مذكرات بيشمركة / 65 / سعيد الياس شابو/كامران          

( غفور سيدكاني و غفور بيمزورتيي )

2014.03.13

بعد العودة من مقر روست ووصولنا الى قرية كوليتان وكانت الساعة تشيرالى الحاديةعشرة ليلا .. والكل في القرية متحللين و أهلها غاصين في النوم وربما حالمين ... وبعد طرقات عديدة !!!،!!!،!!! مزعجة من قبلنا .. لكون الساعة متأخرة شتاءا في الحياة القروية ، وبعد الاصرار المستمر من قبلنا ، ونباح الكلب المستمر علينا وهو مربوط من عنقه ، وإلا لهجم علينا .. ليثأر لما حدث لصديقه وربما شقيقه الكلب والذي قتله النصير عبير وذلك دفاعا عن نفسه ، والبنت القروية الأخت مراريخان غاضبة ومتعصبة بحيث رشقتنا بكلمات وجمل وماذا تفعلون بهذا الوقت المتأخر .... مصرة على رؤية ملامحنا و رافعة الفانوس القروي بوجهنا  ... لترى وتطمئن ... من نكون نحن ؟!

 

أفتحي الباب وقولي ماشئت بكسر التاء ! وكلما غضبت .. كلما كان ردي هادءا .. افتحي الباب ..لا نريد العشاء ولا النوم ... بس نريد نتدفا / دفو الصوبة الحطبية القروية !! وبعد التأكد من أننا لسنا أعداء ... فتحت الباب وبجانبها أخيها ( الفقي / الملا الصغير )، وبعد السلام والاستفسار عن أوضاعهم الأخوة القرويين ؟! فسارعت البنت القروية الشجاعة ... خليتونا حال وأحوال ... يومية جاية مفرزة منا ويومية مفرزة راجعة منا ! أي تقول البنت المحقة .. ما هذه الأشكاليات .. لماذا مفارزكم قادمة من الطرفين أي من كوستا وروست وما خلفهما ... لترجع كل مفرزة الى حيث ما قدمت .. أتت منه !! وتقصد بأن لا نمر في القرية ولا نحل عليهم ضيوفا ..........................!

وبعد اللعب في الصوبة .. لإحمائها وتيبيس وتجفيف الملابس المبللة والمتصلبة !! تناولنا الحديث حول جدوى مفارزنا ومهماتها وحركتها المستمرة حول الشريط الحدودي والمهمات الملقات على عاتقها .. وشرحت لها بالطريقة السهلة والمبسطة .. فقلت أنت محقة بذلك .... ولكن فيما لو رغبتم بالذهاب الى كويستانات جبل كيلة شين .... أي من الطرق تسلكون ؟ فأشرت الى الطريق ، وواصلت وفيما لو رغبتم بتبضع الذخيرة ومنها الدقيق / الطحين .. فأي طريق تسلكون ؟ فأشرت الى الطريق المعاكس ، فردت ضاحكة وبعد التعصب الشديد  ........... ها ! فقلت أجل هكذا هي الحياة .. فتصوري نحن أخوانك وضروفنا تتحكم علينا هكذا حياة .. فما موقفك؟ فأصبح تغير الفهم والموقف كليا .. بحيث أصبحت الأخت مراري خان في الصورة الحقيقية والواقعية لمهام البيشمركة الأنصار .. ولم تكتفي بذلك الشرح أبدا .. وقالت وأنتم أين ذاهبون ....؟ ها نحن ... نحن ذاهبون للموت ! وضحكت مع أخيها الشاب الصغير .... ألم تقولين ... وهل تبحثون على الموت ؟! فقلت نحن ذاهبين لأيران الجارة بعد ما كان الطريق فيه صعوبات للعبور ! فقالت وردت .... وما استفادتنا منكم ونحن نستقبلكم طيلة هذه المدة ومفارزكم تمر عبر قريتنا في فصول السنة ومدارها ، ولم يكن الوضع والحال غريبا من أن تلتقي في القرية أكثر من مفرزة في آن واحد .

ولقفت الجملة ..  وماذا تريدون وما تطلبون .. أمركم على الرحب والسعى كما طلبكم ؟ وتقول الآنسة الفاضلة مراري خان .... ثمة سوارات ( بازنه ) في مدن كوردستان ايران جميلة وهي مصنوعة من فضة ! وفيما لو عدتم فسأعطيك ثمنها وأكون شاكرة لك !

