مذكرات بيشمركة / 96 ( ب )!/ سعيد الياس شابو / كامران

النصير بولا الأخرس / ( فهد ) .

2020.07.30

ليس من السهل من أن نتناول كل الرفاق الأنصار البيشمركة والحديث عنهم بالتفصيل وحتى بالتلميح .. لكون الأنصار كانوا يتعاملون بسرية تامة وخاصة بالأسماء والوظائف وأماكن  سكناهم وتفاصيل أخرى وذلك حرصا من أجل تلافي الوقوع في فخ الأمن والأستخبارات ومن خلال الوشايات للعملاء القرويين و الموجودين في ساحاتنا !!!.

والرفيق ( حمدأمين رواندوزي ) والمسمى بالحركي ( بؤلا ) الباء بثلاث نقاط ، ومن مواليد رواندوز بالكايتي ، ومن بيشمركة الحزب منذ أن كان مراهقا وبحكم الأهل والأقارب والرفاق وخاصة منهم الرفيق خضر حسين والرفاق الآخرين الذين علموه القراية والكتابة في المقرات ، وفي الوقت ذاته كان يعمل شغيلة المقر الشاطر والمخلص والوفي والمبدئي .

وهو من الملتحقين الأوائل في قاعدة ناوزنك في عام 1979 من القرن العشريني الماضي ، وحمدأمين بولا وهو الآخر أعتقل في أقبية أمن رواندوز وعذب على أيادي الجلاوزة  وأغروه بالمال لكي يتعاون معهم أي مع ( الأمن والمخابرات ) دون الأصغاء اليهم ومقاوما ببسالة .. وناطرا وساهرا  ( وصاغيا )!!من موقف الرفاق وخروجهم الى الجبل ! التحق الرفيق بولا الشاب الوسيم والطموح والذكي والمبدئي  ( الأطرش والأخرس ) لمواصلة النضال في صفوف الأنصار البيشمركة لحزبنا الشيوعي العراقي ، والحديث عن الرفيق بولا يكسر الخاطر .. شاب طموح للزواج ومحروم منه بسبب حالته الأعاقية ، نصير يحمل السلاح وهو حامل بندقية كلاشنكوف وكأنه حامل مسدس !! أثناء إغارة الطيران على المقر .. لا يشعر ولا يسمع وهو حائر ينتظر تحركات الرفاق !! وعند عقد الأجتماعات العامة .. فيبحث على المترجم الجيد ونحن لم نفهم بلغته إلا القليل !! وهو جدي وملتزم أكثر منا جميعا أثناء النهوض الصباحي والقيام بواجباته ، ومرح للغاية مع الجميع .. إلا وأن أغثه أحدا !! وأكثر المازحين معه الرفيق ملا عثمان والدكتور  ( آزاد سرسور ) ، وأكثر مطول البال وعارف بلغته خضر حسين ومام خضر روسي ، وهو من أفضل الحطابين وأفضل الخبازين وأجمل قيافة من كل الآخرين من الرفاق . عمر وبنى تنانير وأفران الخبز والصمون ، علم الكثير من الرفاق على مهنة الخبازة وكسر الحطب ( التحطيب ) بالشكل الجيد .

وفي ذات يوم كان الرفيق بولا مع المفرزة القادمة من مقر الأعلام المركزي وبأتجاه مقرات قاطع أربيل والأقليم والرفاق ( ملا عمر و هؤكر أخو أبو دلشاد ، وآسؤ كريم  ، شمال حويزي ، كاروان آكريي  وكاروان عبدالله والرفاق الآخرين ، وفي إحدى القري وأثناء مبيتهم ليلا في القرية صادفوا عائلة محترمة وعندهم أبنة .. بنت بمواصفات فهد بولا  واللي قاتل نفسه للزواج .. إلا أنها وهي الأخرى طرشة وخرسة  أي ( صم و بكم ) .. ووافقت العائلة والفتاة أعجبها الوضع .. إلا أن  ( فهد بولا ) رافضا الأتفاق وموضحا .. في حال الزواج وعندما  من أن يكون لنا أطفال .. فكيف نقوم بواجبنا تجاههم ؟؟؟؟؟!!!!! ، وعندما يطرق الباب أحدا فمن منا يسمعه ؟؟؟؟؟!!!!! . هذا الغيض من الفيض .

