مذكرات بيشمركة / 101 الفرس الجميل / سعيد إلياس شابو / كامران

2020 / 05 / 20
رسالة للسادة المسووءلين الذين كانوا يوما ما ( ثوارا ) واليوم اصبحوا في سدة الحكم!
==============================================

الحياة مدرسة ينبغي التعلم ، منها وعلى كافة الأصعدة والسبل ، وفيها اي المدرسة ابعاد وحسابات جدية وأخرى قد تقودك إلى متاهات مالم تكن تستخدم فيها الإمكانيات المتاحة والمستجدة والموءثرات التي تحوم حواليك وتتداخل في المفاصل الحياتية ، وخاصة المدرسة الحياتية الأنصارية تختلف عن المدرسة الحياتية في الأوضاع الاعتيادية المدنية ، وهنا يكمن بيت القصيد !
منذ ان التحقت بفصائل الانصار البيشمركة لحزبنا الشيوعي العراقي في ربيع من عام ١٩٧٩ ، وفي مقرات ناوزنك ، وخلال الأيام الأولى والأسابيع الأولى تشكلت عندي قناعات خزنتها في مخيلتي وذاكرتي وعملي كبيشمركة نصير ملتزم بكل المهمات المناطة به من الأعمال والواجبات دون التردد أو الخنوع أو اليأس أو استخدام اللف والدوران والمراوغة والمراوحة في حلقة مفرغة ، ما عدى الأشياء التي لا تعجبني أو اقتنع بها أو ترضيني فلا التزم بها مهما كان مصدرها ، وهنا الحديث يطول عن المسيرة الشاقة ومسايرة كل الأمور الحياتية اليومية وما تستجد من أمور وانت في غنى عنها ولم ولن تكون قد حسبت لها حسابات أخرى ، لكونها ليست في الحسابات السياسية والعسكرية والإدارية ، لآبل اكثر من هذا تقودك إلى مطبات وتتحمل عواقب اخطاء الغير في تبني المواقف المطلوبة ، وأحيانًا تصبح طرفًا في المعادلة وانت قد لاترغب بذلك .
هنا تجاوزت السنين الخمسة اي قفزت في الكتابة من سنة ١٩٨٢ ألى سنة وعام ١٩٨٧ عن حياة الانصار والسبب يعود لي وربما بعيدا عن إرادتي لو صح التعبير ، كنت لثلاث سنوات متتالية مخابرا أو مسووءل المخابرة ان جاز التعبير بالشكل التنظيمي لكوني المخابر الأول في قاعدة كوستا الشهيرة منذ ربيع من عام ١٩٨٠ ، ولم تكن المخابرة فقط الاتصالات اللاسلكية فحسب ، بل إدارة شؤون المخابرة المتنوع ومنه تشغيل المولد الكهربائي وتامين الوقود والشحن لبطاريات وتامين الاحتياجات والعمل بالشفرة والعمل على لغة المورس والإرسال الرقمي والمورسي واستلام كليهما بسرعة البرق وغيرها من الأمور جلها تتطلب إلى الحزم والالتزام والإصرار على إنجاح تلك المهمة الموكلة لي ، علمًا أني علمت اثنان من الرفاق الرائعين المهندسين الا وهما الرفيقان ابو ديما و وأبو خلود على المخابرة بكل تفاصيلها ، بالإضافة علمت الرفيقة الشهيدة أحلام على البعض من المهام العملية للجهاز ، اي في حالة الضرورة والحاجة من ان نكون في وضعية أفضل والخيارات الصحيحة .
كل هذه المقدمات ليست الا ربط المواضيع ، وبعد ذلك سلمت الجهاز إلى الرفيق ابو خلود اي في نهاية صيف ١٩٨٢ بعد برقية المكتب السياسي والعسكري بتسليم الجهاز إلى رفيق حزبي !
والعودة إلى الموضوع وعدم خلط الأوراق والمديح النفسي ذلك يتطلب اثباته في سوح العمل اليومي وما تليه من أوقات وخاصة العصيبة منها .
