هذا الارتباط الوثيق بالوطن , رغم الغربة والاغتراب , نصوص أدبية في فضاء الغربة ( مقالات ونصوص شعرية ) تتحسس جراحات الوطن عبر الازمنة الكالحة السواد التي مرت بسنواتها العجاف على العراق , التي عملت على أهانة القيمة الانسانية بالانتهاكات الصارخة , في الممارسات الوحشية المدمرة . في نهج الإرهاب والعسف والاضطهاد , بحيث تكون حياة الإنسان رخيصة في الموت المجاني  بكل اشكاله المدمرة ,  في الحروب والمقابر الجماعية , من أجل تدمير حياة الانسان العراقي , لكي يتقوقع في دائرة   الإحباط والهزيمة , نصوص أدبية من رحم المعاناة العراقية .  في الازمنة المختلفة في الماضي والحاضر , لتكون شواهد شاخصة من المشاهدات والوقائع والحقائق الدامغة , و بالمعايشة الفعلية  , في استلاب والاستحواذ والركوع  من أجل كرسي  السلطة والحكم  , حتى لو كان على جماجم الابرياء  , نصوص من عمق المأساة العراقية , عبر العهود الظالمة بالبطش والتنكيل , في سيكولوجية الإرهاب والموت المجاني ,  وضعت في صياغات ادبية تؤطر وترسم المحنة العراقية بكل ابعادها واشكالها  الحقيقية  , اخذت شكل براعة التعبير الادبي البليغ في صياغات مختلفة , توصف وترسم وتصور الانتهاكات الصارخة في حق الانسان العراقي في الماضي والحاضر , وما يدور في الظاهر والخفاء , محاولة ادبية ناضجة في تقديم نصوص دسمة بالابداع, توغلت في عمق الازمة العراقية  . من الموت الجماعي في المقابر الجماعية , الى الحروب العبثية التي تهلك  الحرث والنسل كما كان يفعل نظام البعث الساقط , تغير الأمر في العهد الجديد الى ضخامة عدد  التفجيرات الدموية , والحروب الطائفية الطاحنة في النظام الجديد  ( الدم / قراطية ) دخل الإنسان العراقي مرة آخرى   في حقل التجارب والاختبارات من العنف الدموي في ابشع صوره  المروعة , لتدلل ان  الانسان العراقي ظل محروماً من الحياة الامنة والعيش الرغيد الذي يحترم  القيمة الانسانية في كل الازمنة الظالمة والطاغية . طرحت  هذه المواضيع الملتهبة والساخنة  في أسلوب  واقعي رزين ومتميز وبقلم وطني اصيل , رغم البعد والغربة والاغتراب , لكنه يعيش  في عمق الواقع وإفرازاته , يعيش مع قضية الإنسان والوطن عن قرب , في مشاعره وإحساسه العميق ويرفض  الانتهاكات التي تحصل بشكل وحشي من اية جهة كانت  .أن يكون سماء العراق محملة  في امطار الدماء,   التي شكلت  نهراً ثالثاً للعراق , وكما تشير النصوص الادبية , بأن الصراع قائم ,  ولم ينتهي حتى لو مالت كفة  الميزان إلى جانب  قوى الشر والغدر  , فالنار باقية  تحت الرماد ,  قد تنفجر في اي يوم كالبركان , كما انفجرت بالغضب الشعبي العارم والساحق في انتفاضة الشباب التي أغرقتها المليشيات الطائفية ( الطرف الثالث الملثم ) بالدماء , وقد  وقدمت على مذبح الحرية  مئات الشهداء من الشباب تلقوا الموت بصدور عارية . ان العراق ابتلى بالذئاب الوحشية من الجانبين  ( داعش والعصابات الطائفية ) مهما كانت اشكالهم والوانهم وايديولوجياتهم ومعتقداتهم السياسية والدينية . مثلما تفعل ذئاب داعش في الاغتصاب الفتيات الصغيرات ,  ثم يأتي بعد ذلك  دور السكين لتنهش اجسادهن   , نفس الحالة عندما تغتال براءة الطفولة القاصرات في الارغام على  الزواج , وهن في عمر الطفولة ,  حين تباع الى مسن متقدم في العمر,  وهنَّ في عمر حفيدته  لتقتل طفولة الفتيات البريئة   ( امتثل الجسد لعطر روحها المراقة , متكوراً , ينتظر مصيره المحتوم , أذعن بكل ما أوتي من قوة الى نشيج نحيبه الاخير , باتت تطلق زفراتها اللاحقة , ذلك عند بقايا دكة عجوز , كانت تنبت في الأرض هي الاخرى , لتواسي أحكام ذلك الصراخ ) ص10 . هذا مسلسل في انتهاك واغتصاب طفولة الفتيات الصغيرات لم يتوقف بل ازداد سوءً  بمراسيم هزيلة , لكي ينتحر الحب والعشق في هذه الأجواء اللانسانية . ويبقى