قدّم رئيس المحكمة الاتحادية العليا في العراق، يوم أمس الاثنين، استقالته، كما أُعلن في وسائل اعلام محلية، بُعيد تقديم تسعة قضاة من أعضاء المحكمة استقالاتهم، في مشهد يشي بفراغ دستوري في وقت حساس.
ويأتي هذا التطور، في ظل تصاعد حدة الخلافات داخل المحكمة الاتحادية خلال الأيام الماضية، من دون صدور أية توضيحات رسمية تشرح خلفيات الأزمة. وبينما تعزو بعض التسريبات سبب الأزمة إلى ضغوط مورست على المحكمة بشأن دعوى رئيسي الجمهورية والوزراء للطعن في قرارها القاضي بعدم صحة مصادقة البرلمان على اتفاقية خور عبدالله، يربط آخرون الأزمة بخلافات متفاقمة مع محكمة التمييز.
وفي خضم هذه الأزمة، وجّه أحد السياسيين اتهامات مباشرة للمحكمة الاتحادية بإصدار قرارات ذات طابع سياسي، دون أن يصدر أي رد رسمي من المحكمة، أو من الجهات القضائية الأخرى لدرء هذه الاتهامات، أو الرد عليها.
ما يجري اليوم داخل المحكمة الاتحادية، وعلاقة هيئات القضاء مع بعضها لا يمكن فصله عن السياق العام لطريقة إدارة الدولة في ظل نهج المحاصصة الطائفية والإثنية، الذي أسّس لتقاسم المناصب بين القوى المتنفذة على حساب فاعلية مؤسسات الدولة، وقدرتها على أداء مهامها.
إن وصول مؤسسة بحجم وأهمية المحكمة الاتحادية إلى هذا الحد من التصدّع، يكشف عن تداعيات مقلقة للازمة البنيوية العامة في البلد، والذي لم يكتفِ بإضعاف السلطات التنفيذية والتشريعية، بل امتد ليُلامس السلطة القضائية، التي يُفترض بها أن تكون الحصن الأخير للشرعية الدستورية.