أوراق أنصارية من الزمن الصعب / إعداد فائز الحيدر             

مذكرات الفقيد النصير سلام الحيدر ( د. أبو تانيـا )

فصيل الأعلام المركزي

الفصل الثامن

ليلكان / 2

 تحسن الوضع التمويني تدريجياً للجهود التي بذلها الرفيق ( أبو زيوا ) ومع ذلك بقي ( البرغل ) بطل الساحة دون منازع لفترة طويلة، وكل يوم تبقى نصف الكمية المخصصة للعشاء أو أكثر لا يمسها الرفاق ولكن يعود لها الرفاق في الساعات المتأخرة ليلا" لأكلها مرغمين بسبب الجوع. بعد بناء القاعات قمنا بنشاطات عديدة وكانت ذكرى ثورة أكتوبر هي أول مناسبة أحتفلنا بها بالأشتراك مع الرفاق (الهورمان) وتخلل الحفل أغاني ثورية بالعربية والكردية ودبكات مختلفة أضافة الى لوحات أستعراضية، وفي ذلك اليوم وصلنا خبر أطلاق سراح رفاقنا من الأسر وبعد أيام وصل الرفيق ( أبو عبلة ) وحدثنا عن تلك الأيام وكيف نجى بأعجوبة من الموت.

شكلنا في الفصيل لجنة ثقافية كنت من ضمنها أضافة الى الرفيقة ( ليلى ) والرفيق الشهيد ( آزاد ) الذي أستشــهد فيما بعـد في معارك أربيل صيف 1984، وأقامة اللجنة فعاليات مختلفة وأمسيات عديدة في الاقتصاد والطب والأدب والسياسة وأستضافت اللجنة رفاق من الهورمان في أمسيات حول بدايات تأسيس ( حزب تودة الأيراني) وحول الأوضاع السياسية في أيران، وفيما بعد وصلنا الرفيقان ( كاظم حبيب ومفيد الجزائري ) وقدما أمسيات حول الأعلام والوضع السياسي وأصدرت اللجنة نشرة حائطية ومجلة دورية أسمها ( الأممي ) وقد تطرق أليها الرفيق ( داود أمين ) أبو نهران في مقالته حول أدب الأنصار في الثقافة الجديدة فيما بعد. على صعيد آخر قام رفاق الفصيل بجولات عديدة الى قرى ليلكان وآلكة وسبيكة وسبندارة وقدموا خدماتهم الطبية والأجتماعية وأستطاع الرفيق ( هه زار ) بلباقته أن يزيل خلافات بين عدد من العشائر في ليلكان فكسبنا ودهم بسرعة وأصبحت لنا ركائز عديدة ساعدتنا في نقل المعلومات والحصول على المواد التموينية وخاصة عائلة القروي الطيب ( كاكه حمه ) وأخوانه حميد وهاشم وأبنه زبير وكانت هذه العائلة قريبة منا وحتى اثناء الأنسحاب صيف 1988 عندما تقدمت القوات العراقية على مواقعنا بعد الحرب مع أيران، وأتذكر في أحد المرات وبعد أقتراب القوات العراقية من مواقعنا جلب أكثر من عشرين حيوان لنقل حاجات الفصيل وقد جمعها من قرويين متعاطفين معنا .                     

مع سقوط الثلج وبرودة الجو شتاء" أصبحت الحركة قليلة فكانت أعمالنا تقتصر على الحراسات والخفارات اليومية وبعض الجولات القريبة، أما الليالي فكنا نقضيها بألعاب الشطرنج وأحاديث متنوعة، وكانت مطالعاتنا قليلة لعدم توفر الكتب أضافة الى وجود فانوس واحد غير كافي لتوفير أضاءة مناسبة للقاعة وغالباً ما كنا نستغني عنه لعدم توفر النفط، وفي أحد الأيام وأثناء زيارته لفصيلنا أعارنا الرفيق فاتح رسول ( أبو آسوس ) العدد الأول من مجلة النهج والذى وصل حديثاً ولعدة أيام فقمت مع الرفاق ( أبو زويا ) و( سامان ) و ( ليلى ) بتدوين معظم مواضيعه في دفتر وعلى ضوء الفانوس وأصبحت هذه المواد مادة تثقيفية للهيئات الحزبية وخاصة مقالة الرفيق خيري القاضي ( أبو زكي ) المنشورة في ذلك العدد حول التنظيم الحزبي .                                                                                       

 ومع حلول الربيع قام الفصيل بفعاليات أحتفالية بيوم الشهيد الشيوعي وبمناسبة أستشهاد الرفيق الخالد سلام عادل 9 ـ 10 آذار 1963 كذلك بالذكرى الخمسون لتأسيس حزبنا الشيوعي وكان أحتفالا" كبيراً، وقبل أيام من الأحتفال أتذكر تلك الحادثة الطريفة فمنذ فترة طويلة لم يتذوق الرفاق طعم اللحم فطلب الرفاق في القاعدة والأعلام ببذل جهود للحصول على حيوانات وخاصة ونحن على أبواب الأحتفال بمناسبة تأسيس الحزب  وكان المفروض أن يحضر الأحتفال ضيوف من الأحزاب الكردية، وبالرغم من الجهود التي بذلها الرفاق في معظم الجولات لم نفلح بالحصول حتى على معز واحد. في ذلك الوقت جائنا الرفيق ( أبو عادل ) المستشار السياسي للقاعدة وتحركنا مع عدد من الرفاق في محاولة ثانية في قرى ليلكان ولم نفلح في ذلك أيضا" وبقي أملنا في المفرزة العائدة من قاطع بهدنان، وبعد قطع مسافة طويلة وأثناء عودتنا الى المقر شاهدنا على تلة مرتفعة ثورين كبيرين جداً ولم يكن أحداً بقربها فأصر عدد من الرفاق ومن بينهم الرفيق ( أبو عادل ) بأنها أما أن تكون قد ظلت طريقها أو ربما ليس لها أصحاب ( وهل يتصور أحد بأن الثيران ليس لها أصحاب ) ولكن الرفاق قرروا أخذها والمستقبل كفيل بنتائج هذه العملية .                                        

