هناك جدل مشروع يدور حول دور الانتخابات، سواء لمجلس النواب ام لمجالس المحافظات، في عملية   تغيير منظومة حكم المحاصصة المسؤولة عن  تشوه وفشل عملية إعادة بناء الدولة وسوء أدائها، ومسلسل الازمات التي تعاني منها البلاد، وعن استشراء الفساد في مفاصل  الدولة والمجتمع وتحوله الى شبكات منظمة عابرة للاحزاب والقوميات والاديان والمذاهب  باتت  جزء مكونا مما يسمى بالدولة العميقة، وترتبط عضويا بالاحزاب والقوى الماسكة بزمام السلطات وبكبار باصحاب المصالح المالية  والتجارية، والاقتصادية عموما.

تتوزع الآراء بهذا الشأن  بشكل عام على  ثلاثة محاور أو مواقف أساسية، الاول  يحصر اي تغيير بالعملية الانتخابية  ويرفض عمليا الفعل الجماهيري كوسيلة وطريق لاحداث التغيير او للضغط  على السلطات التنفيذية والتشريعية،  والرأي الثاني يتخذ موقفا  مناقضا للاول ويعتبر الانتخابات عديمة الجدوى، بل تساهم في  اضفاء شرعية على منظومة حكم فاسدة وعلى عملية سياسية واجبة التغيير، اما  النهج الآخر في  التعامل مع الانتخابات، هو النظر اليها كأحد أشكال الصراع  السياسي ضد القوى الراعية لنهج المحاصصة الطائفية والاثنية والمعبرة عن مصالح الاقتصادية والسياسية للفئات والشرائح الاجتماعية المستفيدة من هذا النهج   والتي تضخمت ثرواتها على حساب المال العام، وان يتم التعامل مع الانتخابات بالترابط مع الاشكال والاساليب الاخرى من الصراع السياسي والاجتماعي، كالنشاطات الاحتجاجية الجماهيرية والنضالات المطلبية المشروعة  والصراع الفكري.

ونظرا لبنية مؤسسات الدولة، التنفيذية والتشريعية  التي تقاسمت السيطرة عليها القوى السياسية المتحاصصة والتي باتت تتحكم في الجهاز البيروقراطي  للدولة و مدعومة بمنظومة الفساد، من الوهم الاعتقاد ان اي تغيير في قمة هرم السلطة يكون كافيا لاحداث التغيير، والتجربة اكدت قدرة القوى المضادة للاصلاح ومحاربة الفساد في افشال المحاولات الإصلاحية.