العراق سجناً لتجارب القاهرة في المعاناة قديماً وحديثاً . والنصوص الادبية , تستعرض بشاعة الموت بالابادة الجماعية , طوابير بشرية من كل الاعمار تذهب الى حتفها الى المقابر الجماعية , ارتال بشرية تلاقي حتفها بالموت الجماعي , كما كان يفعل حكم البعث الساقط , الذي اقام مملكة الموت المجاني , لتكون رائحة الارض عابقة بجثث الموتى المدفونة تحت التراب  ( اندكت رائحة الحياة مع دعاء امرأة حبلى سقط جنينها , لتنال مصرعها مع زفير استغاثات تصدعت مع تشتت عروقهم النابضة , أولئك الذين راحوا يتساقطون تباعاً, ليتم دفنهم بشفرات الآليات  التي تم تحصيصها لذلك النوع من المقابر . أنسلت احزان الليل لتتقاسم الفجر  شتات الشقاء الذي امتزج بصرخات انينهم وهم يطلقون زفرات آخر ما تبقى لهم  من رمق . استلقى الوطن عند مخاض ملاكات مكبلة  بالدم ) ص18 . الموت باشكاله المروعة والبشعة لم يتوقف , بل استمر  في النظام الطائفي الجديد ,  واخذت  شكل التفجيرات الدموية التي تطال الناس الابرياء في الأماكن المزدحمة , مئات التفجيرات الدموية ,  التي أصبحت من الظواهر العامة والعادية جداً, مثل التفجير الدموي المروع الذي حدث  في الكرادة في بغداد من قبل عصابات داعش في عام 2016  , تناثرت اشلاء الجثث من كل الاعمار , حتى تلك الفتيات المخطوبات كن يتسوقن لشراء فساتين  الزفاف , ليتحول المكان الى بحيرة  كبيرة من الدماء  , و تلونت السماء بالدخان الأسود الكثيف, وتعطلت الحياة , اصبحت مراسيم عزاء واحزان ونحيب ( صارت الأشياء مكفهرة مثل مملكة بائسة فقدت بريقها , تناغصت معها اعمدة الدخان , راحت تغور بها صوب دهاليز أمدٍ بلا نهايات , أستيقظت أشرطة الموت , حاملة معها أنباء نعوشهم , أرتدى المكان ثوب الفزع, تطايرت رسائل الهائمين , غدت الشوارع اكثر استياء , تسارعت لغة الحدائق متسائلة عن خطب جلل ) ص19 . لم ينقطع مسلسل الدماء , بل يتناوب باشكال وادوار مختلفة من عصابات  داعش , التي  سلمت  راية  الموت السوداء الى  العصابات الطائفية ومليشياتها المسلحة , التي لا تعرف سوى لغة الموت المجاني والرصاص الحي   , بالقتل والاختطاف والاغتيال بكواتم الصوت , كما فعلوا في إجهاض انتفاضة الشباب عام 2019 , اغرقوها بالدماء وبالرصاص الحي وبدم بارد , وبوحشية دموية كأنهم تعلموا وتربوا من دروس استاذهم ( داعش ) بقتل مئات الشباب بعمر الزهور , ما أشبه اليوم بالبارحة , والغريب ان القاتل المعروف لداني والقاصي يبقى  مجهولاً  لغايات سياسية بغيضة  , رغم ان الكل يعرف هويته واسمه وعنوانه والجهات التي تقوم بممارسة  العنف الدموي , ويديها ملطخة بالدماء والاجرام  ( لا أحد يقدر ان يواجه شبح الموت , مع هذا الخراب الذي ما أنفك يعلن عن نفسه بين الفينة , والفينة لتأويلات يجري اشاعتها بطريقة المكر الإعلامي , من قبل جهات مسؤولة , لتغطية معالم الجريمة على أساس تصنيفها , واخضاعها لمعادلة الزيف التي ما انبرت تفرض نفسها في فضائيات المحافل , مع الإبقاء على قانون الجناة , هو نمط من الحكايات لا يحق للعامة اعتراض على مساراتها  ) ص87 .
ان نداء الوطن باهظ الثمن , لكن العزيمة والارادة لن تموت , تستمد قوتها من ملحمة كربلاء ووقفة الامام الحسين العظيمة , التي  تمثل روح  التحدي والشموخ والإصرار العنيد ( هيهات منا المذلة ) وتحت الرماد نار حارقة , تحرق كل مجرم وخائن بحق الشعب والوطن :
 يستأنف رحلته ,
ينهض الامل ,
يعانق عطر صباحاته القديمة ,
تستعيد المشاهد أنفاسها ,
يدرك الفجر نومته
 يهتف النور ,
تغادر النجمة البعيدة ,
يتناثر ضوء الشمس ,
---------
تبتعد الاشرعة ,
تستأنف النوارس طوافها ,
تستعرض صيحاتها ,
مع مستقر مهجة عابرة ) ص110
طالما تحلق  نوارس الحرية في سماء العراق , فأن العراق لن يموت سوف يحيى من جديد ويعود الى الحياة  .
          جمعة عبدالله