متابعة ـ   الصباح

*   عن ثقافية الصباح البغدادية عدد يوم ١٦ /١/ ٢٠٢٣

 بدعوة من بلدية مدينة كوتكا (135 كم جنوب شرق العاصمة هلسنكي)، وبالتنسيق بين مكتبة كوتكا الرئيسية، مكتب خدمات الثقافة والنشاطات في مدينة كوتكا ومكتب خدمات الهجرة واللجوء، تمت استضافة الكاتب يوسف أبو الفوز، في مكتبة المدينة، في حوار مفتوح للحديث عن تجربته الأدبية في فنلندا، واخر اصداراته الروائية. شهدت الأمسية حضورا متميزا، ساهم فيه العديد من مثقفي المدينة، وبمشاركة رئيسة الحزب الشيوعي الفنلندي السيدة ليزا تاسكينين، وادار الحوار فيها، وحاور الكاتب الضيف، ببراعة مدير النشاطات الثقافية في مدينة كوتكا، السيد تومي بوروفارا.  

تحدث الكاتب أبو الفوز عن أهم المواضيع التي كتب عنها قصصا وروايات، وتناول أهمية استقراره ونشاطه الادبي في فنلندا، من بعد اضطراره لمغادرة بلده لأسباب سياسية، ورحلة متعبة بين العديد من البلدان، تعرض في بعضها للسجن والاحتجاز. وتحدث عن كتابه (طائر الدهشة)، صدر في دمشق عام 1999، الذي ترجمه الدكتور ماركو يونتنين الى اللغة الفنلندية وصدر في هلسنكي عام2000، وتحدث عن كون الهجرة واللجوء، وما يتبعها من موضوعات الهوية والانتماء والمجتمع المتعدد الثقافات، أصبحت أحد اهم المحاور في رواياته التي صدرت لاحقا.

أثارت الأسئلة من المحاور الأساس والجمهور محاورا عديدة، تناولت موضوعات مثل مكانة ودور الادباء الذين يكتبون بلغتهم الام عن موضوعات تهم المجتمع الفنلندي وعلاقتهم بالحركة الثقافية في فنلندا، واقع الترجمة والصعوبات التي يواجهها الكاتب من أصول اجنبية لإيصال كتاباته الى القارئ الفنلندي، الأسلوب الذي يلجا اليه الكاتب لشد القارئ لمواصلة قراءة كتابه، دور المثقف في المجتمع خلال الازمات، مفهوم التعدد الثقافي في المجتمع ودور المثقف في تعزيز ذلك.

وردا على أسئلة تتعلق بروايته الأخيرة (جريمة لم تكتبها اجاثا كريستي) أشار الكاتب الضيف، انه كتبها بأسلوب بوليسي تشويقي، لتتناول أحداثا جرت في فنلندا تزامنت مع موجة هجرة العراقيين إلى أوربا بين عامي 2015 و2016. وتتحدث الرواية عن جثة امرأة مقتولة وجدتها الشرطة الفنلندية في الغابة، ما يدفعها لاستجواب الشهود والمتهمين، الذين بينهم عراقيون، ليجد هؤلاء أنفسهم متورطين في جريمة قد تقود إلى جريمة أكبر .وأضاف الكاتب أن روايته سعت لتسليط الضوء على معاناة الشباب العراقي وهمومهم جراء انتقالهم إلى بيئة وثقافة مختلفة وإقامتهم في مراكز استقبال اللاجئين، موضحا أن الرواية تحلق في فضاءات الهموم العراقية، وتدين القوى الفاسدة وطغيانها وتحكّمها في مصائر الناس ومصادرتها حقوقهم (فالجريمة هنا لن تكون فقط قتل انسان وسلبه حياته، بل مصادرة حقوقه ووطنه ومحاولة تحطيم أحلامه. لكن الانسان يمتلك دوما الأمل والفرصة للنهوض وبناء حياة جديدة أفضل)، وبين الكاتب ان الرواية حاولت تسليط الضوء على تأثير موجة الهجرة على المجتمع الفنلندي ونشاط الجماعات العنصرية وتدين ممارساتهم وسياستهم التي تهدد وحدة المجتمع الديمقراطي في فنلندا واستقراره.

وكانت أسئلة الشباب من الحضور تتعلق بكيفية اختيار الكاتب موضوعاته وكيف يبني شخصياته، وأشار أبو الفوز، الى ان خيال الكاتب هو الأساس في بناء الشخصيات الروائية، وهو حين يلجأ الى الخيال لرسم شخصياته المبتكرة فأنه يجمع أجزاءها ويستلهمها من شخصيات الناس المتواجدين حوله لتكون في النهاية (تشبه الجميع، ولا تشبه أحدا) على حد وصفه، وأشار أبو الفوز الى انه يرى ان مهمة الادب  هي إثارة الأسئلة، وهو يحترم القارئ ويعده  ذكيا بما يكفي لإيجاد الأجوبة بنفسه، لذا هو يعتمد حبكة تدفع القارئ للتفكير ، لهذا يترك نهايات اعماله مفتوحة بدون نهاية محددة.

في ختام الأمسية، التي تجاوزت الوقت المقرر لها، وقع أبو الفوز العديد من نسخ كتبه التي اقتناها الحضور والتقطوا الصور التذكارية مع الكاتب الضيف.

 

رئيسة الحزب الشيوعي الفنلندي ليزا تاسكينين (في الوسط)