ذكريات .... عن ايام الشباب والنضال ...  الحلقة  الثامنة / ابو زياد هاني

في اليوم الاول من وصولي الى الجزائر العاصمة التقيت الرفيق  سعد  زميلي بالمدرسة . كان يسكن في فندق اعرفه  , قصدته والتقيت به لاسئله عن الحزب .. قال لم التق باحد .. كان مزاجه جيد وسعيد , وقص عليّ قصص مغامراته الغرامية  . بعدها  سالني ان كنت احب الباجة .. قلت .. نعم ..! سناكل باجة اذن , بعد ان افتقدناها طيلة  فترة وجودنا في الجزائر .  كنت اظن انها  تطبخ  بالطريقة نفسها  في العراق , لحم الراس والتشريب والبصل وكل المقبلات , لكن المفاجئ بالامر, والذي لم اتوقعه , انها  تشوى كما يشوى الدجاج .. كانت لذيذة مع الحديث الجميل والذكريات ومغامراته مع الصبايا , كنا سعداء . اخبرته اني ساسافر الى المغرب ومنه الى  اسبانيا .. قال هناك  صديق لي يعيش في الدار البيضاء يمكنك ان التقي به  ربما تحتاجه في مساعدة , فهو رفيق فنان ..لاباس ..! من هذا الرفيق الفنان ؟ قال  .. سلام الشيخ ..! قلت اعرفه من ايام الجامعة لكنه ليس صديقي ... كتب لي عنوانه على ورقة واحتفظت بها ...

خلال فترة وجودي في الجزائر العاصمة التقيت بالكثير من الرفاق وتعرفت عليهم  .. كان التعارف لا يحتاج الى مجهود كبير, بمجرد اللقاء على المقهى  والحديث يصبح الاخر صديقك  , يدخل قلبك وتحبه  ,  يقدم لك كل ماتحتاجه من خدمات قادر عليها بدون مقابل . كانت النفوس طيبة والعراقية طاغية بالتعامل , ماعدا طبعا  نفر قليل  شاذ وملوث من اصله ..

ما عادت القهوة السودة الوحيدة التي نلتقي بها  وانما اكتشفنا الكثير غيرها  وربما افضل منها.. فهناك في شارع ,, دودوش مراد ’’ شهيد الثورة ,, الكثير من المقاهي الجميلة  والتي تختلف طبعا  عن  مقاهي العراق  بتلك الايام .....هناك  مقهى اطلقنا عليها  ,,ديك الجن ’’ ,على بابها  رسم لديك ..  وعرفت بهذا الاسم للجميع  , حتى ان احدا لا يتذكر اسمها الحقيقي .. في المقهى تعرفت على الرفيق والصديق ابو باسم .. كان قادما من بلغاريا مع مجموعة اخرى من الرفاق .. كنت اتحدث عن سفرتي المزعومة  الى اسبانيا , قال كان معنا رفيق مسيحي  سافر الى اسبانيا بطلب من اخته الراهبة في مدريد ..واعطاني رقم هاتف اخته الراهبة , ساعطيك الرقم ربما تحتاجه في سفرتك  ... لاباس .. اخذت رقم الهاتف .....

خلال فترة وجودي في تمنراست  حصل معظم الرفاق على شغل , منهم المدرس ومنهم المهندس وغير ذلك ...الرفيق ابو هديل  ( اكرم ) حصل على شغل كمدرس في مدينة غرداية الجميلة .. تعتبر هذه المدينة بوابة للصحراء العربية الكبرى  وسكانها  من الامازيغ  ,,المزاب ’’. والمزاب قسم من البربر او الامازيغ سكان الجزائر قبل الغزو العربي مع ظهور الاسلام , يعتنقون المذهب , الاباضي  المالكي ’ لديهم لغة خاصة ... كذلك حصل  صديقي قاسم عبود على عمل في ولاية سيدي بالعباس  في الغرب الجزائري , بينما  حصل الرفيق ابو دجلة على عمل كمهندس زراعي في ولاية اسكيكدة  بالشرق , اما علاء السامرائي  فقد حصل على عمل كمهندس  في ولاية وهران  واصبح مسؤول حزبي كبير على مستوى الجزائر بعد ان تزوج من  سهام  شقيقة  الفنان عدنان يوسف , والجميع رفاق’ .ولديه سيارة ...مع كل هذه التعينات بقي  قسم من الرفاق بدون عمل يعتمدون على مساعدات اصدقائهم من الرفاق  وما بحوزتهم من مال .. كان معظم الرفاق  يساعد .

 قررت السفر الى الدار البيضاء بالطائرة بعد ان تركت حقيبتي  مع علاء السامرائي لكي ياخذها الى بيته في وهران ..  في صباح اليوم التالي من وصولي الى الدار البيضاء شعرت بالوحدة والخوف وكاني الوحيد في هذا العالم , وقبل ان اخطو خطوتي الاولى  في هذه المدينة الكبيرة الجميلة المزدحمة قررت ان اذهب الى عنوان سلام واترك له رسالة ..فعنوانه ,, صندوق بريد’’ في دائرة بريد في ضواحي المدينة  او على اطرافها . استاجرت تكسي وذهبت الى هناك ,, وجدت الصندوق واسمه عليه . كتبت له رسالة معرفا باسمي , من اين قادم ؟ ومن زودني بالعنوان  ؟ تركتها وخرجت مشيا على الاقدام  في منطقة غير مأهولة .. كنت التفت كلما اسمع سيارة قادمة من خلفي ..مرت الكثير من السيارات , كني لمحته في سيارة رينو 5  حمراء  اشرت له بيدي فتوقف ...!  سلمت وعرفته على نفسي  , انا من ترك الرسالة قبل  قليل . ركبت بعد ان سلمت على السائق ..رد بتثاقل . قلت انا اعرفك .. كيف واين ؟؟ انت صلاح النصراوي ... اليس كذلك ؟ نعم .. انت  صديق عدنان توفيق ؟ نعم .. كنت تزوره في غرفة سينما مترو .. انا من كان يقاسمه السكن .....( لهذه الغرفة قصة .... باختصار شديد .. كانت غرفة سرية للاجتماعات سكنت بها مع صديقي ورفيقي عدنان الطالب في قسم الفلسفة معيد بمادتين في السنة الاخيرة وانا في صف اول كلية  عام 72/ 1973 ....كان صلاح من القيادة المركزية .,, ساكتب عنها يوما ما ,, ..) بالرغم من كل هذا لم القى منه اي ود .. كان عابس لا يتكلم ولم يصافحني ابدا .. سالني سلام هل تحتاج الى مساعدة  لاننا على عجلة من امرنا .. قلت لا .. انا سابحث عن فندق الليلة وغدا ساسافر الى طنجة .. قال هذا فندق جيد , واشار بيده الى فندق نقف عند بابه ..سلم وانصرف ....يتبع ..