 

يالها من صدفة .. ويا له من طلب أخوي .. ويا لها من مناسبة .. أين نحن الآن ؟ ويمكن اعتبارنا في القطب وكل حسب تفكيره ومفهومه .... والأطرف من ذلك ..... قهقهات من الضحك المستمر .. انتعش قلبي وحقق البعض من طموحنا .. وهم مستغربين ببعض الشيء ! لماذا كل هذا الضحك .. تسأل البنت الجبلية الصادقة والجريئة ؟! لماذا تضحك ؟ هل تستهزأ بنا ؟!

كلا يا أختي ... وأطلبي بعد !!!! فأكتفت بذلك ، فبحثت عن العليجة التأريخية ... وبعد فتح الزنجير/ المخرط ، فأخرجت ألبوم صور وفيه جميع الصور منذ ربيع 1979 ولحد صيف 1981 ، صور رائعة وقصتها قصة ! المهم أخرجت ( 6 ) أسوارات فضية وبنقوش رائعة .. أخرجتها من خانة الصور وقدمتها .. وقلت .. السوارات أشتريتها لشريكة حياتي ومحتفظ بهم ، وهي تصاحبني في كل الأوقات .. والآن أصبحت من قسمة أختي مراري خان ، بينما كنت مشتريها من مدينة مهاباد في صيف 1979 .

فرفضت من استلامها وهي تقول .. انها هدية لزوجتك ! فأصريت بأنني سأشتري غيرها وهذه هي من نصيبك وقسمتك ، وهنا الصدفة لعبت دورها .. وبعد حلف اليمين والقسم ، وليس كقسم البرلمانيين الحاليين / يقسمون ويكذبون ! حلفت بأن تقبلها هدية من زوجتي أم فيدل ! فقبلت الهدية مشكورة .. والحديث يطول .. وبما أنك متزوج ... لماذا تجول هذه الجبال وفي هذه الأوقات الصعبة للغاية وو ........................ عشرات الأمور السريعة الأخرى ! تناولت الاسوارات / المفردات .. وتقلبهم وتفحصهم بدقة متناهية .. فيما لو تكن مزورات .. وتنظر على النقوشات الجميلة .. غير مصدقة بتحقيق الأمنية وبهذه السرعة والصدفة .. وزاد الحديث شياقا وتلاشت العصبية .. فأخذ العزيز الأخ الصغير الألبوم ليتقلب فيه .. ومشاهدة الصور ومن ضمنها صورة العائلة الزوجة والطفل الصغير فيدل والبالغ من العمر سنتان !! .. ويستفسر .. هل هذه عائلتك ؟ أجل عائلتي وتركتها لأدافع عن الحق والمبدأ وأمور أخرى مبسطة وبلغة القرويين الطيبين .

وكاد الارتياح على الوجوه في طريقه ليرسم صور أجمل وأجمل ، والحديث مستمر وتناولنا وجبة عشاء المقسومة .. فزاد الحطب في الموقد / المدفأة الحطبية ، وماذا يا أخت مراري .. أنت طلبت .. وأنا جاء دوري لأطلب ...... وبالسرعة الفائقة .. أعتبرينا أخوة أضافييين لك .. نحن بحاجة الى نصف صفيح / تنكة طحين وعمله خبزا ليوم غد ! والساعة قد أقتربت من الثانية عشر ليلا .. فردت مسرعة ( به سه رجاو ) على عيني .. لم أتوقع بأن طلبنا والذي كان ليس سهلا أبدا قد يتحقق بهذه السهولة ! فشرحت لهم الحالة وحاجة مفرزتنا الى الخبز .. ونحن أمامنا مشوار ليس بالسهل أبدا ويجب تجاوزه !

اتفقنا مع الرفيق مام خدر قادر عالائي /مام خدر روسي آمر المفرزة ومفرزة أبو عادل الشايب الضمنية على إيجاد صيغة عمل الخبز أو الحصول عليه وبأي ثمن كان ! فعدت الى رفاق المفرزة .. وبضحكة .. مام خدر ... الخبز راح يدبر / أي سيكون جاهزا وفي الصباح الباكر .. وفي الصباح استلمنا الخبز والبعض من مربى التين القروي الطيب والبعض من الجوز من البيت الموقر وبدورنا لم نبخل بحق صاحبي الدار بمبلغ بسيط وقدره عشرة دنانير عراقية غير فدرالية !!

مشكورة الأخت مراري خان وأخيها وكافة أفراد عائلتها .. ومن هنا أبعث بتحيات أخوية صادقة لكافة أفراد القرية ومنها العائلة الكريمة .