 ليلا" وبسرعة وبدون علم الكثيرين تم نحر أحد الثورين وأرسل الثاني الى مقر القاعدة والأعلام، كان الثور كبير جداً لدرجة أنه تطلب عدد كبير من الرفاق و بمساعدة الرفاق الهورمان لطرحه أرضا"، كان اللحم لذيذ للغاية، ولكن بعد أيام جاء الى المقر بعض القرويون يسألوا عن ثيرانهم المفقودة وأصروا على وجودها عندنا ونكرنا بدورنا ذلك، الأمر الذي شجعهم للذهاب الى مقر القاعدة ولقاء الرفيق كريم أحمد الذي أنب جميع الرفاق وخاصة الرفيق ( أبو عادل ) وتم تعويض القرويين 300 دينار عن كل ثور. وفي نفس يوم الأحتفال عادت المفرزة من قاطع بهدينان ومعها عدد من الماعز وأصبحت كمية اللحوم كبيرة وخوفا" من أن تتلف أخذ الرفاق يتفننون في أكله، وأعتقد أنها أول وأخر مرة نأكل مثل هذه الكمية من اللحم طيلة فترة بقاءنا في كردستان.

عاد مع المفرزة الرفيق ( أبو ذكرى ) بعد أن أستدعي من قبل المكتب السياسي في قاطع بهدينان لغرض أخباره بأستشهاد الرفيقة  البطلة ( أم ذكرى ) في موقف بطولي مشرف، عاد الرفيق ومعنوياته عالية وبقي معنا فترة يمازح الرفاق بقوله ( سأحكي لك مع السيد، يحتاجلك سنتين أو ثلاثة ) ويقصد بأنه سوف يتكلم مع ( باقر أبراهيم ) ( أبو خولة ) عضو المكتب السياسي في ذلك الوقت لسنتين أو ثلاثة. في تلك الأيام وعلى شرف الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب قامت رفاق القاعدة والأعلام بفعالية عسكرية في ( لولان ) وأحتفال كبير حضره عدد كبيرمن الرفاق والضيوف وكرم في الأحتفال عدد من الرفاق وكنت من بينهم. في تلك الأيام وعلى شرف الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب قامت رفاق القاعدة والأعلام بفعالية عسكرية في الأول من آيار قام رفاق الفصيل بفعالية أحتفالية بمناسبة مرور سنة على أحداث بشت آشان وأستشهاد كوكبة من رفاقنا، ونظمت القاعدة فعالية عسكرية في حزيران / 1984 وأختير هدف

عسكري هو موقع لفوج عسكري عراقي سابق كان قريب من مواقعنا، وكان الهدف من هذه الفعالية تمرين الرفاق وتجربة الأسلحة الجديدة ورفع المعنويات، وشارك عدد من رفاق فصيلنا بهذه العملية، وكانت الفعالية ناجحة والرفاق في معنويات عالية وحماس كبير، ولكن ذلك لم يمنع الرفيق أبو سليم ( كريم أحمد ) من التعليق والمزح عندما أخبر بأن الرفيقات أخذن يهلهلن من شدة الحماس أيضا" والرفيق أبو سامي ( كاظم حبيب ) ألقى قصائد من شعر الشاعر الألماني غوته وبصوت عالٍ لرفع معنويات الرفاق فعلق الرفيق أبو سليم ( والله لو كانت ربيئة حقيقية والفوج موجود ما جانت تصير لا هلاهل ولا شعر ألماني ويمكن جان يصير ركض ).

كان الرفيق دائما" ذو تعليقات حلوة وفي مناسبات عديدة، وأضحك عندما أتذكر تعليقاته وكلماته للرفيق ( علي مالية )، في أحد الأيام طلب الرفيق ( أبو سهيل ) مهندس الأذاعة من الرفيق ( كريم أحمد ) مساعدتهم بمبلغ لشراء حيوانات تكون خاصة بفصيل الأعلام لنقـل الأذاعـة في حالــة الطـوارئ وكانـت الفكـرة جيـدة وظروريـة وطلب الرفيـق (كريم أحمد ) من الرفيق ( علي مالية ) وكان مسوؤل مالية القاعدة بدفع مبلغ لشراء الحيـوانات ولكــن الرفيـق ( علي ) أخبــره بعـدم توفـر أية نقــود حاليا" فـرد أبو سليـم (( كوموا ، م ..... تريدون تسوون ثوره ضد صدام وما عدكم جم دينار تشترون أبغال  ) .

 

يتبع في الفصل التاسع