لاستدراجها نحو تشكيلات وحشية متطرفة متشددة الأيديولوجيا بمسميات تدعي الدفاع عن حق أو مقاومة ظلم بالرصاص والعنف والدم!
لقد سعت الشعوب وبلدانها أو دولها على مر التاريخ إلى نزع السلاح من أجل التفرغ لبناء عالم أكثر أمنا وأمانا ولحماية البشرية من أي أذى تتسبب به حالات الصراع المسلح. ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وما تعلمته البشرية وجميع شعوب الكوكب منها من دروس قاسية، ومنذ تأسيس الأمم المتحدة، توجهت الجهود كافة لنزع السلاح وبمراحل قد يكون من بينها تحديد الأسلحة أو حصر من يمتلكها ما لعب دوراً حاسماً في كبح جماح كثير من الأزمات والصراعات العنيفة بل إنهائها قبل مزيد خراب وضحايا. وبات بوجود المؤسسات الدولية وخطاب السلام الأممي منهج حل المشكلات المعقدة ومنع تفاقم التوترات والحد من مخاطرها وتهديداتها المتزايدة اعتماداً على الحوار السياسي الجاد والمفاوضات عوضا عن استخدام الأسلحة.
ومع ذلك ما تزال أسلحة الدمار الشامل، ولا سيما الأسلحة النووية، مصدر قلق رئيس نظرا لقوتها التدميرية ولتهديدها للبشرية بإحداث الإبادة الجماعية. ويهدد أيضا مزيد تراكم مفرط للأسلحة التقليدية الثقيلة منها بالخصوص مصير البشرية والأنكى فإن الاتجار غير المشروع بمختلف أنواع الأسلحة حتى منها القنابل القذرة يهدد السلم والأمن الدوليين مثلما يُصادر أية فرصة للتنمية المستدامة، مثلما تهدد تلك الأسلحة بضمنها التقليدية الثقيلة أؤكد تهدد المدنيين الأبرياء من غير المنخرطين بتلك الصراعات. فيما باتت تقنيات الأسلحة الجديدة والناشئة الأمن العالمي الأمر الذي دعا المجتمع الدولي لإيلاء اهتمام متزايد بها في حقبة ظهورها الأخيرة.
إن عوامل وأسباب كثيرة تدعونا لاتخاذ تدابير منع انتشار السلاح بالمستويات المحلية أم الإقليمية والدولية وتفرض واجبا ملزما أن يتم اتخاذ كل التدابير لنزع السلاح ولعل من تلك الأسباب والدواعي الآتي:
- صون السلم والأمن الدوليين.
- دعم مبادئ الإنسانية لحماية المدنيين ومنع انفلات الأمور وسطهم أو هز الاستقرار داخل البلد أو بين البلدان.
- الالتفات إلى تعزيز التنمية المستدامة.
- استعادة الثقة بين الدول وداخل الدولة بين الجماعات والمكونات المتنوعة.
- نزع السلاح يوفر فرصة أكبر لمنع النزاعات المسلحة وإنهائها كليا.
- يلزمنا مغادرة أوهام أو أحلام نزع السلاح بإطلاق عبارات للاستهلاك المجاني بينما سيكون مهما أن يكون ذلك في إطار خطة أشمل تكون جزءا لا يتجزأ من نظام أمن جماعي موثوق به وفعال وقابل للرصد والمتابعة وتلبية المحددات.
وفي إطار تحقيق مبدأ نزع السلاح لتأمين مستقبل البشرية؛ فإننا بمجابهة واجبات بعينها حيث نحيا اليوم في عالم تهدده أسلحة الدمار الشامل والأسلحة التقليدية وجديد الأسلحة مما أدخلنا في الحرب الإلكترونية الناشئة ، ينبغي أن نعزز الاتفاقات الثنائية ومتعددة الأطراف بالمستويات المحلية والإقليمية والدولية بجانب التوجه لصياغة وثيقة أممية دولية تحدد المهام ومراحل تلبيتها ووسائل مراقبتها في أجندة ربما جاء جانب منها في رسالة الأمين العام السيد غوتيريش بشأن استكمال خطى نزع السلاح لإنقاذ البشرية وإنقاذ الأرواح وتأمين مستقبلنا المشترك.
وأذكر هنا بإنشاء مكتب شؤون نزع السلاح بكل مراحل مسمياته وسعيه لإعادة مهمة نزع السلاح إلى صميم الجهود الدولية المشتركة من أجل السلام والأمن.
ولكن ماذا بشأن السلاح المنفلت في العراق وبعض دول المنطقة؟ وماذا بشأن التشكيلات المسلحة خارج سلطة الدولة من ميليشيات وعصابات منظمة وغيرهما؟ وماذا بشأن رعاة هذه الفوضى بمختلف مسمياتها ومرجعياتها وهويات خطاباتها؟ وماذا بشأن رعاية الدولة رسميا وتبنيها تلك التشكيلات ليست الميليشياوية المدعى خضوعها للقانون ولسلطة القائد العام والمسماة بالوقحة أو المنفلتة وغير المنضبطة أقول ليس هذه حسب بل تلك المنضوية تحت مسميات تشكيلات عسكرية تدعى أذرع العشائر وحمايتها!!؟
إننا بحاجة لميثاق وطني شامل يؤكد إدراج نزع الأسلحة وحظرها على الأفراد والجماعات والتشكيلات ي إطار نداء السلم الأهلي والمصالحة الوطنية التي ترعى كل من يوافق عليها وينفذها ويلبي خطوات الأداء بسقف زمني محدد وأن تنهض دولة القانون والمؤسسات الرسمية بفرض نزع سلاح من يرفض الانصياع للإرادة الوطنية الموحدة ولسلطة القانون ومطالب الأمن والسلم الأهلي فلا أرض لحملة السلاح خارج نطاق القانون والعدالة والسلام وطنيا وبمرحلة موازية تسعى الدولة لمواثيق السلام بالمنطقة والانخراط بمشروعات إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية والكتلوية جميعا على التوالي مع الحد من التسلح في إطار ضمانات للسلام بالمنطقة والعالم..
وليكن من بين مفردات أي طرف سياسي يرشح في الانتخابات أن يوقع ميثاق السلم الأهلي ونزع الأسلحة والانخراط بمشروعات السلام العادل بالمنطقة..
فهلا اتعظنا؟ أم أننا ما زلنا نرى في السلاح عزوة وثقافة لمنطق العنف الذي نتبناه؟؟؟
اختاروا السلم الأهلي ومسيرة البناء والتنمية والتقدم أو السلاح والحروب ومن ثم الخراب والانكسارات.. أيهما نريد؟ ثقتي وطيدة بأن أنصار السلام طريقا لتلبية الحقوق والحريات هم الأغلبية بعد كل دروس الخراب والدمار ومعاني ما يفعله السلاح من حماية الفساد ومجرميه