مُرافعة فِرعون الأخيرة!
( أَمامَ محكمة العدل التاريخيَّة )
شِعر: أ.د/ عبدالله بن أحمد الفَيفي
اِرْفَـعْ سَماءَكَ ؛ إِنَّ عَصْرَكَ صَـاغِـرُ
واكْذِبْ ؛ فإِنَّ الصِّدْقَ قِـدْحٌ خَاسِـرُ!
قُـلْ ما تَـشَـاءُ ؛ فـما دَيـَـاجٍ هـاهُـنا
تَصْحُوْ ، ولا يَـنْـبُوْ الصَّبَاحُ الكَافِـرُ!
هَطَـلَتْ مُرَافَعَـةٌ لِفِرْعَـوْنِ الشَّـرَى
طَـارَتْ بِهـا الرُّكْـبَانُ حَيْثُ تُسَـافِـرُ:
مَـنْ قَـالَ لِلقَـتْلَى بِأَنْ يَـتَـكَاثَرُوا؟!
لا ذَنـْبَ لِلقَـتَّـالِ ؛ تِـلْكَ مَصَائِـرُ!
أَنْزَلْتُ في سِفْـرِ الوَصَايـَـا آيَـتَـيْ:
«سَفَـكَ الدِّمَـاءَ مُصَاهَـرٌ ومُصَاهِرُ!»
وشَرِيْعَـتِـيْ في النَّسْلِ عَطَّـلْـتُمْ! أَلَا
كَمْ عُطِّلَتْ خَلْفَ السُّجُوْفِ أَوَامِرُ؟!
لا ذَنـْبَ لِلقَـتَّـالِ ، بَلْ ذَنـْبُ الأُلَـى
قَـتَـلَـتْـهُمُ الكَلِـمَاتُ ؛ وهْيَ غَـوَادِرُ!
إِنَّ الوِصَالَ قِـرَابُـهُ سَـيْـفُ الفِـرا
قِ ، وإِنَّ قَـارِبَ وَافِـدِيْــهِ مُـغَــادِرُ
مَنْ فَرَّخَ الإِرْهَابَ ، غَيْرُ الشَّعْبِ؟ أَمْ
مَـنْ راشَـهُ؟ وعَلَـيْـهِ دارَ الدَّائـرُ؟!
هَـلَّا أَجَبْـتُمْ ، يـا بَقَايـَـا أَحْـرُفِـيْ؟
كَـيْ تُؤْمِنُـوا أَنـِّـيْ الـمُذِلُّ النَّاصِـرُ!
لِتُسَـبِّـحَ الأَطْـلَالُ: أَنـِّـيْ كَـاتِـبٌ
مَـاحٍ، وأَنـِّـيْ عِــزُّهَـا والـقَـاهِـرُ!
والحَـاكِـمُ الـبَـرُّ الرَّؤُوْفُ مُـرَابِـطٌ
فـي خِدْمَـةِ الشَّعْـبِ الأَبِـيِّ مُـبَـادِرُ
حَـرَسَ الثُّغُوْرَ مِنَ الغُزَاةِ، ووَاجِبٌ
أَنْ يَحْـرُسَ الأَرْحَـامَ جَيْـشٌ عَابِـرُ!
مَنْ يَحْـفَـظُ التَّارِيْـخَ فـي تَابُـوْتِـهِ
مِـنْ هَـبَّـةِ الأَرْوَاحِ حِـيْنَ تُـغَـامِـرُ؟
مَنْ يُمْسِكُ الجُغْرَافِـيَـا في صَحْـنِـها،
كَدَجَاجَـةٍ مَـشْـوِيَّـةٍ ، ويُـحَـاصِـرُ؟
وشِـعَـارُهُ فـي أَرْضِـهِ وسَـمائِــهِ،
وعلى الجَـبِيْنِ ، هُوَ الشِّعَارُ الشَّاعِـرُ:
«لا يُهْـلِـكُ الأَقْــوَامَ إِلَّا كَــثْـرَةٌ
فـي قِـلَّــةٍ ، أو قِـلَّــةٌ وتُـكَاثِــرُ!»
قَرَّرْتُ: أَنْ أُبْقِيْ «حِذَائِـيْ» أُمَّـتِـيْ!
لَنْ يَنْهَضَ النَّخْلُ الخَصِيُّ. فحَاذِرُوا:
مِنْ فِتْـنَـةِ التَّفْكِيْرِ في غَـدِكُمْ! لَقَـدْ
فَـكَّـرْتُ عَنْكُمْ قَبْلَ يُـولَـدُ خَاطِـرُ!