في تموز من عام ١٩٨٧ .. دعانا قاطع أربيل بتشكيل مفرزة إلى الفوج الحادي والثلاثين ( ٣١ ) آذار ، اي بتاليون أربيل ، والذي تكون من أربعة سرايا مقاتلة فاعلة ومنتظمة في هيئاتها السياسية والعسكرية والإدارية الا وهي سرية خوشناوه تي ، سرية كۆی ، سریة بتوين وسرية گرمیان ومن ثم الفصائل التي تعود إلى تلك السرايا ، مقسمة العمل والنشاط والفعاليات حسب الأوقات المتاحة والمستجدات الموجودة على الساحة وما تليه من تخرصات وإعاقة العمل العسكري نتيجة اقتتال الأخوة الأعداء من الأحزاب الكوردستانية على الساحة لسنين من الزمن العجاف !
تحركت مفرزتنا ومعنا الإخوة الرفاق من حزب زحمتكيشان وحزب الشعب وكان ضمنهم ( بەڵێن عبداللە ، بهمن ، دکتور سردار و پاڵا والرفاق الآخرين وهم ونحن في مفرزة مشتركة من قاطع أربيل في قرية كافية متحركين باتجاه الفوج أو بالأحرى القوة الباقية في الفوج والمتكونة من رفاق عددهم يتراوح حوالي ٣٨ رفيقا ورفيقة وثمة تفاصيل إضافية بزيادة العدد إلى ال ٦٨ رفيقا وخاصة بعد مجيء مفرزة الرفاق ابو دلشاد وأبو ربيع .
وبعد ان بلغنا نصف الطريق بين مقر القاطع ومقر البتاليون الفوج .. تناولنا استراحة ووجبة غذاء ، ومن ثم تواصلنا المسير .. بلغنا المقر حوالي في الخامسة عصرًا ، بحيث كانت الأجواء على غير مايرام لفترة زمنية وخاصة في منطقة كافية واقصد من حيث الوضع في منطقتنا بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب زحمتكيشان وخاصة بعدما جرد الأول الأخير من أسلحتهم في شتاء من عام ١٩٨٦ في مقر توبا على اثر استشهاد المناضل قادر مصطفى في منطقة أخرى بيد رفاقه، اثر صراعات وتصفية حسابات وحتى في تلك اللحظات نحن ايظا كنا الضحية وذلك آثرت خلط الأوراق وتجريدنا من السلاح مع قوة زحمتكيشان واعتقال الجميع وتجريدهم من السلاح وكان الموجودون الإخوة قادر عزيز وماموستا سعد عبدالله وجميع كوادرهم وبيشمركتهم المتواجدون في مقر توبا اثر هجوم مباغت لم يطول ساعة .
وبمجرد بلوغنا المقر وكان الرفيق ابو داود المسووءل العسكري للمقر ، والسرايا الأربع وهي في جولات في عمق الأراضي الكوردستانية وحسب المهام المناطة اليها والمكلفة بها ، دعاني الرفيق ابو داود إلى كبرته الصيفية وبجوار غرفته وبعد القبلات والاستفسارات وانقطاعنا لفترة زمنية عن البعض بحكم المفارز ، حيث مبديًا أنا طلبتك من القاطع .. أريدك عون رفيق كامران وهو يقول رفيق كاميران ... وكان جوابي قابل أنا فرعون ؟ وضاحكين كما عودتنا الحياة القاسية عليها من تلك الضحكات والقهقات الصادقة والغير متصنعة والكاذبة والدبلوماسية ، ناطقًا كامران ها خير شكو ؟ ابو داود الوضع لا يحمد عقباه وكل الأمور معقدة وأنا بحاجة ألك من ان تكون المسووءل العسكري لمقر السرية وما يليها من رفاق من هنا وهناك ، كامران .. مو أنت عارف رفيقي ابو داود من أني بعيدا عن الالتزامات والمسووءليات وانت عارف بذلك من زمان ......... ابو داود .. لا في هذه المرحلة يتطلب ( رجال ) يتحملون المسووءلية اكثر لكون المرحلة صعبة وشائكة ومعقدة .. وتذكرت مقولة الرفيق الشهيد البطل القاءد الأنصاري خدر كاكيل عندما قال .. عندما يأتي العدو يقتلك لا يعرف من انك مريض أو تعبان أو متمارض !!!
