من الذاكــرة .. أيام صعبـة بإتجـاه الوطـن 16 / فائز الحيدر 

مخيم (جهرم) لللاجئين مكان مغلق معزول عـن العالم، قد ينسى اللاجئ انه مسجون داخله طوعا"، يرافق ذلك الخوف من المستقبل المجهول، عذاب يومي، ضعف في التركيز وشرود في الذهن، لا يعرف اللاجئ متى ينتهي التحقيق معه وما يترتب عليه من عقبات وليس أمامه غير التحمل والصبر.

بعد انتهاء التحقيق الثاني معنا  في 13 / 10 / 1986 حصلنا على الموافقة للسفر الى طهران لمراجعة وزارة الداخلية الأيرانية لغرض أتمام الأجراءات القانونية وأسترداد الوثائق الشخصية التي أودعت أمانة في مبنى محافظة ارومية، ومن الوزارة حصلنا على تصريح يمكننـا مغادرة المخيم والأختلاط بالعالم الخارجي والتجـول في مركـز مدينة جهـرم لمشاهدة معالمها والبحث عن فرصة عمل مناسبة.

جهرم مدينة تقع وسط الصحراء، تتواجد فيهـا بساتين النخيل والفواكه داخل وديان تحيط بهـا سلاسل جبليـة جرداء، تسقى هذه البساتين بعملية التنقيط عبر شبكة من الأنابيب المطاطية التي تغطي البساتين للتقنين في كمية المياه النادرة، وتعتبرهذه البساتين مصدر اقتصادي مهم لسكان المدينة وتوفر العمالة لنسبة كبيرة من الايدي العاملة العاطلة، الوضع الغذائي في المخيم يسير نحو الأسوأ تدريجيا" وليس هناك من يهتم بوضع اللاجئين لا ممن يحسبون انفسهم قيادة لشعب العراق كما يدعى اصحاب العمائم في المجلس الأعلى او غيرهم من المسؤولين في الحكومة الأيرانية، المساعـدات الدولية التي ترسلهـا الأمم المتحـدة لا تصل الى اللاجئيين وتضيع وسـط الطريـق أليـهم عبـر المافيات في الحكومة الأيرانيـة، خصصت الأمم المتحـدة مبلـغ 400 تومان (1) أو ما يعـادل ( 20 دولار أمريكي ) شـهريا" لكل لاجئ لتحسين وضعه الغذائـي بعـد ان أدركـت معاناتهـم وسـوء التغذية التي يعانون منها ولكن اللاجئين لم يستلموا غير اقل 400 تومان طيلة ما يقارب السنة في المخيـم وهنا تذكرت ما قاله الشاعر الكبير ابو الطيب المتنبي ....

على قدر أهل العزم تأتي العزائم ...... وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغار صغارها ...... وتصغر في عين العظيم العظائم
يكلف سيف الدولة الجيش همه ..........وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم
ويطلب عند الناس ما عند نفسه ......... وذلك ما لا تدعيه الضراغم


لتنظيم عملية خروج ودخول اللاجئين الى المخيم وزع على كل لاجئ دفتر خاص يحدد به وقت الخروج من المخيم والعودة اليه ويختم من قبل موظف أستعلامات المعسكر، كان غالبية اللاجئين من الشباب القادر على العمل يجلسون في ساعات مبكرة من الصباح للذهاب الى مسطر العمال في أحـدى ساحات مركز مدينة جهـرم عسى أن يطلبهم أحد من أصحاب العمل لينقلهم الى بساتين البرتقال أو التمور أو كعمال بناء، كانوا العمال يجلسون في أحواض السيارات الخلفية المكشوفة في الأجـواء الباردة والرياح الشديـدة ولمسافة تقـدر أحيانـا" بخمسين كيلومترا" خارج المدينة ليباشـروا بالعمل تحت الشمس المحرقـة وعـدم توفر مياه الشرب من الساعة الثامنة صباحا" ولغاية المساء لقاء أجور زهيـدة لا تتجـاوز 200 تومان يوميـا"( عشرة دولارات ) وسط المعاملة السـيئة اللاأنسانية من أصحاب العمل مستغلين حاجتهم للمال، كنت شخصيا" أحد ضحايا هذا العمل الشاق لعدة أيام، عملت في بساتين البرتقال والتمور وحقـول الطماطـة وكعامل بنـاء، انهـا أعمال شاقة لسـجناء محكوميـن بالأشغال الشاقة بكل معنى الكلمة، كان أصحاب العمل يستغلون اللاجئين أبشع أستغلال لكونهم لا تنطبق عليهم قوانين العمل واجوره .

