لم أجد شيئا ًأشد وطأة على المرء من المرض

ولا أقسى من الجوع

ولا أكثر تعذيبا من سفاح يحكم

ولا أكثر إيلاما من الغربة

قال الأقدمون:

من تُزقزق في بيته العصافير

فسيأتيه الضيوف من كل صوب

عشرون عاما والعصافير تزقزق

ولم أسمع سوى زئير الرمال وحفيف الشجر

من سيطرق بابنا؟!

تباطأت الأيام

وبعدت الأقدام عن عتبة دارنا

بلا ضجة...

وبصمت سنموت...

فليس هناك من يرفع أجسادنا...

...

عصافير الدار رحلت...

لم يبق َسوى وشوشة الجدران...

وقطرات الماء الساقط...

من الحنفية الصدئة.

تراويح المساء... لم بعد من يسمعها...

فقد رحلت منذ أول غزوة للمغول الجدد...

لم يعد في الأذن سوى صوت آهات ...

قادمة من متاهات شنكال...

والصبايا التائهات...

تملأ الكون صراخا

...

أجراس الكنائس والمعابد والمساجد...

تعزف اليوم عيد

(عيد بأي حال عدت يا عيد؟!!!)

.....

أحلامنا المهاجرة

تزرع بساتينا للحب

تزرع جنات للمودة

بخيالاتها المتعبة،

نسند خطواتنا،

المشرئبة للشمس

ومن خطراتها اللاهبة

نستمد برودةَ ليالينا المؤرقة

أحلامنا آلهةً

لبست تاج المروءة والألفة

أحلامنا سور لنهاراتنا الدامية

...

أحلامنا

لغةُ صمتٍ

وشوشةٌ في الأذن

همسة نسمةٍ

ترنيمةُ طفلٍ

حروفٌ ومعانٍ

نسيناها على عتبات المدارس

نظرة حبٍ في متاهات الحياة

غربة قطعت كل الجسور

أحلامنا

ألم في الجسد وفي الروح

ــــــــــ