لبيت طلبه لكونه اي الرفيق ابو داوود كان محق بما يجري من تغيرات سريعة و بحاجة إلى المساعدة بعد ان فقد عينه وبصره وضعفت العين الثانية في العملية العسكرية فيشهر آذار من عام ١٩٨٢ ، وهذا ما قبلت به وشاكرني بقبول الطلب الرفاقي ، شكلنا هيئة .. الرفيق هيوا اداري القوة والرفيق ابو داود المسووءل السياسي وكامران المسووءل العسكري وثبت في محضر الاجتماع ، وأعلن من ان التشكيلة الجديدة ستعمل على الصيغة الأفضل . وأثناء تناول وجبة العشاء أعلن ذلك من قبل الرفيق ابو داود .
الوضع العام ..
كانت طاحونة الحرب العراقية الإيرانية لم تتوقف ، وهجومات البيشمركة والانصار للأحزاب الكوردستانية مشتركة على مقار الأفواج والربايا المجحفلة والمشتركة للجيش والجحوش ، وكسر شوكة العدو في اكثر من منطقة في بهدينان وسوران ومناطق السليمانية وفي المدن وما معارك بنه باوي الا دليل ساطع على ذلك، فعلى سبيل المثال كانت في بامرني ومناطق أخرى يشاركون فيها الحزب الديمقراطي الكوردستاني والشيوعي العراقي في الهجومات على مواقع النظام المقبور ، وفي مناطق خوشناوتي يشارك الحزب الشيوعي العراقي والاتحاد الوطني الكوردستاني بعمليات ومعارك مشتركة .
وتناولنا اهم المستجدات والدعايات التي تبثها السلطة القمعية العراقية لأغراضها التكتيكية والاستراتيجية بغية ارهاب الطرف الاخر وخلق حالة من الفوضى والرعب في صفوفنا وذلك عبر الوسطاء في المنطقة ، ومرت الأسابيع القليلة بينما وصلت مفرزة الرفاق ابو دلشاد وأبو ربيع والرفاق الآخرين معهم وكان عددهم يقدر بثلاثين نصيرًا بيشمركة ومتوجهين للنزول إلى العمق وعبر العبور من نهر بيخمة الشهير ، ولم يحالفهم الحظ لعدة أيام بين مكوثهم في المقر والذهاب والإياب من والى المقر ومن ثم استقرارهم في الجبل المطل على سد بيخمة وذلك لسناح الفرصة للعبور إلى الصوب الاخر ، وفي تلك الأيام العصيبة بلغ مسامعنا من ان هجوما كبيرا متوقعا سيحدث والغاية منه احتلال مناطق بارزان وإخراج الباسدارية والقوات الموجودة معهم وتطهيرها ، وما الا أيام قليلة حامت الطائرات الاستطلاعية المتنوعة وتصويرها للمناطق والبدء بالهجومات الصاروخية قبل الهجوم اي في أيام ٩ و ١٠ من شهر الثامن آب ۱۹۸۷ ، بحیث قصفت طائرات هنتر والحربية والراجمات والمدفعية المواقع الاستراتيجية والحساسة والاشكفتات الكهوف المثبتة على الخرائط العسكريةفي المنطقة ، ولم يقصفون مقراتنا لا من قريب ولا من بعيد . والجدير ذكره سبق الهجوم القصف المدفعي لبعض مناطق المحاذية لمقراتنا وأحدثت حرايق كبيرة في المنطقة مما شاركنا بإطفاء البعض الذي كان يتقرب من أبنية مقراتنا ولمدة اكثر من ستة ساعات متواصلة من الإطفاء القروي البيشمركايتي بحيث شكل عندنا متاعب إضافية ، والنتيجة أفلحنا بإبعاد الحريق عن المبان التي نسكنها بين قريتي ئاڵکان و سیدان .
