المتن الروائي يتحدث عن  أحداث الدراماتيكية حدثت فعلاً في فترة حكم البعث  , وجاءت بشكل عمل توثيقي وتاريخي وبكل الادلة المتوفرة   ( مدونات . وقائع , وثائق , خزين الذاكرة . مشاهد عملية وحياتية , أفعال ظاهرة الى غير ذلك ) لتكون شهادة عيان  للنهج الشوفيني والإرهابي  في سلوك البعث المتسلط في البطش والتنكيل لجموع شرائح المجتمع العراقي  عامة , وخاصة الشريحة الاجتماعية  الاكراد الفيلية التي وقع عليها العبء الاكبر في التهجير وسحب الجنسية العراقية , وتعرف عن  هذه الشريحة الاجتماعية حضوراً فعالاً من النشاطات المتنوعة في الجسم العراقي   , في  نشاطاتها السياسية بصبغة وجهة نظر  تقدمية  متنورة تصب عكس  عقيدة البعث الفاشية ونهجه الارهابي, كما أنها برزت  بالشخصيات البارزة والمرموقة في النشاط الحياتي والتجاري والعلمي والأكاديمي , وكذلك انتمائها الى  اليسار العراقي  . لذلك هم بالضد من الاسلوب الارهابي المستبد في طغيانه في فرض عقيدة  البعثية بالقوة والاكراه على المواطنين ,  وخاصة بعد استلام ( صدام حسين ) مقاليد السلطة بعد ارتكاب المجزرة الرهيبة في قاعة الخلد , ضد مئات من القيادات والكوادر البعثية المتقدمة . وبدأ يدخل العراق في نفق مظلم لا مخرج له , بتصاعد الهجمة الشوفينية في إسقاط الجنسية والتهجير الاكراد الفيليين , وزج شبابهم في السجون والزنازين للابادة الجماعية , بدأ بقراره الشوفيني الصادر من مجلس قيادة الثورة عام 1979 الذي  يقول  صراحة ( تسقط الجنسية العراقية من كل عراقي من أصل أجنبي ) بحجة التبعية الايرانية , والمعروف ان الشعب العراقي حسب الوثائق الرسمية منقسم الى فئتين , التبعية العثمانية والتبعية الايرانية , وبعض العراقيين للهروب من التجنيد  , سجل أنه من التبعية الايرانية . والهدف الواضح بأن شريحة الأكراد الفيليين معروفين بشكل عام بالتوجه الى الايديولوجية التقدمية , وحتى يتخلص ( صدام حسين ) منهم حتى يفتح الطريق للتسلطه الطاغي , ولم يكتفِ بهذا فقط في نهج الارهاب وانما طارد تجار الشورجة وهو اكبر سوق في بغداد يديره الاكراد الفيلية بشكل عام . والحدث السردي يتطرق  باحداثه اليومية ,  يتعقب هذه الظاهرة الشوفينية   من كل زاوية  , ويتوغل في عمق محنتها وازمتها المريرة في مأساة التهجير بشكل فظيع ووحشي , في معاناة قاهرة لا توصف , لتجعل العراق ينزف بجراحه المؤلمة , أن تكون حياة المواطن مهددة :  اما بالسجن أو التهجير , من اجل تكريس كرسي القائد الاوحد ,  الذي نصب  نفسه الرب الاعلى , أو رب الارباب الذي يمنح الموت والحياة كما يرغب ويشاء  , وبرعونته المجنونة والمتهورة والحمقاء , ثم يلوح شبح إعلان  الحرب ضد ايران  ,  ليحرق  الحرث والنسل , بحرب مدمرة لا الناقة والجمل فيها ولا مصلحة  للشعب في اشعالها  , وانما هي رعونة جنونية  لإشباع نفسيته المريضة المصابة بمرض جنون العظمة   أن يلعب بمقدرات ومصير العراق ويدفعه الى التهلكة , الحدث السردي يلاحق السيرة  الحياتية لشخصية   ( إجباري ) في رحلته الحياتية الطويلة والمعقدة . كان منذ طفولته يمقت اسمه ( اجباري )  , لأنه محل تندر وتهكم واستهزاء , فطلب من أمه أن تغير اسمه , لأنه لم يعد  يتحمل . فاخذته الى المحكمة لتغيير الاسم وأصبح اسمه الجديد ( نوح ) تيميماً  ب ( نوح ) القديم  الذي أنقذ الناس من الطوفان, ولكن ( نوح ) الجديد هل يكون قادراً على إنقاذ الناس من طوفان البعث المدمر ؟ هذا ما يحاول أن يفسر ويحلل في  عتبات  الحدث السردي أن يلاحقه ويتابعه في التفاصيل اليومية الدقيقة عبر سيرته الذاتية الطويلة , وهي سيرة مصغرة من سيرة العراق الكبرى  . ولادته في مدينة العمارة ( ميسان ) مدينة الطين والماء والانسان البسيط المتواضع والسخي والكريم , تدرج ( نوح ) بكل جدارة وتفوق في الدراسة والتعليم  من المدرسة الابتدائية حتى  حصوله على شهادة الماجستير ويتطلع الى الحصول على الشهادة العليا الدكتوراه ,  ولكن يجد نفسه يدور في حلقة   الأحداث اليومية العاصفة , التي تعمل على  تحويل الناس الى كبش فداء للإرهاب والحرب , ان ينحني أمام العاصفة المدمرة , وانشغال الناس بقلق عن مصيرهم ( ولماذا أهتم به , ولأي شيء ؟
   - الموضوع سيدي يتعلق بالحرب
  - أي حرب !