وفي الصباح كانت الأرزاق جاهزة ومتهيئة في كيس .. هنا لابد من الأشارة من كوننا وبالرغم من عدم المنام الكافي .. إلا أننا انتعشنا بعد تأمين الخبز للأيام القادمة !! واصلنا الطريق وبوصفة من القرويين بأننا نعود .. ونسلك  الوادي .. والعلامات الدالة والفسحة والصعدة والمواصلة .. وبعد مسير أكثر من الساعتين وبلوغنا المرتفع الجبلي المطل على موقع قرية لولان المهجورة ... وبما أن بلوغنا الى نقطة مرتفعة في المنطقة والمطلة على المنطقة برمتها بحيث ترى الجبال الشامخة للحدود المثلثية وما أجملها المنطقة بكسوتها الشتائية ..و الثلوج مغطاة ومكسية المنطقة برمتها ومشكلة عائق أمامنا ! وبعد القاء النظرة الخاطفة .. وإذ بالغفورين يسلكان الطريق من قرية لولان المهجورة بإتجاه الحدود مع أيران الجارة كوردستانيا .

وبيننا مسافة غير قليلة أي بين مفرزتنا والكاروانجية غفور سيدكاني وغفور بيمزورتيي ، نحن من موقعنا المسيطر ومسلحين وهم في منخفض أي في القرية المهجورة ومركزها المهجور !!

وبالسرعة الفائقة واستخدام المنطق والبديل السريع .... سحبت أقسام البندقية .. وأطلقت رصاصة بأتجاه الغفورين أو الغفوران الطيبان القرويين الكسبة ! الطلقة الأولى .. جلبت انتباههم .. إلا أنهم واصلوا السير بالرغم من النداء الموجه اليهما وبصوت جهوري / راوه ستن ، قفوا قفوا قفوا ! واصلوا المسير قليلا دون أن يعيروا أية أهمية للوضعية لكونهم لايعلمون شيئا عنا ولم يكن اتفاق مسبق بيننا ! وربما حسبوا حسابات الطريق .. الرصاصة الثانية أوقفتهم على الفور ! والتزلج على الجليد والركض الغير المتوقع في النزلة والنداءات المستمرة أوقفتهم .. الى أن وصلت اليهم بحالة متعبة جدا والرفاق لا يزالون في خطوات أولية من النزول الجبلي والثلوج الكثيفة التي سقطت في كل حارة وصوب موزعة في الوديان والجبال برمتها.

توقفو عن المسير في أماكنهم مع حمولتهم من المواد التي محملة على البغال والمتكونة في أغلب الأحيان من الشاي العراقي والذي يهرب من العراق والى توركيا وايران وعلى طول الخط ومنذ عقود ، لكونه أي الشاي العراقي مرغوب فيه ونوعيات ومواصفات تقدر بالعالية .. هذا في حينه وليس كالحصة التموينية!

وقف الرتل .. حائرين فيما بينهم .. م السبب وماذا حدث ؟ ولم كل هالركض والسرعة في النزول وربما حسبوا حسابات لم تكن في الحسبان ، الله يساعدكم ! تريثوا لنذهب معا ..! أين أنتم ذاهبون ؟ جلها أسئلة في ثواني معدودة أطلقتها عليهم ، والجواب .. نحن الى ايران ..... ، طيب انتظرونا ........ معنا إمرأة وعجوز مريض !! وضعنا لايحسد عليه .. أنتظرونا لنشكل مفرزة واحدة ! فكانت الاجابة .. ليس بوسعنا من أن نتأخر أبدا ... والوقت يدركنا فيما لو تأخرنا وكانت الساعة تشير الى العاشرة صباحا من يوم ال 16 / 12 /1981 . ودار الحديث بيننا وكانت الحيرة من الموقف الذي نحن فيه .. أي نحن وأياهم .. محملين بضاعتهم ومصرين على السير في الدرب ! وبجملة مفيدة .. أوليس لكم ....... ؟! وكيف تتركوننا لوحدنا ونحن نفتقر الى الدليل ؟! عدنا الى المركز المهجور الى أن وصلت المفرزة الينا .. أي أنا والغفوران والبغال ننتظر قدوم الرفاق والانتظار طال حوالي ساعة الى أن وصل الرفاق الى المركز المهجور في قرية لولان الحدودية ، وبعد الدردشة ووضعنا .. قررنا من أن نكون ضيفا في البناية المهجورة للمركز ... وهي بالطبع بناء من الكونكريت الأسمنت ومسقفة بشكل جيد .. ولكن أخليت البناية من البيبان والشبابيك برمتها .. والتيار الهوائي في القطب المثلثي وفي البناية لم يرحم أبدا !.