بينما كان رفاقنا على اهبة الاستعداد للدفاع عن مناطقنا في حالة الهجوم المباغت للقوات الحكومية المجحفلة من الجيش والجحوش والتي كانت تقدر حوالي ٥٠٠٠٠ خمسون الف من الجنود والمرتزقة ، وفي الحادي عشر من شهر آب ١٩٨٧ تمكنت القوات الحكومية من نصب جسر عائم لعبور الدبابات والناقلات والمشاة إلى قرية بارزان وما حواليها ، وبعد التفخيخ الكامل لتلك القصور الشامخة والكبيرة والتي احتضنتنا لحوالي سنة ، وبعد تفخيخ تلك القصور بالمواد المتفجرة من قبل الهندسة العسكرية العراقية ، تم تفجير كل القصور خلال يوم واحد فقط اي في الثالث عشر من شهر آب وأصبحت تلك القرية الجميلة خرابة ومنطقة مدمرة المعالم .
ما الذي جرى خلال وقبل التقدم لتلك القوات الحكومية العراقية المجحفلة ؟ بالطبع لم تثور ولا رصاصة من الطرف الاخر اي القوات التي انسحبت من المنطقة اي الإسلاميين من جماعة الراحل الشيخ محمد خالد والمجاميع الباسدارية والذين كانوا يتخذون من قرية بارزان وحواليها مقرات لهم بعد ان أجبرونا على مغادرة المنطقة في ربيع من عام ١٩٨٥ ميلادية من القرن المنصرم .
رفاقنا الانصار البيشمركة ..
……………………………………
منذ سماعنا خبر الهجوم على المنطقة شرع تواجد قواتنا اي رفاقنا بتوزيع الأدوار وحسب الخطط و الأولويات واولها مجموعة ال ( ١١ ) رفيق من ان يكونوا في اعلى الجبل المطل على المقرات من جانب والمطل على الجانب الاخر باتجاه جبل بيرس والطريق الموءدي للسيطرة على المقرات في حال الهجوم ، رفاق في غاية العزم والشجاعة والتحمل والتهيؤ لكل الاحتمالات ، واستذكر البعض من رفاق المفرزة وكانت بقيادة الرفاق هژار ڕۆستی ، حاکم بۆتان ، و کارۆخ ، وكان الرفاق الأبطال الآخرين من ضمن المفرزة الرفيق ابو جاسم ، حمەریش والآخرين والذين ابلوا بلاءا حسنا في البقاء في ذلك الموقع الصعب من حيث كل الحسابات وربما حتى الحيايا والعقارب لا يمكن من ان تعيش هناك ، حوالي أسبوع من الزمن والكمين ليل نهار رابض في محله ما عدى عند الضرورة يتم التناوب على الموقع ، ومن الطرف الاخر كانت التلة القريبة والمسيطرة على أبنية المقرات وهي الأخرى كان الرفاق يتناوبون على الحراسات المستمرة ليلا ونهارا .
هنا لابد من ان نقف لحظة تامل .. مفرزة الرفاق الضيوف ونحن كان عددنا يتراوح بين ال ( ٦٨ - ٧٠ ) نصير ، ولو حسبنا الحسابات العملية الواجبات المتنوعة اي الحراسات والكمائن وصناعة الخبز والتحطيب جلها بحاجة إلى جهود إضافية وعمل لا يقبل التهاون أو المماطلة والحرب النفسية التي كان يستخدمها النظام العراقي بغية النيل من معارضيه ونحن كطرف منهم ، والرفاق من الحزبان زحمتكيشان والشعبي أيضا كانا ملتزمين بالتوجيهات والمهام الملقاة على عاتقهم ، وكنا على صلة داءمة وهم لايبتعدون سوى البعض من أمتار مقرهم عن مقرنا ، وهنا لابد من الإشارة إلى نقطة تخصني وبالذات في تلك الأشهر العصيبة اي من بداية شهر تموز وحتى التشرين الثاني اي شهر ١١ / ١٩٨٧ . اي كان النوم لايام وأيام وليالي من المحرمات تقريبا الا ماندر ، وعليك من عدم الانزعاج من ان تنهض في أية لحظة ووقت ان كنت غافيا أو ناءما طالما أنت المسؤول العسكري لكون كل الأمور مرتبطة حينها بالتوجيهات وصناعة القرار وتحمل المهام الشاقة في الضروف الصعبة والعسيرة ، مفرزة الرفاق ابو ربيع وأبو دلشاد بحاجة إلى الطعام والخبز ، مفرزة الكمين المتقدم وهم أيضا بحاجة إلى الوجبات الغذائية والرفاق الآخرين كذلك ، جلها حسابات لا تقبل التأجيل .
