في ذكرى أخي الشهيد نافع عبد الرزاق الحيدر/  فائز الحيدر

كل الأغاني أنتهت .. إلا أغاني الناس

اخي نافع لا نريد اليوم أن نرثيك في هذه السطور ونكتب سيرة حياتك النضالية فأنت الأولى بكتابتها بكفاحك ونضالك، فبأنظمامك للحركة الوطنية حققت رغبتك في أكتشاف الطريق التي تسير فيه نحو غدك المشرق وعرفت طريقك نحو الشمس، ونسيت الطفولة والشباب والطموحات الجميلة، وفي الظروف الصعبة التي مر بها الوطن وترجل البعض عن صهواتهم، وغاب آخرون في الزحمة، بقيت تصول في الميدان وترفض مغادرة الوطن، فأثبت للجميع بأنك الأبن البار لتلك العائلة التي تمرست في دروب النضال، أن مشاعري تدفعني اليوم للكتابة عنك في ذكرى استشهادك يا أخي البطل نافع حيث تمر يوم غدٍ وبالذات في 26 مايس / آيار / 2020 الذكرى الأربعون لأعتقالك وتغييبك .

ولد الشهيد نافع في 16 / نيسان من عام / 1949 من عائلة مناضلة معروفة، قدمت للوطن العديد من الشهداء، كان دمث الخلق، صبورا"، شديد الدفأ والود لرفاقه ولأصدقاءه ولعائلته. يتميز بالبساطة والعلاقات الواسعة، أنتمى لصفوف أتحاد الطلبة العام وهو في المرحلة الثانوية من دراسته وهنا كانت البداية لمواصلة العمل والنضال في صفوف الحزب الشيوعي، ثم واصل دراسته الجامعية في جامعة بغداد / كلية التربية / قسم الجغرافية حيث تخرج منها وبتفوق عام / 1971.

بعد اكماله الخدمة العسكرية أنتدب لوزارة التربية وعين مدرسا" في ثانوية قضاء سوق الشيوخ / محافظة ذي قار عام 1974 ولعدة سنوات، وهناك تبوء عدة مراكز وطنية وحزبية، وخلال عمله هناك كسب حب وتقدير رفاقه وزملاءه، ونظرا" لتفوق تلامذته في الأمتحانات العامة نقلت خدماته الى بغداد عام 1978 ليواصل التدريس في متوسطة الثورة للبنين في مدينة الثورة في بغداد، فعمل بتفاني على رفع المستوى الدراسي لطلبته وخلق نوع من الصداقة والمحبة بينه وبين تلاميذه فكان بالنسبة لهم بمثابة الصديق والأخ والمربي..

في بغداد تحمل عدة مسؤوليات حزبية ومهام عدة كان آخرها عضو المكتب التعليمي والصحفي للحزب، وخلال الهجمة الفاشية لتصفية الحزب الشيوعي العراقي كان كتوما" لدرجة كبيرة لأسراره وحياته الحزبية ورفض بشكل قاطع مغادرة الوطن أسوة بالآخرين لأنه كان يعتبر الوطن هو موقع النضال الحقيقي وليس خارجه .

في بداية آيار / 1980 وعند أشتداد حملة القمع والأرهاب ضد الحزب الشيوعي العراقي وسقوط العشرات، كان لديه أحساس إنه سيقع في قبضة القتلة، لذلك زار معظم الأقارب، يسمعهم، يدردش معهم وكأنه على علم بأنه يودعم الوداع الأخير وهذا ما حدث .... ففي ذلك الصباح من يوم 18 / 5 / 1980 وهو يستعد للذهاب الى دوامه الرسمي ودع والدته المسنة وزوجته ... مؤكدا" لهم بأنه سيبقى أمينا" للمثل العليا التي آمن بها، وبعد ساعات من مغادرته البيت ألقي القبض عليه من قبل رجال الأمن في ساحة النهضة في بغداد ونقل الى جهة مجهولة وضاعت أخباره منذ ذلك الحين .

 بعد شهور حصلت عائلته على معلومات من بعض المعتقلين المفرج عنهم إنه كان بطلا" خلال التحقيق حيث تعرض الى تعذيب وحشي بشع وهو يردد قصيدة سعدي يوسف المحببة لديه ( كل الأغاني إنتهت إلا أغاني الناس، والصوت لو يشترى ما تشتريه الناس ) .

وبعد سنوات من المتابعة تم تسليم عائلته شهادة الوفاة الصادرة من مستشفى الرشيد العسكري المرقمة 91241 والمؤرخة في 26 / 5 / 1984 والتي تنص على أنه أعدم شنقا" حتى الموت، وبعد سقوط النظام الفاشي ومن بين الوثائق التي حصل الحزب الشيوعي العراقي وثيقة صادرة من ( مديرية أمن مدينة صدام تؤكد أعدام 91 شيوعييا" كان أسم الشهيد نافع عبد الرزاق صكر الحيدر من بينهم، ورغم الجهود التي بذلت لم يعثر على رفاته

اخي نافع ....انك تعيش معنا دوما"، أهلك ورفاقك، يذكرونك في أحاديثهم وكلماتهم في كل مناسبة ..لقد غادرتنا بعجالة، ولكنك لم تغب عن فكرنا وقلوبنا، فما زال أسمك شاغل رفاقك وأصدقائك وسيبقى خالدا".

 سلاما" وتحية إجلال لذكراك أيها الأخ والرفيق الخالد نافع ولجميع رفاقك، ذكرى الرجال الذين لم تنكس راياتهم يوم إنتكست الرايات، إليكم يا من إعتليتم المجد وصعدتم أعواد المشانق ... لقد سطر صمودكم البطولة والشموخ في سجلات ومآثر الخالدين الأبا.... .فلكم الخلود.

كندا في 25 / 5 / 2020