مذكرات بيشمركة / 73/ سعيد الياس شابو / كامران               

( الكلب شاهؤ ) !

2019 . 01 . 28                                                          

                                                                        

وأنا أكتب وأسمع واشاهد الأخبار وإذ بخبر مؤسف ومحزن ألا وهو  وفاة

أمير الطائفة الإيزيدية مير تحسين بك عن عمر ناهز الثمانون

فلروحه ألف سلام وأقدم تعازي الحارة الى كل الرفاق الأيزيديين وعوائلهم والطائفة الأيزيدية بهذه المناسبة الأليمة وأن يكون رحيله أخر الأحزان .

.................................................                                                                        

كلما تحدثنا عن الربيع بشكل عام تبرز صور جميلة عند الأنسان ، فأما الربيع في كوردستان له وقع خاص في قلوب البيشمركة الأنصار بشكل مغاير يختلف تماما عن اللذين يعيشون في النعيم بشكل دائم وبشكل آخر الحياة في المدينة متوفرة فيها كافة أنواع المأكولات والمتطلبات الحياتية ! فأما نحن فنبحث عن الحشايش الطبيعية لكي نصنع منها وجبة غذاء فيها التغير ولو قليلا وعلى سبيل المثال وليس الحصر / وجبة كاعوب بالبصل أو خباز بالبصل أو أمور أخرى تختلف من منطقة الى أخرى ( كالكاردي بالسماق ) والتي تنظف الأحشاء من التراكمات المتعلقة بالأحشاء والمعدة !! فأما العقول تبقى تتمنى دون الحصول على الأفضل إلا ماندر!!

وفي الثلث الأول من شهر نيسان من عام 1982 ميلادية ، وصلت إلينا مفرزة قادمة من ذاك الصوب أي قاطع بهدينان ومقراته العديدة وفيها محموعة من الرفاق المناضلين والخلوقين والطيبين حالهم حال أكثرية الرفاق المضحين وقاطعين مسافات والسير على الأقدام لأيام أنصارية عديدة وضمن المفرزة الرفاق أبو أقبال وأبو حاتم وأبو شيرزاد ورفاق لا تسعفني الذاكرة من ذكرهم ، وبعد راحة واستراحة أنصارية لمدة ثلاث تيام !!! والبرقية من المكتب العسكري لقوات الأنصار مفادها .. نقل المخابرة والجهاز اللاسلكي وكافة المعدات من مقر كوستا والى مقر روست دون تأخير !

الكلب شاهو .. قبل هذا التأريخ كانت مفرزة تتجول في في دشت هيرت ومنطقة ميركسور .. وإذ بالرفيق النصير زكي الطيب  ........ التحق مع المفرزة وبالذات مع العزيز زكي  ....الكلب  شاهو وفي ومخلص وذكي لحد النخاع ! كلب أبيض ومسميه ب ( شاهؤ ) ، وشاهو لا يترك النصير زكي ومتنفذا لأوامره وإرشاداته على أجمل وجه ! وتعود على تناول وجبة أكل طعام كما نحن الرفاق !

فأما همومي أنا كامران وفي هذه المرة ليست بالسهلة أبدا لكون معدات المخابرة ليست بالقليلة وفيها مسؤوليات لا تقبل المماطلة والأهمال  ! ورزم الجهاز الكبير المتكون من قطعتين وسماعات وجمبارات متفرقة !! وبطارتين أو بطاريتان ذو حجم كبير والتي تستخدمها السيارات ، ومولدة الكهرباء للشحن ومسائل متفرقة أخرى !! كلها بحاجة الى رزمها لكي لا تتعرض الى الدمار والعطل !!

وفي منتصف شهر نيسان تهياة مفرزتنا المجحفلة لتعلن الوداع لمقر كوستا الأم ومعلنة من أن الواجبات القادمة ينبغي من أن نكون في العمق أكثر بغية التحولات المرتقبة والسريعة تتطلب المزيد الحركة الدؤوبة ونكران الذات .

ومن هقر كوستا الشهير تحركت مفرزتنا بإتجاه مقر روست ، وفي مراحل ثلاثة واليوم نحن في المرحلة الأولى وقبل بلوغ النهر الهائج ( حاجي بك ) والقادم والمجمعة مياهه من كل حتة ومن كل وصوب !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ! مياه الأمطار الربيعية زائدا دوبان الثلوج الجبلية زائدا الينابيع الطبيعية  والشلالات  الرائعة .

