19-08-2023

جلست على الكرسي وحيدا في الغرفة متأملا كأسِ الفارغ ومحدقا في جدران الغرفة التي كتب عليها صفحات بداية نشوء حياتي على الارض ,قرأت على الجدار المقابل لي ,انني كنت ابحث عن الفردوس (الجنة) وقمت بكل شي من عبادات وطقوس وقدمت القرابين الكثيرة ومارست انواع الجرائم والموبقات عبر مختلف الازمان فقط لكي أصل الى مبتغاي بالوصول الى الجنة التي وعدت بها . منذ ايام انكيدو وانا ابحث عن حلمي في الجنة ,ومرت عليَ الالاف والالاف السنين وبنيت عشرات الحضارات وشنئت مختلف الحروب , وايضا مارست الحب والفت الكتب

وكتبت الشعر والقصائد لكي أصل الى جنون المتعة مع المرأة التي هي صنوان روحي التي لا غنى عنها ابدا ,عملت ذألك لكي اظفر بمكان لي في الجنة وكنت دائما أمنى النفس  بالوصول اليها

التفت يمينا الى الجدار وجدته يتطاير من عينيه الشر ! قلت لماذا انت غاضب جدا ومغطي نفسك بلون اسود !؟ واكملت ,هذا تاريخ حياتي وارغب قرأته.

قال اعرف ذألك، ولكن انت تتحمل مسؤولية هذا التاريخ!

قلت هذا صحيح !لكني دعني اقرأ ما كتبت على صفحة جداري

جرت عبر الازمان تناحر كبير جدا بين ديانات واقوام مختلفة وحصلت مجازر كبيرة وكل منا  يقول انا الذي لي الحق في الذهاب الى الجنة وكنا نمارس  جميع العبادات من صلات وصيام والزكاة والحج ونؤمن بالكثير من الخرافات التي نعتقد انها جزء من حياتنا اليومية . نعم انني شريك بكل هذا لكن لا أستطيع الحصول على الجنة الا بعد موتي , الموتى لا يضفروا بشي بعد موتهم، (الميت لا يشعر ولا يحس لذألك لا نخاف الموت*). كل الديانات على مر العصور منذ بداية وجودي وانا شاهدا عليها وعدوني بأشياء كثيرة في جنة الفردوس ان اكون متساوي مع الاخرين (بعد موتي !!)من الرسل والانبياء والملائكة والائمة والقديسين وهذا محال -لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون...

فلم يظهر ملاك واحد ليقول لي )

ماذا فعلت هناك في الدنيا 

لم اسمع هتاف الطيبين ولا انين الخاطئين 

*(انا وحيد في البياض انا وحيد

التفت يسارا الى الجدار لإقراء ما كتب على صفحاته ,وجدته مزين بالألوان البراقة ومزهوا بما كتب عليه . سألته ما بك !!يبدوا أنك متبخترا بألوانك

قال طبعا , قلت وانا سعيد بهذه الألوان الجميلة !! لكن دعني اقراء ما كتب ...قال طبعا

ايضا جرى عبر تاريخ البشرية تطور كبير وبداء عصر حديث ربما لا يقارن بما سبق من عصور سابقة ,وجاءتُ بنظريات وابتكارات جديدة لكي تساعدني في مواجهة الحياة والطبيعة ,وايضا وعدتني بالعيش في جنة الفردوس وانا موجود على الارض وليس بعد موتي , لكن ايضا بداء التناحر والحروب في فيما بيننا وارتكبت جرائم بشعة لا توصف  بحقي كانسان . وأصبح كلا منا يبحث عن طريقه الخاص للوصول الى الجنة في الواقع باي سبيل كان واي وسيلة تكون . قمت بكل ما يجب فعله بالمشاركة بالتناحر والانحياز الى هذه الحضارة الجديدة والوقوف الى جانب ابناء جلدتي كبشر مقتنعا ليست بيقين بأنني سوف أجد وابني جنتي على الارض .لكنني أيضا لم أجد العدالة ولا  المساواة في ما بين القادة والزعماء السياسيين وغيرهم من وأصحاب شركات مع اقرانهم في الإنسانية ... لكن للأسف أصبح  حلمي في ان أجد الجنة على الأرض او بعد موتي مجرد وهماً...وهماً

___________________________

*ابيقور

*الشاعر محمود درويش