مازالت تتفاعل قضية الحدود العراقية – الكويتية. وهي ليست وليدة اليوم وتفاقمت بعد غزو النظام المقبور لدولة الكويت ، وما ترتب عليه من تداعيات وقرارات دولية جاءت عموما فيها غمط لحقوق العراق في أراضيه ومياهه ، خصوصا وان اطلالة العراق محدودة المساحة على الخليج وهي قد ضاقت كثيرا ، كذلك  الامر فيما يتعلق بالابار النفطية التي تدعى مشتركة ، وأيضا ما يخص الصيد في مياه الخليج .

وقد وافق النظام المقبور على تلك الاتفاقات، وسارت الحكومات التي أعقبت نيسان ٢٠٠٣ على هذا المنوال.  وانعكس ضعف الدولة العراقية ، والإرادة الوطنية ، والمصالح الضيقة على قرارات اللجان المشتركة التي مالت لصالح طرف على حساب مصلحة وسيادة البلد وحرمة أراضيه ومياهه ، ومن ذلك اللغط الذي اثير بشأن توقيع العراق عام 2013 على اتفاقية تنطوي على تفريط بأراض عراقية تخص ترسيم حدود خور عبد الله مع الكويت ومصادقة البرلمان العراقي عليها ، ونفي الحكومة العراقية لاحقا لوجود مثل هذه الاتفاقية.   

ان هذه التجاوزات حتى على  ما جاء في تلك القرارات الدولية ، لا تعكس رغبة حقيقية في نسيان  ما حصل ، والمسؤول عنه بالدرجة الأساسية   نظام دكتاتوري متهور، وهو بتصرفاته وسلوكه العدواني قد اضر بمصالح الشعب العراقي ، قبل غيره من شعوب المنطقة .

قلنا عندما صدر قرار مجلس الامن ٨٣٣ لسنة ١٩٩٣ بان ترسيم الحدود لا يفترض ان ينطلق من موقع المنتصر والمهزوم ،  وان ما يحسب كونه مكاسب لا يعدو كونه الغاما موقتة  ، ولا يزيل حالة التوجس ، فيما المطلوب علاقات جيران  وطيدة مبينة على  المصالح الدائمة المشتركة، وان لا يشعر طرف ما بالغبن .

ونحن في الحزب الشيوعي العراقي اذا وقفنا منددين بالغزو الصدامي لدولة الكويت الشقيق وطالبناه بالانسحاب الفوري وتجنب الحرب المدمرة ونتائجها الماساوية المعروفة مسبقا ، وعبرنا عن تضامننا مع شعب الكويت ، نقف اليوم لنقول بان أوضاع العراق الهشة حاليا لا يفترض ان تكون مغرية  لاستغلالها وتوظيفها للمزيد من التمدد والقضم والضم ، برا وبحرا ، ونتطلع الى موقف تفهم ودعم من شعب الكويت الشقيق وقواه ومنظماته الوطنية .

اننا نتطلع الى علاقات وطيدة بناءة بين شعوب المنطقة ، وإقامة افضل العلاقات المتعددة بينها، وإرساء دعائم السلام والامن والتعاون المشترك على مختلف الصعد. 

ومن جانب اخر نعي تماما بان الحفاظ على سيادة العراق وقراره الوطني المستقل وصيانة حقوقه ومصالح شعبه العليا،يشترط وجود منظومة حكم وإرادة وطنية قوية ونزيهة ، لا تساوم تحت أي ظرف على تلك المصالح  . وقد اثبتت منظومة حكم المحاصصة التي تتولى إدارة شؤون البلاد عدم قدرتها على توفير مستلزمات بناء دولة مؤسسات متماسكة موحدة الإرادة تدافع عن حقوق العراق السيادية في أرضه ومياهه وأجوائه ، بعيدا عن المساومات والاتفاقات المخلة التي تحوم حولها الشبهات، فالضغط الشعبي مطلوب لكي تقوم الحكومة العراقية بالاعلان بكل شفافية عما توصلت اليه اللجان المشتركة بشأن ترسيم الحدود مع الكويت وبلدان الجوار الأخرى وأن يتواصل العمل التفاوض مع دول الجوار وفي المحافل الدولية بالاستعانة بأفضل الخبرات العراقية  للتوصل إلى أفضل الحلول بما يضمن وحدة الأراضي العراقية ومصالح الوطنية العليا. 

 

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي العراقي

٢ آب ٢٠٢٣