ذكريات ...عن ايام الشباب والنضال .. الحلقة 9 / ابو زياد هاني

حجزت لليلة واحدة  بالفندق  وخرجت . تجولت  بالاسواق الجميلة العامرة بكل شيء .. دخلت الاسواق الشعبية المكتظة بالناس , المليئة بالبضائع والمطاعم والمقاهي , اغلب من كان هناك من السواح الاجانب . انبهرت بصناعاتهم المحلية من الجلود والخشب وغيرها  . بعد جولة طالت لساعات  دخلت احد المطاعم  المزين باشكال ورسومات جميلة امتزجت بها الالوان لتظهر  لوحة فنية رائعة . طلبت الكسكس , الاكلة الشعبية اللذيذة  المشهورة  في بلاد المغرب العربي . كل مطعم  يقدمها بطريقة تختلف عن الاخر , منها بالخضروات واللحم,  ومنها يقدم بالسمك  او الدجاج , وفي البيوت ياكل الكسكسي  مع الحليب بدل المرق . يقدم الكسكسي بصحون من الفخار , وعادة  تكون هذه  الصحون ملونة وعليها زخارف جميلة اشتهرت بها هذه المنطقة من العالم ; اغلبها اندلسية .. بعد وجبة الطعام  الفاخرة انتقلت الى مركز المدينة وتجولت به  وتحدثت مع ناس في المقاهي  .. قيل ان اجمل مكان في وقت العصر والمغرب يكون على الساحل .. اي ساحل المحيط الاطلسي ,, هناك الكثير من المقاهي والمطاعم واماكن الراحة ... ,, الساحل يمتد طويلا  , لا ترى له نهاية , غطت رماله الذهبية المكان ’’  ..هذا ان لم تكن هناك اوقات النهار الاولى وبعد الظهر . فالساحل وعلى طوله , ترى الجمال الادمي الحقيقي بلحمه وشحمه .. هناك شواطئ للسباحة والاستجمام لا حصر لها .. ترى الناس على مد البصر وهي تستلقي تحت الشمس لتكسب الدفئ واللون الجميل ..هناك  لاحدود لحرية الانسان وكيف يود ان يكون  عاري ام نصف عاري او 5  بالمائة عاري كما انا ...كان مساء جميل استمتعت به , وعدت الى الفندق انتظر الصباح لاركب القطار متوجها الى طنجة عبر الرباط العاصمة .. هذه المرة الاولى في حياتي اركب بها القطار .. كان القطار مريح جدا . يسهل التحرك به والنظر الى الطبيعة المحيطة والاستمتاع بها بكل سهولة ويسر. كنت بغرفة يشاركني بها رجل و زوجته قاصدين سبتة الاسبانية ومنها الى اوربا .. .. سبتة شبه جزيرة كانت بالماضي مغربية..وهي الان مدينة إسبانية وذاتية الحكم تقع في القارة الأفريقية داخل التراب المغربي الذي يعتبرها مدينة محتلة ، تقع مقابل مضيق جبل طارق، يحدها من الشمال والجنوب والشرق البحر الأبيض المتوسط.....عندما وصلنا سمعتهم يقولون  وصنا طنجة .. لكني لم افهم جيدا فقد قيلت بلكنة فرنسية او اسبانية  .. سالت السيدة بجانبي  ,, قالت نعم طنجة .. ودعتهم ونزلت .. طنجة مدينة تقع على المحيط الاطلسي يفصلها عن اسبانيا  مضيق ....قصدت فندق يقع في ميدان كبير فيه محطة القطار والميناء .. حجزت به غرفة لوقت مفتوح . جلست ببابه على مقهى امتدت طاولاتها لمسافات . ترى منها الناس وهم يتجولون واغلبهم من السواح .. المطاعم قريبة ايضا وكل ما يلزم بمتناول اليد ..من عادتي والتي لازلت احتفظ بها هي  ... اجلس في مكان ,  ساكت , افكر, وانظر الى الناس ..  متعتي الاولى والاساسية  ان ارى من حولي وهم سعداء .... تجولت بالمدينة  صعدت ونزلت  , فقد بنيت المدينة على سفح جبل . دخلت سوقها الشعبي في المساء  فيه كل ما لذ وطاب من الاكل , مشوي ومقلي , مطبوخ  وني , كل شيء هناك وباسعار زهيدة ... كنت كل يوم اذهب الى الساحل  اتفرج على الناس كعادتي ,, ليس فقط من هم على الرمال طبعا ...! التقيت في يوم وانا ادخل دكان صيرفة  بعد ان سمعت صوت عالي  لرجل بلهجته العراقية , وكانه يجبر جميع من بالشارع على سماع مايقول .. دخلت  سالته ان كان عراقي  قال نعم  .. وانت  انا عراقي ايضا .. نظر اليّ وقال ...شكلك لا يوحي بذلك , لكن لهجتك تقول انك عراقي .  اكيد انت من اهل الثورة !!....قلت لماذا الثورة ؟ قال لانكم تستطيعون التاقلم ....! قلت لا ...!  خرجت من الدكان بعد ان صرفت مبلغ من المال ...  بقيت في طنجة حوالي اسبوع تجولت بشوارعها واسواقها الجميلة المميزة  , وتحدثت مع الكثير من الناس هناك اجانب ومغاربة .. في المقهى كان هناك مجموعة من الشباب بمختلف الاعمار يتحدثون مع الاجانب بلغاتهم ويصرفون .. سالت احدهم كان لا يتجاوز ال 12 عام .. باي لغة انت تتحدث مع هؤلاء ,, قال بلغاتهم .. قلت ماهي ... ابتسم وقال انا اتحدث ب 8 لغات ... وعددها لي غير الانجليزية والفرنسية والاسبانية فهو  يتكلم الهولندية والايطالية وغيرها .. صار صديقي  نتحدث كل يوم ....في اليوم قبل الاخير التقيت بشاب في الفندق  اسمر, ملامحه تدل على انه عراقي .. اكبر مني سنا بقليل . سلمت عليه  ... رد عليّ بلهجة احبها .. كان قد وصل البارحة وينوي السفر الى فرنسا .. خلال يومين .. كان اسمه كاظم ( ايضا ) خرجنا معا الى السوق وتجولنا .. قال .. هو حاول اليوم في الصباح ان يعبر الى سبتة , لكن السلطات الاسبانية منعته الا بفيزة .. قلت يمكن الحصول على الفيزة من القنصلية  قال نعم لكن الوقت مر ... اتذكر اننا اشترينا دجاجة مشوية وخبز , خضروات وفواكه للعشاء وعدنا الى الفندق .. قال ان لديه قنينة ويسكي سنشربها .. جلسنا نشرب ونتحدث سياسة . لا اعرف لماذا كان يريدني ان افهم  انه بعثي ؟......يتبع