وفي الثالث عشر والرابع عشر من شهر آب انتهى كل شيء من التفجيرات لقرية بارزان وبعد ايام انسحبت قوات النظام العراقي إلى حيث ما أتت منه ، وأصبح الهدوء المشوب بالحذر وهو الطاغي عسكريا ،فإما نحن .. فتمكنت مفرزة الرفاق الثلاثين من عبور نهر البيخمة متوجهين إلى مقر القاطع الجديد في جبل هەورێ ، وانتهت مهمة مفرزة الرفاق ال (١١) في نصب الكمين المتقدم والذي طال اكثر من أسبوع ، عادوا إلى المقر لينالوا قسطًا من الراحة والنوم والاستحمام بعد تلك الأيام المليءة بالأحداث الساخنة والواجبات والمواجهة والتحدي ، وخفت الأمور نسبيا وتدريجيا بعد انسحاب قوات النظام والتي قدمت من مناطق عقرة .
الرفاق المتواجدين في المقر ..
……………………………………
……………………………………
هنا اود ان أشير إلى الاسماء التي أتذكرها واعتذر لمن لم اتذكر اسمه لكون الرفاق والرفيقات جلهم تحملوا اكثر من طاقاتهم بالرغم من خلق البعض من الأزمات والإشكاليات وما إلى ذلك من مفاهيم قد تكون نتيجة الضغط النفسي والرعب الذي خلقته الأوضاع العسكرية ، اي كنا نحن والجبال ولا هناك من يساعدنا في الكثير من الأحوال ..
ارجوا اغناء الموضوع من الرفاق الذين تواجدوا في تلك الفترة في الموقع ..
للموضوع تتمة ..

علمتنا الحياة بأن الإنسان إبن شروطه الإجتماعية التي ترعاها الحكومات وتصونها بقوانين وتشريعات مجبر على التقيد بها وعدم تجاهلها. ضمن هذا السياق فإن التغيير والإصلاح الذي تنشده جماهير شعبنا، وهي تمر بظروف إستثنائية تتطلب حلولا استثنائية، لا يمكن تحقيقها بين ليلة وضحاها، سيما وإن اقتصادها يعتمد كليا على ما يصدره من ثروته النفطية فحسب، وهذا لوحده يضع، أنه ليس من السهولة بمكان ان تسعى حكومتنا إلى زيادة ورادتها من مجالات أخرى، كفرض ضرائب على ما يدخل من بضائع خلال منافذ الحدود التي سيطرت عليها بعد 2003 المليشيات المرتبطة باجندات الأحزاب الحاكمة وبدول الجوار . قبل حصر السلاح، بيد السلطة، وتحريرها من سيطرة المليشيات المنفلته، كل ذلك يتطلب التريث ووضع برامج متدرجة في الرؤية والمضمون، بينما يستعجل المواطن في صيرورتها دون أخذه بالحسبان أن هناك اوليات تسبق ذلك ضرورية ومهمة، تلازمها ضرورات أهم، اي سياق الاهم على المهم، عند الخوض بصورة كاملة بعملية تصليح الاوضاع. مع ما صُعد من علاواة ومخصصات تراكمت مساؤها عبر فساد وسحت حرام دام 17 عاما من حكم الاحزاب المتحاصصة. وهكذا فعملية الإصلاح السياسي التي جاءت بها خطط رئيس الوزراء في ظل التحديات الداخلية والخارجية التي أحاطت بالبلاد منذ الحكم الدكتاتوري وأسقاطه وما تلاه، حيث ورث المجتمع العراقي  مشاكل عويصة تطلب الخوض بها، التصدي أولا، لمواقع الأحزاب المتحاصصة سياسيا وإقتصاديا وحتى أمنيا في مرافق الدولة كافة، بما في ذلك مراقبة