في أحـد بساتين التمـور التي عملت بها ليـوم واحد فقط مع مجموعة من اللاجئيـن لتعبئـة تمور ذات نوعية رديئة في علب كارتونية تزن كيلوغرام واحد، أرشدنا صاحب البستان الذي يتحدث العربية بطلاقة ويعيش في أحـدى دول الخليج كيفيـة هز عذوق التمـر لأسـقاط التمرعلى الأرض الترابية القـذرة والملوثة بمخلفات الحيوانات والتبن ومن ثم جمعه ووضعه في العلب الكارتونيـة وكبسـه بالأيـدي بقـوة ثم نغلـق العلبة لتكون جاهـزة للشحن والتصديـر، في بداية العمل قدمت اقتراحا" لصاحب البستان وكنت أعتقـد انه متفهم ويطمح لجـودة ونظافـة التمور التي يود تعليبها وتصديـرها وهو ان نضع قطعـة كبيرة من النايلـون أو جادر تحت النخيل ليسقط عليها التمر ليكون أكثر نظافة مما هو عليه الآن ونقوم بوضعه في العلب، نظر أليّ ضاحكا" وقال.....

ـــ شوف بابا أنا أعمل في تصدير هـذه التمور منذ أكثـر من عشـرين عاما" وأصدر هـذه التمور الى دولـة الأمارات العربية والبحرين ودول خليجية أخرى وبهذا الشكل والنوعية ولم يعترض أحد وجماعتكم العرب وأنا أعيش هناك يأكلون كل شئ يوضع أمامهم وحتى الحصى دون ان ينظـروا الى نوع ومحتويات العلبـة والأوساخ العالقة بها وأنا أعرف ذلك جيدا"، لماذا أصرف مبالغ مادية وأتعب نفسي، أعطيته الأشارة برأسي تدل على اني فهمت ما قصده دون أعلق بشئ وتابعت العمل ... ثم تابع قائلا" وهو يراقب العمل...

ـــ أذا لم تستطع كبس التمور داخل العلبة بيديك وتجـد صعوبة بذلك أكبسـها بحذائك وأترك أثار الحـذاء على التمر مثل طوابع الرسائل ...سيكون ذا طعم لذيـذ لهم وغير مكانه سريعا" ليأخـذ مجموعة من العلب وأخـذ يسير فوقهـا بحذائه القذر وهـو يقول أنظروا مثل ما أقـوم به الأن !!!لم أعلق بشئ على ما قاله للمرة الثانيـة فهـو صاحب البستان والعمل وغرضه الجشع والمال وذا خبرة في تصدير التمور الى العربان ومن جانبي لـم أعاود العمل معه ثانية رغم الحاحه الشديد تحت أعذار مختلفة .

في تلك الأيام أتصلت تلفونيا" بأولاد العم في دمشق أطلب مساعدتهم لشراء تذاكر طائرة لنا لغرض التوجه الى دمشق خاصة وأخبرتهم بأني على استعداد لتسديد الدين حال وصولنا الى دمشق ولكن مع الأسف كانت النتيجة سلبية بسبب الظروف المادية الصعبة التي كانوا يمرون بها كما فهمت لذلك قررت الأعتماد على النفس والبحث عن فرصة عمل.

بعد أنتهاء الموسم الزراعي قلت فرص العمل في البساتين والمزارع بشكل تدريجي وأخذت أبحث عن عمل يساعدنا في تحسين وضعنا الأقتصادي وجمع مبلغ معين قد يساعدنا في شراء تذاكـر الطائرة لمغادرة ايران الى سورية في حال صدور قرار من السلطات الايرانية يسمح لنا بالمغادرة خاصة ونحن قد أطلعنا المحققين برغبتنا بمغادرة ايران بعد الحصول على الموافقة الرسمية وليس لدينا رغبة في البقاء في أيران.