والآن الرفيق فهد بولا متزوج من بنت الحلال تسمع وتتكلم ولهما  ثلاث بنات  ومعبرا عن سعادته عندما ألتقيته بعد غياب حوالي ثلاثين عام عراقية غير فدرالية .

... المرأة المقاومة ( آمنة ) ..

.......................................

من هي آمنة ؟! وما بين السطور الغير متباين والغير ظاهر للعيان ويبقى في طي النسيان لا يقل عما الذي يكتب في السطور !

أمينة أو آمنة .. إمرأة برزانية مؤمنة تنتظر قدوم ( خودانى بارزان ) الشيخ أحمد بارزاني / والذي تنتظره أمينة  بفارغ الصبر في المكان الذي أختارته ومنذ سنين عديدة وهي تقارب الثمانين والتسعين من عمرها   ، وهي رابضة تحت شجرة أتخذت منها مسكنا دون بناء  ودون غطاء ، موقعا دون سور . ليس فيه أبسط حقوق الحماية  ومن كل النواحي .. وعلى أربعة فصول السنة متخذة من الموقع والمكان المبيت الآمن ومعتقدة بعودة الشيخ الجليل رحمه الله قد جلس في يوم ما تحت هذه الشجرة الباسقة  والقريبة من النهر الجاري ، نستفسر منها ونحن مفرزة كبيرة ... ؟! كيف تحصلين على الطعام ؟! وكيف تحمين نفسك من الحيوانات المفترسة ؟! ومن البرد القارس وحر الصيف ؟؟!! والى متى ستبقين تنتظرين هنا و هذا المكان ؟! كانت تتكلم وتجاوب بكامل قواها العقلية .

الشتاء المثلج والقاسي ..

.......................

نحن رأينا وعشتا  .. شتاء ناوزنك ، كؤستا ، رؤست ، لولان  ، سريشمة ، بشت آشان ، وها شتاء بارزان القاسي ! وأي شتاء لم يكن قاسي ؟! سؤال وجيه لمن لم يرى تلك المناطق الخلابة وفي جميع فصول السنة ، وفي شتاء ( 1984 - 1985 ) م . سقطت ثلوج كثيرة في كافة المناطق الجبلية ومنها منطقة بارزان وحواليها  ، بحيث بلغت درجة الحرارة في تركيا ( _ 35 ) أي خمسة وثلاثين درجة تحت الصفر ، وافادت الأخبار عبر الراديو الى مسامعنا من كون الحالة الطقسية يرثى لها .. بحيث تجمدت المياه في أنابيب المياه مما أدى الى أنفجارها ، كذلك السيارات أدى الى أجمادها وتعطيلها عن العمل والخلل في الكهرباء بشكل عام  والتعطيل عن العمل وما شابه ذلك .. هذا في تركيا .. وفي العراق كانت الحالة مشايهة وأقل تضررا وأقل درجة الهبوط الحراري .. ومن يتذكر نسبة البرد وتساقط الثلوج في منطقة بارزان ، وأنا أقدرها بناقص ( 25 ) درجة تحت الصفر .. لكوننا لم نمتلك مقياس الحرارة  بحيث ونحن في مفرزة من بارزان والى الطريق المؤدي الى قرية شاندر ونزولا ولأول مرة نزور كهف شاندر الشهير  .. بحيث الزفير يتجمد على الشوارب ويصبح على شكل بلورات كريستالية ( ثلجية )!.

مام نعمان .

