ذكريات....عن ايام الشباب والنضال ...الحلقة  السابعة / ابو زياد هاني

انقضت الايام الجميلة التي عشناها مع الرفاق في عين غار بسرعة .. عدنا الى تمنراست وقد كانت سفرتنا لا تخلو من مخاطر . فقد دخلت الطائرة  في عاصفة رملية . كانت متواضعة , ارتفع الطيار فوقها وتجنبناها  بعد حدوث رجات قوية جعلت الطائرة تتمايل ,علت خلالها الاصوات خائفة ,  تحولت الى قهقهات من الضحك  اطلقها السواح  بعد ان استقرت الطائرة فوق العاصفة ...وصلنا بسلام ,, استمرت الحياة ودارت الايام  بهدوء ونحن نعمل , نلتقي كل يوم مع صديقنا  كاظم  نسير بالشارع الوحيد في المدينة الى نهايته حيث الفندق (TAHAT) و نعود . نسلم على هذا ونتحدث مع ذاك ..الرفيق سعد رتب حياته بشكل اخر طبيعي وتعرف على  فتاة كانت تعمل هناك . كانت من الشمال  كما يبدو على شكلها ومظهرها .. يلتقي معها بالسر ويقضون معا اوقات ممتعة . حر الصيف الواضح بدأ يتقدم بسرعة مذهلة جاعلا  الخروج الى الشمس والسير تحتها كالجحيم . وهكذا حتى اوشكت السنة الدراسية على الانتهاء . كل منا قرر اين يذهب وكيف يقضي عطلته ؟... كاظم قال انه سيسافر الى اوربا سائحا , يلتقي هناك باصدقائه وابناء  محافظته .. اما سعد فقد  فضل السفر الى  الجزائر العاصمة لانه اشتاق الى صديقته الجزائرية هناك ... انا , ليس لدي اصدقاء افكر ان التقي معهم ولا صديقة اقضي معها اسعد اوقات , وليس لدي مكان اقيم به سوى الفندق وهذا يكلف طبعا .. لكني فكرت بسفرة سياحية ايضا استغل بها العطلة , ولدي ما يكفي من المال الى ذلك , تكون متواضعة بلا مجازفات او مغامرات , فانا لا امتلك الخبرة ولا التجربة ولست ماهرا بذلك .. قررت ان ابقى بعض الوقت في تمنراست طالما هناك مكان اعيش به , بعدها اسافر الى الجزائر العاصمة , التقي بالحزب الذي انقطع عنا كل هذه الفترة  , واحاول الانتقال الى مدينة اخرى اقرب الى الشمال , ثم اواصل السفر  .. سافر الجميع من المدرسين المصريين والفلسطينين الا فكري . المدرس المصري في الثانوية , كانت له اسبابه  ايضا للبقاء  .. عشنا معا , وبسبب وجوده الطويل هناك وعلاقاته الواسعة مع طلبة الثانوية , كنا نعزم ( نعرض ) يوميا تقريبا  على ما لذ وطاب من الطعام الجزائري الفاخر والكسكس اللذيذ .. بعد انقضاء هذا الفترة سافرت الى الجزائر العاصمة  وسكنت في  فندق , بجاية ’ المتواضع في شارع العربي بن المهيدي , مقابل فندق لالة خديجة والقريب من نصب الامير عبد القادر الجزائري  امام القهوة ( المقهى ) السودة .. هناك في القهوة السودة , تعرفت على اصدقاء عمري واحبابي .. تعرفت على ابو صارم ( صمد ) وتعرفت على ابو فطيم (ابن العلوية احمد ) وعلى اخرين كثر .....من القهوة هذه بدأت اتعلم الحياة بالغربة واتمرس عليها على يد امهر الاساتذة والخبراء  , اكتسبت الخبرة والمعرفة واصبحت لي تجربة كبيرة أهلتني ان اتحمل ال 40 عام واعيش لحد الان ....لكنها لم تنسيني اسباب وجودي هناك ,  لهذا بدات رحلة البحث عن الحزب  بعد ان تركنا الرفيق سلام  (عباس ) وسافر. فقد منح زمالة الى المانيا الديمقراطية , مكافئة لجهوده الكبيرة التي بذلها معنا .. لا اعرف احد سواه . ما العمل ؟ ليس لدي وسيلة اتصل بها  مع الرفاق المسؤولين , ولا يمكن ان تجدهم في المقاهي كما الاخرين او الشوارع .. السؤوال عنهم حرام ولا يجوز , ولا يحق لاحد ان يدلك عليهم فهذه هي الاصول السائدة هناك , تليفوناتهم سرية , يعرفها القليل من ازلامهم . الشكوك والتخوين يسود , والعزل والاهمال هو الاسلوب الامثل لابعاد كل من عليه ملاحظة تصدر من قريب  لمسؤول . لقد سمعت الكثير على لسان هؤلاء عن اخرين لانهم لا يرتاحون لهم في سالف الزمان .. امثلة على ذلك .. اتهم عبد الرزاق غافل  الشهيد عبد المطلب بانه بعثي  وتسائل لماذا هذا هنا .. ايده من كان حوله ومن شلته , ليضيف صاحبه  علاء السامرائي , تهمة وجهها الى محمد , زميله في كلية الزراعة في بغداد والموظف معه بنفس الوزارة هناك , بان له علاقة بالسفارة , فقد وجده  يدخن بغداد , قالها على مسمع ومرأى من اخرين وافقوه الراي وكانوا معه ... واخرون كثر سناتي على بعضهم لاحقا ... لكن الجميل بالامر ان هؤلاء , اي من اطلقوا التهم ’  لفظهم الحزب والتاريخ والقاهم بمزبلته ,  بينما الشهيد ابو سعيد مثلا  , كان مثالا ساطعا للمناضل الشيوعي الجميل , اضاء الدرب للاخرين وارتوت ارض الوطن بدمه الطاهر ...  واكيد هناك الكثير من هم مثله .... كان عليّ ان اجد احد اعيد من خلاله  صلتي بالحزب  والا  ساضيع , وربما  ستطولني تهمة جاهزة من احد المسعورين , وانا المرحل من الداخل ,, ترحيل وكلمة سر, ولقاء مع مسؤول من رفاق الجزائر ’’ حالفني الحظ والتقيت بالرفيق الفقيد ابو ذكرى ( الدكتور عبد العزيز وطبان ) كنت  اعرفه من بغداد وهو يعرفني .. بعد السلام شرحت له وضعي بالتفصيل . سالني ان كنت سابقى هنا هذه الايام  .. قلت انا افكر ان اسافر الى المغرب واسبانيا واعود ... قال عندما تعود كل شيء سيكون كما تريد .... ودعته ........ يتبع ..