بعد ان طرقت كل الأبواب للبحث عن عمل أخبرني أحـد الأصدقـاء ان كنت قادرا" على العمل في مجـال البناء، في ذلك اليوم لم يكن لديّ اختيار آخر لذا وافقت بسرعة دون أن أعلم ما هـو نوع العمل وأين ؟ وفي اليوم الثاني نقلتنا سيارة المقاول الى عمق الصحراء وبمسافة لا تقل عن ثلاثيـن كيلومترا" باتجاه محافظة (شـيراز) وتبين لي هناك ان موقع العمل هـو لبنـاء محطة كهربائيـة ضخمة وعملنا هـو اعـداد التأسيسات الحديدية لأساس البناء أستعدادا" لوضع الأسمنت، العمل شاق جدا"، شيش حديد البناء من النوع المبـروم الخشن وطـول كل واحـد يتجاوز 8 أمتار وعلينـا تقطيعـه وثنيـه بالشكل المناسب وحمله بالأيـدي وعلى الأكتاف وتحت الشمس لمسافة طويلة الى موقـع العمل ووضعه في المكان المخصص له وربطه مع البعض بأسلاك رفيعة خاصة، كنت اعود الى المخيم عند المساء في غاية الأنهاك حيث تسيل من أيدي وأكتافي الدماء لما تركته قضبان الحديد من آثار وجروح على الكتفين وراحـة اليـدين مسببة آلام مبرحة تمنعني من النوم، ونظـرا" لعـدم وجـود الخدمات الطبيـة في المخيم كنت ألجـأ الى وضع كريم ( النيفيا ) أو الى وضع دهـن الطعـام أو طب الأعشاب أو حتى لوضـع ( الحنـة) لتخفيف الألـم دون جـدوى، بعـد ذلك لم أستطع مواصلة العمل أكثر من ثلاثة أيام

.
السيول تجرف المخيم

في عصر اليوم الأول والثاني من شهر كانون الأول / ديسمبر / 1986 أزدادت سرعة الرياح، وتراكمت السحب السوداء في السماء بسرعة وهطلت أمطار غزيرة في المخيم والمناطق الجبلية المحيطـة والمشرفة عليه، كانت من الشدة لدرجة أنها حطمت أحد السدود المائية في المناطق الجبلية البعيدة عن المخيم وأدى تحطيم هذا السد الى أحداث صوت قريب لصوت هزة أرضية سمعه عن بعد كل من كان في المخيم من اللاجئين، لم نكن نتصور ان أحد السدود قد تحطم وان السيول في طريقهـا ألينا وإنها ستصل بهـذه السرعة الهائلة جارفة أمامهـا كل شئ، فأرض جهرم والمناطق المحيطة بها حصوية رملية سهلة الأنجراف بأعتبارها أمتداد للصحراء المحيطة بالمدينة، لم تمض أكثـر من ساعتين وأذا بسيول جارفـة تدخل المخيم من كل جوانبه وبدأت تتصاعـد تدريجيـا" حتى وصل أرتفاعها ما يقارب نصف المتر أو أكثر جارفة كل شئ أمامها وفاجئت الجميع محدثة تدميرا" واسعا" في كل مرافق المخيم، أسرعنا قبل دخول الماء لغرفتنا بوضع الفراش وما نملكه من حاجات تموينية بسيطة على قاعدة نافذة الغرفة المرتفع نسبيا"، بـدأ الصراخ يعلـوا في كـل مكان، العوائـل، الأطفـال، المرضى الغيـر قادرين على الحركة فقد دخلت المياه في كل غرف ومرافق المخيم وغطت الرمال والحصى كل شئ، أخذنا نسبح بالماء داخـل غرفتنـا حالنا حال الآخرين ونحـن لا نعلم هـل سيرتفع السيل أو يحافظ على مسـتواه الحالي خاصة ونحن لا نعرف السباحة، الأمطار تهـطل بأستمرار وتيـار الماء سريع جدا" يمنع من الحركـة ومتجه الى خارج المخيم وهو يأخذ مساره الطبيعي، قررنا مغادرة غرفتنا الى الخارج خوفا" من إنهيارها، الماء في الطرقات قد غطى كل شئ.