التعينات وتخفيض رواتب وعلاواة المسؤولين وخاصة من يأخذ اكثر من راتب، ناهيك عن التصدي للأزمة الصحية التي أحاطت بالبلاد، ومخاوف نهوض المجاميع النائمة لداعش، وما يدعى اليه من الإستغناء عن مهمة الدول التي تحارب داعش وإيانا. في مثل هذه الاجواء تحرك رئيس الوزراء الجديد مبديا إستعداده، كما تدل تصريحاته وخطواته الى إظهار أنه بات يستمع لمطالب من يريد وطن، وهنا تكمن ضرورة الروية الثاقية والشجاعة الكاملة في  التريث واسبقية اتخاذ ألإجراءات الحازمة  

أن من أهم الإجراءات، إعادة الثقة التي فقدت بين حكومات الأحزاب المتحاصصة وخاصة من يسعى لادامة نهجها المقيت (المحاصصة الطائفية والأثنية)، وبين الشعب. فعلى الرغم من تشكيلة الحكومة الحالية التي لم تبتعد عن ذلك النهج. بُدأ  بإعادة عبد الوهاب الساعدي للخدمة في دائرة مكافحة الإرهاب بالإضافة الى ما تُعهد به للشعب بتشكيل لجان تحقيقية في كيفية قمع وأختطاف وأعتقال المتظاهرين الذين طالبوا سلميا بوطن غابت عنه حقوق المواطنة، ناهيك عن عزمة تشكيل لجان لإعادة النظر بقانون الإنتخابات والأحزاب في ظل تعنت الأحزاب المتحاصصة والذين يسعون لبذل كل ما من شأنه ديمومة المحاصصة الطائفية والأثنية، لكون ببقاءها يضمنون صيانة مساءلتهم وما سرقوه أثناء تربعهم وتعشعش رجالاتهم في دوائر الدولة 

   ففي في الوقت الذي واجهت فيه جماهير شعبنا بأن الامور لا زالت تسير بنفس الوتيرة الفاسدة في ملاحقة المتضاهرين، كما حصل في محافظة القادسية، نرى تصاعد إستهتار المليشيات المنفلته لسد الطرق أمام مساعي الحكومة للنهوض ببرنامجها الإصلاحي، لتكون    العودة ليست بالسهلة لمواصلة ما تعهدت به في برنامجها الحكومي. فنشوب الصراع الخفي بين الفصائل المسلحة والذي بداء بالتصاعد عند تشكيل الحكومة تطبيقا لشعار الاحزاب المتحاصصة، بضررورة النهوض بالأفعال الإنتقامية، وخلق الأزمات المتلاحقة، على الرغم من أهمية عامل الزمن في مراعاة معيشة فقراء الشعب بإعتبار التعرض لها خط أحمر ، وتقديم الخدمات لهم كخط أخضر ، يتراسهما ملاحقة قتلة المتضاهرين السلميين، وتقديمهم للمحاكم، في حين لا يبتعد عن ذلك، التصدي للفساد وفتح ملفاته التي تم إغلاقها من قبل الحكومات السابقة. من هنا يظهر مدى خطورة الإستعجال والدعوة في إتخاذ خطوات سريعة بدون روية  وتأني، تأخذ بالحسبان التقرب التدريجي لكل ما يمت بصلة تحقيق تطهير أجهزة الدولة وتطبيق قانون من اين لك هذا، ووضع شروط عدم السماح لمرتكبي الإغناء السريع بمغادرة الوطن. كما أنه ليس من الصحيح مقارنة بلادنا بما تمر به من مآسي وويلات بالدول المستقرة سياسيا  وأمنيا، بالإضافة لأخذ معيار معيشة وحياة شعوبها، كأوجه مقارنة بين حياتها وحياة شعبنا اليومية، أما آن الآوان لشعبنا أن يفرح ،