مذكرات بيشمركة / 72/ سعيد الياس شابو/ كامران              

منطقة برادوست

2019.01.23                                                                               

لو تناولنا كل منطقة من مناطق كوردستان العراق الجنوبية .. لنرى الكثير والكثير مما لاتراه العين الغامضة العمياء المريضة والمتربصة بثروات النفط الغدار بحق شعب تحمل الكثر والكثير  من الصعاب والويلات وفي أزمنة وحقب مختلفة من الأنظمة الحاكمة على العراق و منذ عقود الست الماضية وما تلاها من التشنجات والأقتتال الداخلي الكوردي وفرض سلطة الأدارتين من قبل الأحزاب الحاكمة وتقسيم الثروات والغنائم لسنوات دون حساب ورقيب وترك تلك المناطق الواسعة التي دمرتها السلطات العراقية المتعاقبة على زمام نظام الحكم ومنذ أن تدهور الوضع أبان حكم عبدالكريم قاسم والى يومنا هذا يستمر القصف الشديد لدول الجوار بين فترة وأخرى من قبل جمهورية ايران الأسلامية والدولة الجارة تركيا والتي تقصف في كل يوم تلك المناطق الجميلة من الشريط الحدودي من الحدود السورية المحاذية ومرورا بمناطق العمادية ومناطق سيدكان ومناطق جبل كاروخ وورتي وانتهاءا بمناطق جبال قنديل وما ورائهما وبينهما من مناطق جميلة جلها تصلح من أن تكون من أجمل مصائف الدنيا وتحت ذرائع وجود الفصائل المعارضة للدولتين الجارتين !! وأغلبية سكنة تلك المناطق محرومون من أبسط الحقوق الأنسانية ألا وهو العيش بأمان وتناول لقمة العيش في كل زمان ومكان بينما المجتمع الدولي لا حول ولا قوة له وفي الكثبر من الأحيان يتخذ موقف المتفرج !! و

تعتبر منطقة برادوست من المناطق الكوردستانية الواسعة جغرافيا وأكبر مساحة لو قورنت بالمناطق الكوردستانية الأخرى في العراق وتمتد منطقة برادوست الى شرق منطقة شيروان مزن وميركه سور ، والى المنطقة القريبة من منطقة ديانا / سوران ، والى منطقة بالكايتي ومن ثم جبل حسن بك الشهير ومن ثم الى حدود الدولتين الجارتين تركيا وايران .

بينما أكتب هذه السطور وأنا أتابع التلفاز المصري وإد بالرئيس عبدالفتاح السيسي يكرم عددا من أسر الشهداء المصريين خلال أحتفالية عيد الشرطة ال 67 !

والكل يقول تحيا مصر !

ولو ماعليش وشهدائنا متنوعون !!!!!!!! وأحيانا منسيون !! والكثرة من العوائل من رفاة وقبور أبنائهم محرومون !! والكيل بالمكيالين مبدعون !! والحكام للواقع متناسون ومصممون !! وللحديث عن الواقعية كارهون !! ولأنفسهم وحاشياتهم مبدعون !! وللمحاصصة وتقسيم الثروات محتاجون !!

فأما منطقة برادوست تمتاز بالطبيعة الساحرة ومن كل الجوانب ومثلثها الفرمودي وتلك النقطة أو الكتلة الكونكريتية والتي قسمت حدود ثلاث دول أي ايران ، تركيا والعراق كوردستانيا !!!

وأهم تلك الجبال التي تقوي وتزين المنطقة .. هلكورد ، شاكيو ، أودل كيوي ، سياكيو ، قلندر ، بولي ، بزين  وكوشينة وعشرات الجبال الأخرى بمحاذات الحدود للدولتان الجارتان .

فأما تلك السهول والهضاب والوديان الجميلة والمزركشة بتلك الروافد والنهيرات القادمة من الشريط الحدودي وجل مياهها نابعة من أرض العراق كوردستانيا ومشكلة عشرات الكيلومترات مناظر جميلة جذابة وخلابة  تصلح لزراعة كل ماهو مثمر ومفيد وناهيكم من الثروات السمكية اللذيذة والعسل البري !! وأهم ذلك  النهير مصغر النهر .. نهير بوكن الكاف الثقيلة ، نزاري ، قلندر ،  وأهمهم نهر حاجي بك  ومصادر مياهه القادمة من  سحر الأرض الطيبة قبل وصول الى جبل ( كيله شين ومثلث خواكورك السحري والذي توزع مياهه الى ثلاث روافد !!! رافد تجري مياهه الى كوليتان ومن ثم منطقة سيدكان ، والثاني يصب في وادي ( ده راو نازل الى خلف جبل ليلكان قاصلا بين دشت هيرت ودشت برازكر وهناك من يسميه بروباري حياة أي نهر الحياة ، فأما الفسم الثالث والذي تصب مياهه من الحدود أي المثلث الكوردستاني وقرية آري والينبوع السحري ( كاني خاسكئ ) وينابيع وذوبان الثلوج الموسمية ومرورا بمنطقة مقرات كوستا ، ويعتبر هذا النهر الفاصل بين الدولتين الجارتين تركيا والعراق كوردستانيا !!  وفي الأخير تصب تلك المياه في النهر أي الشط ( زئ ) الكبير .

وتلك السهول الجميلة ومنها حوض سيدكان و دشت هيرت ودشت برازكر / الكاف الثقيلة ! ومن أهم الوديان العاصية والتي كانت الدببة لم تهاجر تلك الوديان ( كلي حواكورك ) ، كلي ( كوستا ) ، ( كلي ره ش ) الوادي الأسود  و( كلي ليتان ) ووديان أخرى بعيدة عن الأنظار وقرى مخفية فيها كقرية صيرو وزرؤ الأشوريتان  وربما كلدانيتان وربما يهوديتان لأن الكنائس المطمورة لتلك المسمياة الجميلة لا يزال آثارها شاهد على العصر !!!