لم يكن بمقدورنا عبور النهر لا في السباحة ولا يوجد جسر ليساعدنا في العبور .. بيد أن هناك أختراع جديد ألا وهو ( شنكل بانة ) الأنصارية والقروية وتسمى بال ( بؤسة ) أي العبور بواسطة سلك مربوط بقوة ومتانة على أشجار وصخور على جانبين النهر ويطول السلك حسب عرض النهر ومربوط بحبال في طرفين العتلة التي تقوم بمهمتها ذهابا وأيابا !!

ويبدوا كانت إرشادات الرفيق زكي من أن يربط الكلب في المقر لمدة والى أن نجتاز الطريق ولم يعقبنا لكون الفلاحين لا يرغبون من أن يروا الكلب مع البيشمركة لكونه نجس !

وبعد أن تهيئنا للعبور عن طريق السلك المحكم وفي الأحيان الكثيرة يكون ويتكون هذا السلك من أسلاك الكهرباء للضغط العالي السميك والرصين !! الكل تهيأ للعبور وحسب الأولية والحاجة وبفريق واحد .. وبعد إنزال حمولة البغلان الحيوانات التي حملناها بمستلزمات المخابرة ، وتدريجيا تم نقل كل المواد الى ذاك الصوب أي الجانب الثاني للنهر المجنون ربيعيا ! والذي أتعبنا كثيرا ليس عبورنا نحن الأباة !! وإنما البغلان القويان أو ربما القويتان وذلك لشدة جريان النهر وقوة دفع المياه في الثانية !! ولمرات ثلاث متتالية نحاول مع البغل السباح بالفطرة  من أن يعبر النهر دون حمل .. إلا أنه يقطع المسافة الى النصف وإذ تدفع أمواج الماء وتعيد الحيوان الى حيث ما أتى ولكن بعد تراجع حوالي عشرات الأمتار الى الخلف ! وبعد متاعب جمة أفلحنا والبغال في أجتياز المرحلة الصعبة والمهمة !!

وبعد أن أجتازت  المفرزة من هذا الجانب الى الجانب الآخر من النهر ونحن عازمون على شد الحمولة من جديد على الحيوانات بغية المواصلة في المسير ونجاح التجربة المفروضة علينا  !!

وإد ( بالرفيق شاهؤ ) قادما من مقر كوستا وهو يلهث وقاطع المسافة لمدة سبع ساعات ربما بساعة أو ساعتان لا أكثر لكونه متحمس وعلى الريحة تعقبنا كل تلك الكيلومترات دون أن يرى إتجاه مسيرنا وقبلتنا الأنصارية !!

الرفيق زكي غاضبا على الكلب الوفي شاهو  وبعد محاولات عديدة من الكلب لعبور النهر إلا أن كل محاولاته بائت بالفشل وبقى مصرا على وفائه ! زكي .. للكلب .. لك رفيق أرجع .. شاهو أرجع ! شاهو محدقا بالجانب الآخر دون جدوى  .. أرجع ! ليش جيت ؟! لك هاوري أرجع .. أرجع ولعدة مرات وبقلب محروق ولكن نحن علينا أن نتواصل المسير واصبح الكلب الوفي يبكي ومن شدة متاعبه لم يكن بمقدوره أن يعوي ويطير الى الجانب الآخر ، ونحن بين الضحك ونزول الدمعة لوفاء الكلب زادت همومنا لكوننا لم نقدر نحمل الكلب لنعبره معنا الى بر الأمان !! ولا نعرف ماذا حصل لذلك الوفي بعد ما تركناه في الجانب الآخر من النهر أي أصبح في الجانب المحرم عسكريا وغير ماهول ماعدا الحيوانات المفترسة والخنازير وقطعان الخيول ( الوحشية ) والتي تركها الفلاحون بعد تهجير قراهم في منطقة دشت سهل برازكر أي ( سهل الخنازير ) !

وفاءا لشاهؤ ووفاءا للبغال .. وتحية للأنصار البواسل .