لَنْ أَتـْـرُكَ القُطْـعَـانَ تَـنْـمُـوْ هٰكَذا
فَوْضَى ، وذِئْـبٌ في الـمَراعِيْ كَاسِـرُ
حِـرْمَانُـهُ في نِعْمَـتِـيْ ، ونَـعِـيْـمُـهُ
فـي أَنْ أُسَمِّـنَـها لَـهُ! أَ أُخَـاطِـرُ؟!
أَوْلَـى بِلَحْمِكُـمُ فَمِـيْ، فَـتَأَمـَّـلُوا!
وتَأَلَّـمُوا ؛ فالـمَوْتُ «بَعْثٌ» سَاخِـرُ!
ما ضَرَّ لَوْ دَمْشَقْتُ عاصِمَتِـيْ بِكُمْ؟
وعلى عِظَامِـكُـمُ تَـمَشَّى الحَـاضِـرُ؟
ما ضَرَّ لَوْ (حَلَـبٌ) غَـدًا رَاوَدْتُهـا،
فحَلَبْتُ أَشْطُرَهـا؟ لَنِعْمَ الشَّاطِـرُ!
شَـرَفٌ عَظِـيْمٌ أَنـَّـنِـيْ فَـضَّلْـتُـكُمْ
فَذَبَحْـتُـكُمْ بِـيَـدَيَّ ، لَسْتُ أُغَـادِرُ!
فلْيَسْـقُـطِ الإِنْسَـانُ إِلَّا هَـامَـتِـيْ!
ولْـتَسْـقُطِ الدُّنْـيا ، وقَصْرِيْ عَـامِـرُ!
هِـيَ دَوْلَـتِـيْ الأُوْلَى، وما مِنْ آخَرٍ،
والحَاكِمُ الأَبـَدِيُّ سَيْـفِـيْ الظَّـافِـرُ!
أَنــا رَبُّكُمْ، ووَرِيْثُكُمْ ، ولَكُمْ غَـدَا
بِـيْ فَـخْـرُ دِيْـوَانِ الزَّمانِ الفَـاخِـرُ!
وسِيَاسَـةُ الوَطَـنِ الكَـبِيْرِ سِـيَاسَـةٌ
لا يَسْتَـقِـلُّ رِكَـابَـها الـمُـتَصَاغِـرُ!
فـي ذِمَّـةِ التَّارِيْـخِ تَـبْـقَى صَفْـحَـةٌ
سَـوْدَاءُ يُمْلِـيْـها الضَّمِـيْرُ الضَّامِـرُ
يا قـاضِـيَ التَّارِيْـخِ، رَتِّـلْهـا على
رِمَمٍ لَـها هَـامُ الشُّعُوْبِ مَـقَـابِـرُ:
الحَـاكِمُ الفِرْعَوْنُ يَسْـحَقُ شَـعْـبَـهُ
كَـيْ يَـصْطَـفِـيْ هامَـانَــهُ فَـيُؤَازِرُ
كَـيْ يَـصْطَـفِـيْ مَـاءَ الحَيَاةِ بِمائِـهِ
ويُـبَـادَ فـي جِـيْـنَـاتِـهِ الـمُتَـآمِـرُ!
شَعْـبًـا قَـرَاحًا ، مـا لَـهُ لَـوْنٌ ، ولا
طَعْـمٌ، ولا عَـرْفٌ ، وما هُوَ طَاهِـرُ!
رَخَـمٌ سِـمَـانٌ بَعْـضُـهُ ، ونَـعَامُـهُ
بَعْضٌ، وبَاقِـيْ السِّرْبِ رِيْـشٌ طَائِـرُ!
لا غَرْوَ إِنْ نَسَـرَ البُغَـاثُ بِأَرْضِـهِ
«إِنَّ البُغَـاثَ بِـأَرْضِـهِ» هُوَ نَـاسِـرُ!
لَـوْلاكُـمُ مـا قَـامَ ثُـعْـبَـانٌ علـى
أَشْـلاءِ أَطْـفَـالِ (الشَّـآمِ) يُحـاضِـرُ
«أَسَـدٌ عَلَيْها.. في الحُرُوْبِ زَرَافَـةٌ
عَـرْجَاءُ» يُرْضِعُها الفَـقِـيْـهُ الفَاجِـرُ
أَلْـقَى الجِـرَانَ فَـصَاحَـةً وبَلاغَــةً
مُـتَـمَـنْـطِـقًا، والمُهْطِعُـوْنَ مَـنَـابِـرُ:
أَنــا، لا أَنــا إلَّا أَنــا، مَنْ ذا لَـكُمْ
بِـزَرَافَـةٍ مِـثْلِـيْ؟! تَعَالَـى الفَاطِـرُ!
