رفعة رأس / شعر... نجم خطاوي                                                 

الأوغاد الأجلاف

تحاشدوا عند سياج المدينة

أقاموا المتاريس والأوبئة

عابثين بسنابل الحنطة ووردات القطن

أمي لاذت خائفة بالصمت

جارنا ضاعت أخباره

المقاهي صارت لا تشبه المقاهي

شاطئ المدينة باهتة أضواءه

صار مقفراً بالوحشة

غاطساً بالغبار

ولم يعد كما كان

ملاذاً للمتنزهين والعصافير.

في مساء بيتي

حدثني أبي،

وكان منهكا وخائفاً

مع كثير من اليأس واللا جواب:

دعهم يا بني !!

فمنهم لا يصيبك

سوى وجع الرأس والسخونة

يقصد بالطبع

ربعي الحمر الشيوعيين

صامتاً أنصت لأبي:

دروبهم جهنم

والنهايات جحيم.

كان المساء ثقيلاً

ومضى الليل هكذا.

عند الفجر

ودون وداع

تركت أبي والمدينة والنهر

ماضياً صوب نواياي

صوب رايات ربعي الحمر.

أهلي عدوني

كولد عاق

قليل الحكمة.

في دروب الأرض الواسعة

البعيدة والقريبة

عند تخوم البحار

والمدن الغريبة

كنت في كل مرة

أتذكر بيت أهلي وذلك المساء

وحديث أبي

وخصوصاً حين يوجعني رأسي

من خيبات السياسة

ومن دروب جهنم

وسط ضنك المنافي

بعيداً عن النخل.

في حزيران 2003

وبعد ربع قرن

من زقوم الغربة

عدت لداري القديمة

للمدينة والنهر

كان أبي محطماً

غارقاً في الدهشة

قبلته ...قبلني

بادرته بالسؤال:

عن إبنه

الذي مضى في دروب جهنم

عن الولد العاق !!

ضمني وبكى طويلا

وبحشرجة أضاءت كلماته,

جدران الصالة:

خلف الله عليك يا ولدي

كنت رفعة الرأس

لقد رفعت رؤوسنا....

وكنت أدرك المعنى

مردداً في أعماق روحي:

خلف الله على ربعي الحمر

خلف الله على الشيوعيين

لقد رفعوا رؤوسنا جميعاً.

..............................

21/3/2018 ستوكهولم