30-01-2023

   ركبت من بغداد ( كراج العلاوي ) في سيارة صالون كبيرة مع أكثر من عشرين جندي الى مقر السرية الذي يبعد بحدود ساعة عن مركز محافظة النجف ليتم توزيعنا على المناطق الحدودية.

من هناك صعدت السيارة العسكرية (الزيل العسكري) المكشوفة من الخلف مع جندي اخر، وجلس نائب الضابط في الامام مع السائق متجهين الى الحدود العراقية السعودية  

ذهابي الى الخدمة الالزامية كان يشكل هاجسا من الخوف والقلق الداخلي والنفسي، بان  لا تكرر  التجربة السابقة بذهابي الى قبور وسراديب النجف* المعتمة والرطبة وسماعي صراخ وعذابات الذين في القبور والسراديب

كانت السيارة تسير في الصحراء بطريق ملتوي ورمال متحركة باتجاهات مختلفة لا أستطيع التركيز الى اين الاتجاه؟ انتابني شعور ان الصحراء المترامية الاطراف سوف تبتلع السيارة!! الفضول في معرفة الوقت الذي يوصلني الى نقطة الحدود، جعلني

اسال الجندي الذي معي , كم هو الوقت لكي نصل الى المكان ؟

اجاب هذه تعتمد على خبرة السائق ومعرفته بالطريق

الجواب جعلني اطلب التوضيح أكثر، ماذا تقصد بذألك؟ اجاب 

السير في الصحراء ليس سهلا يحتاج الى سائق له تجربة ومعرفة في هذا الطريق، ومن الممكن التيه في الصحراء. واضاف هذا ما حدث في احدى المرات مع أحد السواق مع بعض الجنود حيث تاهوا في الصحراء ولم يعثروا عليهم.

هنا انتابني شعور محزن ومحبط ان تسلم مصيرك ووجودك في الحياة في يد شخص اخر تعتمد على تجربته في الوصول الى هدف معين. ربما الموت لا يأتي برغبة  شخصية في اغلب الاحيان  لكنه يأتي عاجلا ام اجلا , شعرت حينها ان الموت في متاهات الصحراء  ربما اهون من الذهاب الى  العذابات والموت في اقبية السراديب في النجف

لكي ابعد التفكير عن ما سوف يحل بنا ,كانت معنا في السيارة اكياس محملة بالمؤن والارزاق ( تمن، عدس، خبز، لحم، ماء....) سالت الجندي هل سوف نحن نطبخ؟ قال لا . يوجد لدينا طباخ وهو السائق الذي معنا

في هذا السكون لم اعد اسمع شياً فقط ازيز السيارة، بدأت خيوط الظلام تتسلل وتظهر النجوم المضيء في السماء الصافية. بنظرة الى السماء تذكرت اغنية، (يا نجمة عونج يا نجمة متعلية وتشوفين …) عندها تمنيت ان اكون نجمة في السماء تضيء ’ واترك هاجس القلق والخوف الذي ينتابني .

قطع الجندي الذي كان معي سلسلت امنياتي وتفكيري. قال لا تقلق لن يبقى الكثير من الوقت لكي نصل الى نقطة الحدود واضاف هذه المرة الثانية التي اتي بها الى هذا المكان.

شكرته على ذألك وعرفته بنفسي انا حسين من بغداد،

 رد وانا لطيف من السليمانية.

وصلنا المنطقة الحدودية التي تسمى (الامغر)الساعة الثامنة مساءا قدمت نفسي الى الضابط(الاسم ,والرتبة …) بعد ان ابلغت من قبل النائب الضابط خالد (وهذا ما معتاد عليه في العسكرية)

النقطة (المركز)الحدودي يتكون من ثلاث كرا فانات وجملون طويل مسقف فيه المطبخ والمخزن وغرفة للسائق الذي اسمه محمود وهو يسكن الحلة

وانا ولطيف في كرفان ونائب الضابط خالد من بغداد (مدينة الحرية) مع نائب الضابط حامد الذي يسكن الحلة (مسؤول التوجيه السياسي) في كرفان والضابط عامر في كرفان وهو من بغداد (بغداد الجديدة).

خلال الفترة وجودي تطورت علاقتي بشكل خاص مع خالد الذي كان خريج معهد الفنون الجميلة قسم المسرح، وكان يقضي اجازته والتي هي اسبوع من خلال تواجده في المسرح الشعبي (الذي يسمى الستين كرسي ) يعمل كإداري , وهذا ما ساعدني لاحقا, .وايضا علاقتي جيدة مع لطيف الذي كان لطيف العشرة يمزح كثيرا بنفس الوقت جريء..... يتبع

_________________________

         نقطة حدودية عسكرية بين العراق والسعودية *

رمزية للموت والخوف والعذابات في اقبية الامن العامة