قَدَرِيْ أَكُوْنُ مَصِيْرَكُمْ ، فاسْتَسْلِمُوا
لِـمَصِـيْـرِكُـمْ هٰذا ، وجَـلَّ الـقَـادِرُ!
حَـرْبِـيْ عَلَيْـكُمْ كَيْ أُثَقِّفَـكُمْ، فَـما
تَـدْرُوْنَ أَيَّ فَـضِـيْـلَـتَـيَّ تُـسَــاوِرُ
لا تَحْسَـبُوا مـا قَـدَّرَتْ لَـكُـمُ يَـدَا
يَ كَشَرِّكُمْ، أَنــا خَـيْـرُكُمْ والآخِـرُ
هِيَ سُنَّـةُ الدُّنْـيَـا ؛ فكَمْ مِنْ مَـأْتـَمٍ
هَـطِـلٍ، وكَمْ مِنْ مَوْلِـدٍ هُوَ عـاقِـرُ!
لا ذَنـْبَ لِلقَـتَّالِ ، بَـلْ هُـوَ ذَنْبُـكُمْ
والذَّنْـبُ كُلُّ الذَّنْـبِ فِيْـكُمْ سَـافِـرُ!
لَـوْ فَلْسَفُوا القَانُـوْنَ بَـنْـدًا واحِـدًا
ما فَلْسَفَتْ مِثْلِـيْ الحُقُـوْقَ عَـبَـاقِـرُ!
تَـلَّ الضَّحَايـَا لِلْجَـبِـيْنِ مُحَـمْلِـقًـا
فـي رَبِّـهِ الرُّوْسِـيِّ : «عَـبْدُكَ نَـاذِرُ»
«إِنِّـيْ أَرَى أَنـِّـيْ أُذَبِّحُـكُمْ ، قِـفُوا،
لا تَـنْـظُـرُوا ، فـهُـنا الإِلٰـهُ النَّاظِـرُ»
وعَلَا يُكَرْكِرُ في الأَضَاحِيْ ضِحْكُها
مِـنْ سَقْـطَـةِ الإِنْسَانِ كَـيْـفَ يُـكَابِرُ
سَلَّتْ رَسِيْسَ الأَمْنِ مِنْهُ.. هَوَتْ بِهِ
مُلْـقَى الكَرَامَـةِ، و(الكِرِمْلِنُ) فَـاغِـرُ
هَزَمَتْ «بَرَامِيْلَ» التَّخَلُّفِ، جَيْشُها
مِنْ ياسَـمِـيْنَ ، وثَـارَ عِـطْـرٌ ثَـائِـرُ!
إِنَّ الشُّـعُـوْبَ طُـغَاتُها مِنْ جِـلْـدِها
ولِـكُـلِّ طَـاغٍ حـاضِـنٌ وعَـشَائِــرُ
ولِكُـلِّ طَـاغٍ شَاعِـرٌ ، ومُـمَـثِّـلٌ،
ومُـفَـلْـسِـفٌ إِفْـلاسَـهُ ، ومُـتَـاجِـرُ
لُـبُّ «النِّظَـامِ» ثَـقَـافَـةٌ ، لا دَوْلَـةٌ؛
فَلْتُسْقِطُوا الماضِـيْ لِـيَحْيَا الحاضِـرُ!
شِعر: أ.د/ عبدالله بن أحمد الفَيفي
https://twitter.com/Prof_Dr_Alfaify
واقرأ للكاتب:
- ش ِعر ابن مُقبل (قلق الخضرمة بين الجاهليّ والإسلاميّ: دراسة تحليليّة نقديّة)، جزءان، (جازان: النادي الأدبي، 1999). [أصله: رسالة ماجستير].
- م توافر على "الإنترنت"، للمطالعة أو التنزيل: http://www.archive.org/details/IbnMogbelPoetry
- لتنزيل الكتاب مباشرة: ج1: https://bit.ly/3joepFu
- موقع أ.د/ عبدالله بن أحمد الفَيْفي: http://khayma.com/faify
- قناة أ.د/ عبدالله بن أحمد الفَيْفي: http://www.youtube.com/user/ProfAAlfaify
- جديد: حوار ببرنامج (صنوان)، القناة الأولى السُّعوديَّة: https://qrcd.org/5trt
* كُتب أخرى للمؤلِّف للتحميل: https://archive.org/details/@almotanabby
تابعونا على "تويتر": https://twitter.com/Prof_Dr_Alfaify
http://www.facebook.com/p.alfaify تابعونا على "فيسبوك":