والحديث يطول عن أفخاذ العشيرة والشيوخ والأمراء الذين كانوا يحكمون المنطقة طيلة قرون من الزمن وحمايتهم للمنطقة من النزاعات والحروب التي كانت تصيب المنطقة حالها حال المناطق الأخرى وخاصة الغزوات من الدول الجوار بغية السيطرة على المنطقة لكونها استراتيجية جغرافيا وأقتصاديا .

والعودة الى الأهم ومفرزتنا التي يجب أن تستمر الى حيث بلوغ مقر كوستا الشهير وبعد مسير لنهارين وبحوالي 15 ساعة في كل يوم وبعد متاعب جمة بلغنا الى مقر كوستا الأم !

ومنذ بدايات العام الجديد 1982 من القرن المنصرم كانت طاحونة الحرب العراقية الأيرانية يتصاعد وتيرتها وأخذت منحى آخر من حيث كثرة الصولات والهجومات لجيشين جارين ودولتين جارتين ومسلمتين وأزدادت الخسائر الطرفين وأستمرار النزيف الذي قل نظيره في حروب العصر الحديث بحيث هرب من الجيش العراقي أعداد غفيرة وخاصة المكلفين وساعرج على الموضوع في منتصف السنة أي 1982 .

فأما على صعيد التحاق الرفاق في منظمات الحزب وتوجههم الى قواعد الأنصار البيشمركة كانت على قدم وساق واحر من الجمر، حاملين هموم الوطن وتاركين جامعاتهم ومتخرجين من جامعات وأكثرها من الدول الأشتراكية سابقا ! ومن جمهورية اليمن الديمقراطية الجنوبية الشعبية .

وعلى صعيد الداخلي للعراق وخاصة في مناطق كوردستان ومنها أربيل وشقلاوة  والسليمانية ومناطق أخرى ومن خلال وصول المفارز الى جامعة صلاحدين وعصيان الطلبة مما زادت عند الأهالي الحميمية والسخط الذي كانت نتائجه قد أثمرت وذلك  نتيجة تذمر شرائح واسعة من الأهالي و الطلاب والمعلمين المدعوين للخدمة الغسكرية والجنود الفارين من جبهات القتال .

والغريب في الموضوع .. كانت تلك المناطق المحرمة شتويا الحركة فيها نتيجة تساقط الثلوج الكثيرة إلا أن الحاجة أم الأختراع كانت هي القوى في حركة المفارز !

وتمضي الأيام والأسابيع والأشهر القليلة وحيث الربيع المفعم بالحركة والفعاليات المتنوعة وجريان الدماء في الأجساد الثورية وقدوم الرفاق والرفيقات الجدد حاملين معهم المعدات المتنوعة ومتحمسين لأسقاط النظام وماخذين في الحسبان من أنهم لم يبقى لهم فرصة للإنقضاض على النظام ....... لكون النظام الدكتاتوري القمعي في العراق آيل للسقوط القريب والحتمي !!!

الربيع والطموحات المشروعة ....

..........................................

بينما كانت مفرزة من رفاقنا تتجول في مناطق دشت هيرت ومنطقة ميركه سؤر بغية نشر الوعي بين أوساط أهل القرى وتوزيع منشورات الحزب والخوض في تكوين العلاقات بين الحزب ومفارزه والقيام بفعاليات ممكنة ، واستمرت المفرزة لحوالي أسبوعين في المنطة وفيها تححق عدة فعاليات وأهمها نصب اللافتات وكتابة الشعارات وما رافقهما من مسائل أخرى بالضد من الأجهزة القمعية والتي كانت الأداة القمعية للنظام ووجهه القبيح !!

وبين عودة المفرزة في الصباح الباكر من يوم الأول من شهر نيسان 1982 وبعيد يوم 31 آذار وهي مناسبة عزيزة على قلوب الشيوعيين العراقيين وأصدقائهم ومحبيهم ، ونحن في المقر كان الرفاق الطيبين قد أشتهوا بهذه المناسبة أحتساء كأس عرق والذي حرموا منه وهو من المحرمات في حركة الأنصار وكان قد جلب من صديق يتعامل معنا مقابل ثمن ومشكورا على جهوده ...... الطيبة .

إلا أن الوضعية أي وضعية رفاقنا والبالغ عددهم حوالي عشرة رفاق أنصار في المقر في ذلك اليوم .. ولا أعرف سبب التسمم والتقيؤ الذي أصابا به هو الغذاء أم الكحول ‘ علما في ذلك المساء نذرت نفسي من أن لا أتقرب منه ! وبعد ساعات من تناولهم الكحول والعشاء فقد أصابهم ما أصابهم من التذمر القوي والحالة التي يرثى لها بعد أن صغيت أصوات التقيؤ والمكوث خارج القاعة ومحاولات عديدة مني لتهدئة الوضع ولكن متاعب تلك الليلة لا تنسى أبدا ! أي بقيت الحرس الوحيد الساهر وحامل هموهم من الساعة التاسعة ليلا وحتى الصباح الباكر !!!!!!!!! حاسبا كل الحسابات العسكرية والطواريء ولحسن الحظ .. عادت مفرزة أبو وليد الى قواعدها سالمة الى كوستا ومن ثم تنفست الصعداء وجرت وعادت الدماء الى عروقي ! وتدريجيا عاد الرفاق المصابين بالحالة الى وضعهم تدريجيا ولم يصدقوا بما حدث لهم من سوء !

للشهداء ننحني

وللأحياء سلام