غفور غفوري من قرية بيمزورتئ في كوردستان أيران ، وغفور سيدكاني من قرية تابعة الى ناحية سيدكان ، همومهم مشتركة أجبرناهم على البقاء معنا بقناعة! ونحن بحاجة الى الدليل .. وفيما لو واصلنا المسير ....................................... لربما ومن المحتمل وبالتأكيد لكان بقاءنا الى الربيع في وادي أو جبل أو ماشابه ذلك !!!.

ساعدنا الرفيقين الغفورين من فل وحل الحبال وانزال الحمولة من البغال .... نتحدث اليهما .. شاكرين لطفهما وموقفهما النبيل وانسانيتهما .. وهم غاضبين بعض الشيء  .. وتلاشى الغضب تدريجيا بعد الشروحات والتعامل الأخوي معهما طيلة النهار الكامل الذي قضيناه معا في المركز المهجور .

وماذا بعد ؟! قرية لولان هجرت في السبعينات من القرن المنصرم .. بناءها وخاصة بيت الشيخ .. أي شيخ رشيدي لولان وأسرته وعشيرته البرادوستية  .. كان بنائه  .. أي مسكنه  ومضيفه من طراز خاص من حيث الحجم والمساحة ونوعية الحجر الكبير المستخدم في البناء ، فأما أعمدة البناء الخشبية والتي تستخدم في التسقيف .. ذات الأحجام والمواصفات من حيث الحجم سمكا وطولا و التي قلما شاهدته في الحياة الجبلية ولحد الآن !

بحيث نقلنا البعض من الأخشاب من مساكن أخرى لنزيد الجمرات القديمة نارا وهاجا .. وكان السؤال من قبلنا  ؟ بعد أن تناولنا عمودا كبيرا لنضيفه الى الموقد ولم يهتز أبدا ولم يقبل بالتحريك .. ساكنا ... ويقول ... أنا لست لأحرق وأصبح رمادا ! بل أنا شاهد على العصر ! وكان الجواب من الغفورين .. بأن 300 شخص من رجال الشيخ والقرى ساهموا بنقل الأشجار وبطرق عديدة وعجيبة في حياة النقل القروي .

فأما موقع قرية لولان المسطح  ..تحيطه جبال ووديان ونحن حلينا ضيوفا لآول مرة على والى المنطقة ونفتقرالى المعرفة بجغرافيتها .. ولم نسلك تلك الطرق ولا نعلم كيف كنا قد فكرنا لنسلك الطريق وبهذا الطقس الشتائي القاسي وما هي العواقب والصعوبات التي ستصادفنا لو لا مفرزة الأحبة غفوران .. ومركز الشرطة المهجور .. أخلعت بيبانه وشبابيكه الحديدية من قبل القرويين ، البغال في غرفة كبيرة من بناية المركز ، ونحن في غرفة شباكها وبابها المخلوع مع الغرف الأخرى تشكل تيارا هوائيا على طول الوقت .. والدخان يعود في وجهنا ومستنشقين الكميات الكبيرة منه والقسم الآخر نحتفض به بملابسنا لكي لايذهب سدى وبدون فائدة ! والقسم الآخر تدفأ الحيوانات البغال به وتستفاد منه لتلافي البرد القارص والذي لايطيق أبدا !

وبمجرد تهيئة الوجبة الغذائية من المقسوم وكان بذمة غفوران الجبن ونحن نملك الجوز ومربى التين والشاي العراقي الغير طائفي والغير مزور ! فأبدينا بأحتساء الشاي الحار وبأقداح الأخوة وفي كتاليهم + قواطينا وأبدينا الحديث المتنوع الشيق والجلوس على الخشب والأرض الباردة لكونها مطلية بالسمنت ولم ولن تحمى نفسك أبدا طالما الثلوج والجماد قد وجدت موطيء قدمها في الغرف وعبر الشبابيك المخلوعة !

 

يا أهلا وسهلا ... يا هلا ومرحبا ... في هذه المرة ضيوفنا الأحبة ليسوا بشرا ! بل الكلب الوفي والقطة .. اللذان عاشا وتصادقا بسبب الترحيل .. نحيلان .. وربما نحيلتان .. ضعفاء البنية الجسدية منقطعان عن الكرة الأرضية ..إلا ما يمر من هنا ويترك لهما ما يزيد من المائدة ! أصدقاء أوفياء لم يتحاربا ولم يتشاكسا ولم يزاحما بعضهما بعضا ولم يغدرا بغضهما بعضا ، ولم يتسابقا على سرعة الحصول على اللقمة ! شاهدان على العصر ! ويطرحان نقطة نظام ! ويشتكيان همومهما ومعاناتهما .. يحتاجان الدفؤ حالهم حالنا ! وهما بحاجة الى الحياة وديمومتها والألفة والصداقة .. ونحن نعلم من أن الكلب والقطة أعداء وليس أصدقاء ، ولكن في هذه المرة أصبحا وبحكم الضروف القاسية .. أصدقاء وأسمهما دخل التأريخ ويحق لهما وعلى الأقل من أن يطالبا وفي زاوية من زاوية المركز من عمل تمثال لائق بهما يشير الى الحقبة الزمنية الغادرة من العصر العراقي الذي سبق الفدرالية !