اللاجئون تركوا كل شئ بالأرض وهم يحملون ما خف حمله وزاد ثمنه على رؤوسهم، البعض حمل أطفاله على الأكتاف، المياه غيرت معالم وطرق المخيم الرملية، الكهرباء قد قطعت، ساعات وأخذ الظلام يخيم علينا ولا نعرف أين نتوجه، خطرت ببالنا فكرة التوجه الى غرفة عائلة الصديق (عبد الخالق) الذي تعرفنا عليه في (مخيم خوي) فغرفته مع غرف عديدة تقع على رابية عالية نسبيا" ولربما لم تصلها السيول أو وصلتها بنسبة أقل ويمكننا عندئذ قضاء الليل عندهم حتى صباح اليوم التالي، الحركة بطيئة متعثرة يتبعها بين الحين والآخر سقوط أحدنا في الماء بسبب سرع التيار وتعثرنا بسيقان وأفرع الأشجار التي جرفتها السيول، صراخ عن بعد لأحدى اللاجئات وهي تضع أطفالها على كتفيها طالبة مساعدتها في أنقاذ أطفالها من الغرق فليس لها من معيل، توجهنا نحوها ببطئ ونحن نرتجف من شدة البرد وهطول الأمطار الغزيرة، تناولت أحد الأطفال ووضعته حول رقبتي وسرنا باتجاه المنطقة المرتفعة، السيول لا زالت بنفس السرعة وكأنها نهر دجلة وقت الفيضان في فصل الربيع ولكنها لم ترتفع عن مستواها حاملة الكثير من الأخشاب وسيقان الأشجار والرمال والحصي وأخذنا نشعر بها تحت أقدامنا أثناء السير ونتعثر بها.

في طريقنا مررنا على المخبز وهو مصدر الخبز الوحيد في المخيم وقد دمرت السيول جزءا" منه وأدركنا مسبقا" ان اللاجئيين سيعانون أزمة غذائية وخبز خلال الأيام القادمة، بعض جثث القرويين جرفتها السيول من مناطق عـدة وتعلقت على الأسـلاك الشائكة التي تحيـط بالمخيـم والتي بقيت صامدة أمـام تيـار السيول الجارفـة، الحـركة مستمرة من قبـل اللاجئيـن في اتجاهـات مختلفة، الكـل يبحث عن ملجـأ حتى الصبـاح وبعـدها تحل الأمور، البعض يلوم نفسه على توجهه الى ايران وآخر يشتم نفسه ويلعن اليوم الذي ولد فيه، أدارة المخيم لم تقم بأي أجراء لحماية اللاجئين أو تبليغهم بالسيول قبل وصولها.

الطريق الى الصديق عبد الخالق لا يستغرق اكثر من عشرة دقائق سيرا" في الظروف الطبيعية قطعناه بفترة تجاوزت الساعة والنصف وسط المياه، ولغاية وصولنا بصعوبة، كانت الغرفة والغرف المجاورة لها سالمة وبعيدة عن السيول ولكنها رطبة وباردة لدرجة كبيرة وقد سبقنا العديد من اللاجئين الى هذه المنطقة المرتفعة نسبيا"، فتحنا المدافئ النفطية للبحث عن دفئ كاذب وأخذنا بتجفيف ملابسـنا وأحذيتنـا والتي أخـذت منا سـاعات طـويلة وحتى ما بعـد منتصف الليل ولا أتذكر ان كنا قد نمنا في تلك الليلة أم لا خوفا" من سيول جديدة، كنا كل ساعة نراقب السماء لنتأكد من الجو وأرتفاع مناسيب المياه في الشوارع المحيطة القريبة وكان هناك بعض الأمل بأنخفاض أرتفاع المياه في المخيم تدريجيا" .

في فجر اليوم التالي توقفت الأمطار ولم يبقى أثر للسيول وأشرقت الشمس من بين الغيوم المتفرقة صباحا" ولكن المخيم قد تحول الى بركة من الأوحال والرمال وبقايا سيقان الأشجار، الطرق مدمـرة وكذلك محطة النفط التي تغذي المخيم ومحولة الكهرباء والمخبـز وحوانيت التمويـن والأسـواق الشـعبية الخشبيـة البسيطة قد دمرت أو أصابها العطل، وعـزل المخيم كليا" عن العالم الخارجي فقد قطعت الأسلاك الكهربائية وطرق المواصلات والجسور المؤدية اليه التي تربط مدينة (جهرم) بالمدن الأخرى مما يهدد بمجاعة داخل المخيم ما لم تأتي مساعدات فورية لأنقاذ الوضع.

