في تشرين الأول 2019 انتفض شعبنا العراقي، نساء ورجالا ، شيبا وشبابا ، بوجه القمع والتمييز والفساد وتردي الأوضاع الاقتصادية  والمعيشية ، وضد الانتهاكات الفظة لحقوق الانسان وتقزيم حق التعبير والتظاهر .

انتفضت الملايين ، وقدمت التضحيات الغالية لإنقاذ الوطن من التدهور نحو الهاوية ، ولكسر احتكار السلطة من قبل اقلية مرفهة منعمة تهمين على السلطة والمال والسلاح والاعلام ، ولفتح الابواب امام البديل المنشود . 

في الأول من  تشرين الاول عام 2019 وفي الخامس والعشرين منه ، أسقطت  الجماهير الشعبية  السكوت  وانطلقت لتغص بها الشوارع والساحات ، ولتقول كفى ، الى اين تجرون بلادنا ؟ كفى أزمات ومآسٍ هي حصيلة نهجكم المحاصصاتي المدمر. فأنتم  من  أضعفَ قدرات البلاد وافسح في المجال للارهاب كي يتمدد ، وكي يسيطر  داعش المجرم على مساحات واسعة من أراضي الوطن ، ويرتكب جرائم ما زالت آثارها وتداعياتها قائمة ، ومنها ما لم توجد حلول له حتى الان. وانتم وفقا لمصالحكم الضيّقة من استمرأ التنسيق مع الخارج ، وثَلمَ مقومات السيادة والموقف الوطني العراقي المستقل ، وعجز عن وقف التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي .

لقد خرج العراقيون  في محافظات الوطن ومدنه واريافه ، ليقولوا  كفى لكل هذا ولغيره ، رافضين نهج  المتنفذين واداءهم ، ومتطلعين الى الخلاص  من منظومة المحاصصة والفساد وانفلات السلاح وتغول المليشيات وحالة اللادولة ، وغياب إمكانيات انفاذ القانون على الجميع .

وواجهت الانتفاضة كثيرا من المشاق ،  وعانى المنتفضون من صنوف القتل والقمع والخطف والتهديد وانتزاع البراءات والاغتيال والتغييب القسري ، ومن شتى أنواع الافتراء والكذب والتشويش والتشويه والدس والاغراء واثارة الحساسيات والتجاذبات بين المنتفضين  . وساهم "القناص" و"الطرف الثالث" المجهول المعلوم بارتكاب مجازر بحق بنات وأبناء العراق ، فيما نشأ حلف غير شريف وشرير ، عناصره داخلية وخارجية وغايته وأد الانتفاضة  .

ورغم كل العراقيل والتهديدات وعمليات خلط الأوراق ، واستهداف المنتفضين  بشتى  الوسائل والأساليب الدنيئة ، واصل الساعون الى الحرية والعدالة والديمقراطية الحقة  وفرض الالتزام بحقوق الانسان ، احتجاجاتهم واعتصاماتهم ، فكانت خيم الصمود ومواكب ومسيرات الفخر والاعتزاز تجسد الإصرار على استعادة الوطن ، والخلاص من منظومة ارجعت بلادنا القهقرى لسنوات وسنوات ، وفرّطت بموارد البلد واعاقت اطلاق تنمية اقتصادية – واجتماعية وبشرية، واهدرت كل شيء من اجل مصالحها ونفوذها وهيمنتها.   

الا ان الانتفاضة الباسلة ورغم ضراوة الهجمة المضادة ، عرّت المتنفذين حد النخاع وهددت سلطتهم وسطوتهم ، واظهرتهم على حقيقتهم امام الشعب عامة ، وجسدت  على نحو ملموس القول بان لا استقرار ولا امان ولا تنمية  مع استمرار نهج المحاصصة ، ما يوجب الخلاص منه ومن منظومته  المتبنية له والمتشبثة به ، منهجا وفكرا وأداء وشخوصا ، وتدشين السير على طريق التغيير الشامل. فاستمرار حكم هذه المنظومة الفاسدة لا يعني الا المزيد من ضياع الوقت والمال والجهد وفقر الغالبية وجوعها ، والا المزيد من الازمات  والمخاطر على الوطن ، وتفكيك النسيج الاجتماعي والوطني .

وفي ذكرى أيام انتفاضة شعبنا العراقي الباسلة ، نقف لنحيي المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني المكافح ، ولندين  جرائم الاحتلال الصهيوني ونجدد مواقف الدعم  والاسناد للنضال المشروع لبنات وأبناء فلسطين ، على طريق إقامة الدولة الوطنية المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة على ارض وطنه ، وعاصمتها القدس.

وان الحكومة العراقية وبالاستناد الى الموقف الشعبي ، مطالبة اليوم بالاقدام على خطوات ملموسة لدعم الشعب الفلسطيني وتزويده  بمقومات الصمود والتحدي ، كذلك التحرك العاجل لتوفير الحماية له ، وإمداده بالماء والغذاء والدواء، وقبل هذا وذاك لوقف العدوان الوحشي الصهيوني .

في ذكرى انتفاضة شعبنا، وهو يواجه اليوم التحديات الجمة على مختلف الصعد ، ومنها تفاقم المعاناة جراء عدم السيطرة على سعر صرف الدولار وارتفاع الأسعار ، وتآكل القدرة الشرائية للرواتب والأجور وتصاعد معدلات الفقر والجوع وسوء الخدمات ، وبضمنها الصحية والتعليمية وخدمات النقل ، حريٌّ بقوى التغيير وغالبية أبناء الشعب المكتوين بنار الازمات المتعددة ، ان يستوعبوا دروس الانتفاضة ويتمثّلوا خِبرها ، وان يجعلوا منها زادا للمزيد من العمل النضالي التراكمي ، ولتوحيد القوى والإمكانات ، وتعظيم الحراك الشعبي والجماهيري والمطلبي لمن اجل انتزاع الحقوق وفرض إرادة الشعب ، وان تكون المشاركة الواسعة في الانتخابات القادمة ، مقدمة لخطوات واثقة وبارادة قوية ويقين راسخ ، على طريق التغيير الشامل .

في ذكرى الانتفاضة العطرة نجدد المطالبة بتقديم قتلة المنتفضين والناشطين الى القضاء العادل ، وبالكشف عن مصير  المفقودين والمغيبين قسرا ، وانصاف عوائل شهداء الانتفاضة والمصابين من المنتفضين .

سينتصر شعب فلسطين ، ويدحر ماكنة الاحتلال والقتل الصهيونية ، وينتزع حقوقه المشروعة كاملة .

وسينتصر شعبنا العراقي ويفرض ارادته الحرة  ويواصل المسيرة نحو بناء وطن خال من العسف والتمييز ، ويتمتع  فيه المواطنون جميعا بحقوقهم ، وبالأمان والاستقرار والمساواة والعيش الكريم .

 

اللجنة المركزية

للحزب الشيوعي العراقي

٢١-١٠ -٢٠٢٣