توجهت مفرزة مشتركة من السرية الثالثة والسرية ألأولى في 22-02 2081- للبحث عن أهداف للجاش (1) أو العسكر. كان الجو محملاً بثلوج ينزلها مثل شلالات فاجأها فيضان ، فأرسلت غضبها لتصبه على منطقة متين. تحمل جبلها الشامخ هذا ألغضب بتراكم أرتفع اكثر من متر.

توجه ألرفاق لصعود الجبل ، كان الرفيق أبو ليث في مقدمة من يفتحون الطريق، يسحقه برجله ليوفر عبوراً سهلاً لهذه ألمفرزة ألتي لم تقدر خطورة ألوضع، فتقدمت بإصرار، سائرة في رؤيا لا تزيد عن مسافة قصيره. في الربع ألأول من الصعود، انبرى الرفيق أبو أفكار (الزايز) كعادته لترطيب الجو قائلا (شوفوا هذا الثلج هسه لو حبايبنا شايفاته جا ركضن عليه عبالهن ملح) .

أستمر المسير فازرقت وجوه الرفاق، وتنملت أرجلهم. لم يعد حذاء السمسون قادراً على مجاملتهم هو ألآخر تجمد شاكياً عذابه لأقدام مرتديه. أنخرط حذاء أبو أفكار من قدميه ، دون أن يدري . تثاقلت ألأقدام كأنها مربوطة بسلاسل سجن. فترت همة الرفاق الذين يمهدون الجليد للمسير نتيجة التعب .

أحس الرفيق أبو افكار بأن حذاءه فُقد ، بعد مسافة يبدو المستحيل اقرب لوجوده في هذا الجو العاصف بالجليد .. نظر أبو أفكار لرفيقه أبو سعاد، وبصوت باهت كأنه صادراً من قاع بئرعميق (خويه أبو سعده .. أندفن إهناه ؟)، هزّ هذا الصوت أعماق ألرفاق، وحفز حميتهم، فخرجت من حقائبهم ألخلفية (العليجة) خاوليات .. فانيلات وبعض قطع قماش لتنظيف البندقية. لفت قدما أبو افكار خوفاً من (الكنكرينا).

ركض أبو براء وهو طبيب المفرزة لأنقاذ الموقف ، صائحاً بصوت عال أبو افكار سوي مثل ألطير، ممثلا تحريك يديه مثل جناحي طائر فزع ، أجاب أبو أفكار عمي آنه كاضي ، طير أيش يا رفيق. تساءل أبو أفكار من دليل ألمفرزه؟، قالوا له أبو هدى صنكور . هزّ يده راسماً دائرة في الهواء علامة استخفاف قائلا ((هو ابو هدى الدليل جا هوه كردي ؟ اشوفه ايردم)) . سارع الطبيب لتخفيف الموقف صائحاً: بعد ان رأى أشجاراً - أفا إسبندار (2) أفا كندي (3). فرد أبو أفكار (كنديش يخوي) .

أجتازت ألمفرزة ألقمة وبدأت بالنزول . ظهرت أنوار باهتة كأنها ذبالة مصباح شارف على ألانطفاء ، كانت الأضواء متناثرة تصارع ألثلوج لتعلن حضورها. أغلب ألرفاق أعتقدوا أنهم أمام معسكر للجيش.

كان صوت داخلي يحفز على التقدم الى أمام.. يحفزهم على الاقتحام ،هذا الصوت (موت ديج ولا تموت دجاجه)!، لامست الأيدي المجمده أقسام البنادق وكأن قائداً يقول إلى ألأمام . وصلت المفرزة ألأرض .

خرج من بين ذبالات ألضوء شبح يرتدي الملابس الكردية مرحباً وكأني أسمعه يقول: في هذا اليوم لا يصعد جبل متين إلاّ مجانين أو شيوعيين !!!..وقد صدق.

.............................................................................................

(1)  الجاش: كلمة كرديه بمعنى الجحوش كناية عن الافواج الخفيه

(2)  السنبدار: شجر القوّغ

(3)  الكندي : القرية