أعطيناهم المقسوم وحالهما كحالنا وكم كانت الصدمة قوية .. نحن في وضعية وهم في وضعية أخرى تماما ؟! وما الحلول لعدم توفير الحلول وخاصة التفكير بنقل الأصدقاء أي القطة والكلب الى بر الأمان وهذا ما جربناه وحاولنا معهما .. إلا أنهما لايرغبان بترك المنطقة وكأنها طابو غير مزور بأسماءهما !! ليست الغرابة في العراق النفطي .. كل شيء قابل للتغير ! وحتما لو يصر مخرجا سينمائيا  من المخرجين بكتابة السيناريو والتعامل مع الممثلين القادرين ليروضوا قطة وكلب وفي الموقع ذاته .. لنال الأعجاب ومن المحتمل سيفوز الفلم بجائزة أوسكار وفي مهرجان كان السينمائي !

ومن المحتمل المخرج  الكوردي بهمن قبادي من أن يتبنى الفكرة ولتصبح  الفكرة .. قصة ومن ثم فلما يشاهده العالم بأجمعه ! ولكن لنا حصة من الوارد وليس جله لكم !

قضينا وقتا وحتى الصباح الباكر بين اللعب بالنار والحديث المتنوع وغفلة المنام والحراسة والتأملات العديدة والتهيأ للرحلة القادمة والنهوض الصباحي المبكر .. أو بالأحرى التهيئة للرحيل لكوننا ليس بمقدورنا من أن ننام في مثل هذا البرد القارص والمكان الغير ملائم .

وفي الصباح الباكر والساعة بين الرابعة والخامسة صباحا .. تحركنا وبعد تناول الفطور الأجباري ! وبهمة وعزيمة وتفاؤل .. أصبحنا مفرزة واحدة مختلطة ولا فرق بيننا .. وهم ونحن نسمي بعضنا بعضا ب (هاورئ) أي رفيق ، نحن نفتح الطريق ونسهل للبغال ما يمكن تسهيله ، أبو عادل الشايب الوحيد الذي يستقل بغلا .. وبين الحين والحين / يجحفط في فمه وهي أصبحت سولة أو عادة عنده .. ليجلب النظر في كل مرة ! ولم يترك تعليقاته جانبا إلا وخرج بالجديد من التعليق المناسب  واللطيف والمزيل للمتاعب.

والمسير مستمر ومستمر ومستمر الى أن بلغنا النهر ( روبارى كاده ر ) نهر كادر ، وأهل القرية أعلمونا بأن الطريق سهل .. فقط  .. تسيرون مع النهر وتعبرون النهر  ومن ثم تصلون القرية الحدودية  ، الماء الوحيد الذي يجري في النهر أو الرافد الشبه الهاديء .. وقفنا قليلا قبل العبور .. لتناول وجبة الغذاء السريعة من الخبز والماء البارد الجامد والذي لا ينجرع بتاتا !

وكانت نقطة النظام .. هل نعبر الرافد ونحن بدون أحذية ( حفاي ) أم مع الحذاء ؟! والطريقتان .. كلاهما وهي صائبة ومخطئة !! أي لو عبرنا مع الأحذية .. سيكون الماء قد دخل كل مفاصل الرجلين والجواريب والحذائين وأنت تتحمل عواقب الروماتيزم ! وفي حال العبور وحاملين الأحذية .. فمن المحتمل الانزلاق وجرح الرجلين وتحمل عواقب في حال حدوث ذلك ، وهذا الأمر يبقى عند الفرد واجتهاده الشخصي ويختار نوعية العبور ! وبما أن يمكن للمرأ من الأختيار و العبور الأجباري ل (12) مرة من النهر على التوالي ! أو مرة واحدة ومن ثم صعدة حادة وتسلق الجبل ! فأتفقنا على العبور لمرة واحدة ومن ثم صعود الجبل والمسير في طريق العبور لمرة واحدة وليس 12 مرة !