عدنا الى غرفتنا ما بعد الظهر اليوم التالي لنجد كميات كبيرة من الرمال والحصى تغطي أرضية الغرفة وتحتاج الى ساعات لتنضيفها، ولكن ليس لدينا ما يمكن ان نستعمله لأزالة ما تراكم، جمعنا سيقان وفروع الأشجار التي حملتها السيول الى داخل المخيم لتكون ادواتنا البسيطة في العمل لتجميع ونقل هذه الرمال والحصى الى الخارج وبنفس الوقت جمعنا بعض السيقان لأيقاد نار داخل الغرفة لتجفيف أرضيتها وجدرانها لتقنين أستعمال النفط الموجود في المدفأة لغرض الطبخ للأيام القادمة حيث نتوقع حدوث أزمة به بسبب أنقطاع طرق المواصلات، بعد ان أنجزنا العمل أصبحت الغرفة جاهزة للنوم ولكن همنا الأن المواد التموينية والمياه الصالحة للشرب والنفط والخبز .

خمسة أيام متتالية من الأرباك أصاب المخيـم، عـدم توفـر الخـبز والفرن يحتاج الى تصليح لما لحق به من أضرار، مياه الحنفيات أصبح على شكل مستحلب من الطين والماء، البرودة الشـديدة في هـذا الشهر تحتـم علينا أستعمال المدافئ التي تفتقد الى النفط ، الذهاب الى المدينة لشـراء الأحتياجات الضرورية غيـر ممكن بسبب عدم توفر وسائط النقل وأنقطاع معظم طرق المواصلات، الظروف الصحية لغالبية الأطفال أخـذت بالتدهور، الطبخ مستحيل لعـدم توفـر النفط ، طوابيـر اللاجئين تبحث على كـل شئ، الأفرشـة والبطانيـات بالنسبة الى العوائل التي أكتسـح السيل غرفهـم وأغرق كل شئ لديـهم، النفـط ، التموين، الخبـز، ( الشـب) )(3) لتصفية المياه .... الخ . ليـس هناك ما يمكن القيـام به وسـط هـذه الفوضى وعدم أهتمام المسؤولين بما حدث وسيحدث في الأيام القادمة، مشاكل عديـدة بين اللاجئين وأدارة المخـيم لتقصيرها الواضح في تقديـم الخدمات، الحياة قد شـلت بشكل كامل، راديـو بغـداد ينشر خبر جرف السـيول للمخيم مستهزئـا" باللاجئين الذين تركـوا وطنهم ولجئـوا الى أيران لأكل الفاصولية والحمص والعـدس كـل يـوم ويطالبـهم بالعـودة الى الوطن معززين ويوعـدهم بأصدار عفـو شامل عنهـم مما يترك آثار نفسـية على حالة اللاجئين ولكن كيف العودة والجميع في معتقل أسمه مخيم اللاجئين في جهرم .

مرت أسابيع من المعاناة والمشاكل اليومية قبل أن يعود الوضع الخدمي الى وضعه الطبيعي ما قبل السيول وعاد اللاجئـون ثانية الى الأصطفاف في طوابيـر من جديـد للحصول على متطلباتهم اليومية وسط مستقبل مجهول للجميع، في هذه الفترة حصلت تطورات وأحداث عديدة في المخيم كان أبرزها عملية تنفيذ عقوبة ( الجلد) (4) وفق الطريقة الأسلامية برجل وأمرأة وأمام جميع اللاجئين وهذا ما سنتحدث عنه في حلقتنا القادمة.

الهوامش......

ــــــــــــــــ

1 ـ التومان ... هي العملة الأيرانية المستعملة وتساوي 20 تومان / للدولار الأمريكي الواحد في ذلك الوقت.
2 ـ الحنة ... مواد نباتية مخلوطة ومطحونة على شكل باودر تستعمل لصبغ شعر النساء والرجال.
3 ـ الشب ... مادة كيمياوية (كبريتات البوتاسيوم والألومنيوم) تستعمل لتصفية وتطهير المياه من الطين العالق به والشوائب.
4 ـ الجلد..... عقوبة تصدرها أحدى المحاكم الأسلامية وفق الشريعة الأسلامية ورد ذكرها بالقرآن .

يتبع