في إحدى مدن البلاد البعيدة المتلفعة بالجليد، كان يذهب إلى مدرسة لتعلم اللغة، وقد قررت المعلمة أخذ المجموعة لزيارة أحد معمل المعجنات في المدينة. شرحوا لهم أقسام المعمل، وشاهد إحدى العاملات تجلس بجانب الحزام الناقل، حيث تمر سريعا من أمامها اقراص المعجنات (البسكويت) الساخنة فتفوح منها رائحة الفانيليا المُشهية، كانت العيون الزرقاء للشابة الباهرة الجمال تتراقص مع حركة الحزام الناقل، بين فينة واخرى وبأناملها الرقيقة المخفية بكفوف بيضاء تلتقط قطعة مكسورة وترميها بكيس نايلون كبير بجانبها.

سألها الزائر:

- ماذا تفعلون بهذه المعجنات المتضررة ؟! اجابت بصوتها الملائكي: - نرسلها علف للخنازير. اصيب بالدهشة ثم شعر بغصة في البلعوم حين مرّ في مخيلته شريط صور لأطفال ونساء ينبشون في المزابل للحصول على لقمة العيش، سالت على خده دمعة دون أن تلحظها العيون الزرقاء !

قال مع نفسه:

رزقكم في المزابل وأنتم لا تعلمون ؟!



عبد الرضا المادح

2020.04.02