... الرفيق مام نعمان .. النصير مام نعمان .. فلاح من قرية ( بيبازوك ) من أطراف قضاء كويسنجق ( كؤي )وهو اكبر عمرا من شقيقه ( مام كاويس ) ومحبا له بشكل لا يطاق .. والرفاق من أهالي كويسنجق كانوا قد التحقوا منذ أو قبل إعلان الحزب الألتحاق بالرفيق الجبل ، ومن الرفاق الذين أتذكرهم .. رؤوف ، حسن كاكه ، مام كاويس ، مام نعمان ، سيد نزيف ، سيد أحمد / أخوة ، كريم أبن أخ الشقيقان المامات . فاما من قرى أطراف كوي وهم كثرة أبطال مقاومين بكل صور المقاومة .

وفي ذات يوم وقبل الشروع في نزول مفرزة مام كاويس الى العمق الكوردستاني .. بينما كان الرفيق مام كاويس يختار رفاق المفرة بدقة .. وإذ بالرفيق مام نعمان يسمع بالخبر .. ومام نعمان الكبير بالسن أصبح يرتدي بدلته ومهتم بقيافته العسكرية ماسكا بيده بندقيته وحاملا عدة الشواجير على ظهره ومعلنا أستعداده للمشاركة لو طلب منه مام كاويس ! ومام نعمان مستمرا بالذهاب والإياب وبخفة الحركة والدم ، ناظرا يمينه وشماله !! وما أن ألقت عيون مام كاويس على مام نعمان .. مبتسما وضاحكا مام كاويس مازحا ومعلقا .. أنظروا .. أنظروا على مام نعمان كيف أصبح شابا  وحسباله بعده شباب !!

... الرفيق خاله خوله .. وما أروع من خاله خوله في جميع الأوقات ، وفي أوقات الشدة خاصة .. إنه الرفيق الذي التحق في أوائل الثمانينات وظل وفيا ومن أنصار وبيشمركة الحزب في أواسط السبعينات وهو في ريعان شبابه .. كان يعاني من الآلام في الساقين وخاصة عند المسير الشاق والطويل ، أجاد تحركات القرويين وكيفية الدخول في مواضيع تقرب القرويين إلينا أكثر فأكثر وخاصة الكبار منهم  في السن من النساء وبمجرد بلوغ مفرزتنا الرشمالات / بيوت الشعر ونحن في فصل الربيع من عام 1985 ، وبمفرزة كبيرة بقيادة مسؤولي القاطع الرفاق أبو حكمت  وأبو ربيع ، والرفاق مام خضر روسي والدكتورة ساهرة وأبو راستي  ومام رسول بناوي وخيري العراقي  وحاكم بوتان  ودكتور رنجبر وعلي الصجي  وأبو ديما  وخاله خوله وهزار روستي  والرفاق الآخرين ونحن حوالي ثلاثين نصيرا  مترجلين في ذلك الربيع المفعم بالجمال والخضار للطبيعة الخلابة بين طرفي نهر الزاب .

أصحاب الرشمالات فلاحين ورعاة الماشية والقادمين من قرية سليشمة / خليفان ، وهدية رفاق القاطع بندقية كلاشنكوف مظلي للرفيق الفلاح  صاحب الوليمة .. وبمجرد بلوغنا البيوت الشعرية وبدا خاله خوله بحديثه الشيق لصاحبة الدار ( هه ى هه ر سئ جاوه كانت كؤره بيت هه تا ئيستا شيوه كه ت حازر نه بووه ) والكلام للرفيق خاله خوله ( عمت عيونك الثلاثة .. لحد الآن لم تجهزين الطعام ) وأمام الملأ من الرجال والنساء من أهل الرشمالات وهم عائلة كبير .. وأستمر الضحك والمزح وردت المرأة القوية مازحة ( إحدى عيوني عميانة والآخرتان صالحتان .. وزاد الضحك والمزح  والمرح وذلك الطبخ واللحم المحموس على الرز الكوردي وما رافقهما من المرق والشنينة . وقضينا أوقاتا ممتعة مع الأخوة أهل الرشمالات الطيبين دوما .