اضاءة على المشهد العربي / الدكتور سمير محمد ايوب     

عن حكامٍ عَرَب

 قبل أيامٍ ، على هامش فعالية ثقافية عن فلسطين ، مع قهوة الإستراحة ، كنتُ أستكمل مع صديق شاب من جيل أحفادي ، دردشة عن فلسطين وحكام العرب .

 دردشة كنا قد ابتدأناها سوية ، عبر شبكات التواصل الاجتماعي ، يوم محاولة ألإدارة ألأمريكية ، إستكمال إغتيال فلسطين ، في صَفاقَةِ ترامب عن القدس .

 سرعان ما تحلّق حولنا ، جمع من رفقاءه الصبايا والشباب ، طلبة قسم العلوم السياسية ، في أحد الجامعات الأردنية . سألني أحدهم وهو يُجدِّدُ لي قهوتي ، عن حاكم عربي في مكان ما ، في دهاليز الأحراش العربية ، الممتدة من الماء الى الماء .

 أجبته مبتسما وأنا أغامزه  : المومى إليه يا ولدي ، هلامي رجراج كصحن المهلبية ، لزج كالمخاط ، بهلوانُ أُلْعُبان ، في كل عرسٍ له قرص . وفي كل عنوان له مكان .

 قالت دهقونتهم المحاذية لي ، وهي تعدل نظارتها الطبية فوق أرنبة أنفها : صنِّفْهُم لنا .

 قلت متسائلا ، وأنا أعلم علم اليقين من تقصد : أصنف من ؟

 قالت متخابثة وإبتسامة بَيِّنَةٌ تتراقص فوق صفحات وجهها العريض ، وفي عينيها التي تشبه فوهات بنادق الثوار : شو ، هالقد طلبي صعب ؟ ليتك تصنف لنا حكام العرب المعاصرين على الأقل ؟

 عاقد الحاجبين ، تلفت يمنة ويسرة ، بحثا عن مخرج من عش الدبابير او حقل الألغام ، ألذي زجتني به الدهقونة بذكاء متخابث . 

 فكرت قليلا ، قلَّبْتُ الأمر ثم إهتديت قائلا : تعرفون كلكم ، مقياس ريختر للزلازل . مقياس معتمد ولا يُحاجَجْ . فلسطين من النهر إلى ألبحر ، قنطرةٌ بين كل قومي في الوطن العربي الأكبر ، وكل قطري في المواطِنِ ألعربية الصغرى . وفق مقياسها ، تعنون ألأمور وتحدد ألإتجاهات وتوزن النوايا وتُفْهم . مقياسها في الصواب والخطا ، والتفريط والتخاذل والتهاون والعجز والخيانة لا يَضِل ولا يُضَلِّل . بوصلة فلسطين كما ثَبُتَ ، بالقطع أدق من ريختر وكل عشيرته وصحابته .

 وفق ريختر فلسطين ، يمكن القول ، أن ألحكام العرب ، بالإختيار أو بالقضاء ليسوا سواء .  منهم نوع باق برضا الغرب ؛ وبعض ثابت كالطود برضا الرب . وبقاء بعضهم  منوط برضى الجيش . ونوع باق برضا الشعب . وبعض برضا أمريكا ، وبعضهم برضا الصهيونية والماسونية .  وبعضهم برضا الكاز والزفت والرمل والملح والقلق . وبعضهم لَمَمْ مثل طبيخ الشحادين ، شوي من هون وشوي من هون . أو قُل مثل خبز الصاج ، ما بتعرف لُه وِشْ من قَفا . وبعضهم لا في العير ولا في النفير ، مثل إقْحاطِة طناجر الرز لمن ينشعط قاع الطنجره .

 أنفجروا في ضحكة كالرعد ، وقالوا بصوت واحد : الله لا يوطرز لك ربك يا شيخنا . والله ريختر فلسطين ، فعلا أدق من ريختر الزلازل . ما اوضح تصنيفك وما اسلسه . إعرفناهم واحدا تلو الآخر . واللي على راسه ريشه ، يتحسسها الليله  .

 الاردن – 7/1/2018