الحرب الي ستشتعل قريباً ) ص97 . هذه الطعنة القاتلة ترتكبها السلطة البعثية والقائد الارعن المصاب بجنون العظمة  , ان  يقود العراق من حربٍ الى حربٍ , سواء  في الداخل أو في الخارج , بأسلوب شوفيني عرقي صرف. والمواطن المسكين والضعيف يتلقى الطعنات القاتلة تحت سيف البعث , وكل الابواب مسدودة في وجهه ,  أين يذهب وأين  ويلجأ , هل هناك مأوى  أو وطن آخر  (  وهل لي وطن آخر , غير هذا الذي أنبتني كأعشاب البراري , ولوحتيني  شمسه  السخية , ولفعتني ريح السموم , فأحرقت ونضج جلدي , كما تنضج جلود الكفار في نار جهنم , هناك في كل مكان آثار أقدامي , وعلى تراب واوحال الازقة , اعيدوا لي أحلامي , حينما كنت اغفو كفراشة تحت أفياء نخيل البساتين في عواشه, والجدة , اعيدوا لي همساتي العاشقة للنهر وولهي الحزين المجنون بليل ميسان ) ص144 . ومن مهازل سلطة البعث , في توجيه التهم الى المواطنين , وتقديمهم كمجرمين  الى محكمة الثورة السيئة الصيت والسمعة , ان تكون الاحكام معدة سلفاً , ولا يحق للمتهم أن يختار محامي يدافع عنه , بل المحكمة تعيين محامي , يقوم بدوره   تأييد الأحكام الصادرة  ( - لأنه لا يحق للمحامين مستقلين القيام بذلك 
 - وهل يستطيع حقاً أن يقوم بواجبه كما نبغي 
 - هنا تكمن المشكلة , لأنه في المحاكم يجب أن يتصرف محامي الدفاع  كالمدعي
 - كيف ستتحقق العدالة إذن  !
 -لا أهمية لذلك في  محكمة الثورة ) ص225 . ازاء تدهور الاوضاع الى الأخطار الجسيمة في سلطة تدار بعقلية شوفينة حمقاء مهووسة  الى الارهاب ونزيف الدماء , وجد ( نوح ) نفسه عاجزاً في الإنقاذ الناس  كما فعل (  نوح ) القديم , لذلك وجد أسم ( نوح ) غير ملائم ومناسب أمام  الأهوال والمصاعب التي تصيب الناس بشكل غريب وغير عقلاني , وانه مجبر على الرضوخ , لذلك وجد اسمه القديم ( اجباري ) اكثر واقعية و ملائم ومناسب لهذا المناخ المتوحش , لان كل الناس مجبرين بالاجبار  على الاحباط والرضوخ والهزيمة , لذلك تقدم بطلب الى المحكمة في العودة الى اسمه القديم ( - لا يهمني ... لم أعد أهتم بذلك . إنما جئت لاعرف هل استطيع أن اعود  لأسمي القديم اجباري ؟
 تفاجأ القاضي بسؤاله , وظل صامتاً لا يجد جواباً .
 - ألم تسمع السؤال , هل ينبغي عليَّ ان اعيده عليك ؟
- ولكن لماذا تريد أن تغير أسماً اخترته أنت , وصار الناس يعرفونك به .
- لأنه لم يعد يناسبني , ولا استحقه ) ص325 .