مذكرات بيشمركة / 96 ( أ )! / سعيد الياس شابو / كامران

الصيد ..

28.07.2020

الصيد ,, كمهنة وكحرفة وهواية لها طعمها الخاص لايشعر بها سوى من أتقنها .. و هي موجودة على الأرض منذ قدم الزمان  ، وللصيد قصص وروايات أصغيت اليها منذ الصغر ، ولكن لم نمارسها سوى الخفيفة منها وذلك المسمى ..  بصيد السمك الصغير وعبر الدشاديش عندما كنا صبيان في الماء الجاري من الساقية / الكهريز في قريتنا ، و العصافير وعبر المصيادة ، ومن ثم صيد الحيايا ( الحية ) في البساتين أي بساتين البطيخ والترعوزي  وعن طريق العودة الخاصة  أو الأيد ، ومن ثم العصافير في نصب المصيادات الخاصة بهم  في الأراضي المحروثة توا  ، أو عند نصب الفخ لهم في الغرف التي تتواجد فيها الحنطة والشعير .. وصيد الفئران في الفخ أو المصيادة البيتية والتي أي الفئران كانت تجوب كل حارة وصوب وتلعب فيها لعب .

فأما الصيد في منطقة بارزان .. كان دسما ومتنوعا من قبل من رغب بذلك والتجأ اليه وأجاده بالشكل الجيد والمضبوط ، وتمتاز منطقة بارزان كمحمية للحيوانات البرية منذ القدم ,, والتوصيات الصادرة من قبل شيوخها الأفاضل  بحماية الحيوانات البرية من الإبادة وتشريدها الى مناطق أخرى .. لتبقى الحالة والأستمرارية للأجيال والأتزام بها على طول الخط

فأما نحن البيشمركة والأنصار والمحرومين من أكل اللحوم المتنوعة منذ سنوات وحاجة الجسم الى البروتينات مما يجبرنا من أن نبحث عن الصيد وتنوعاته وفرائسه العديدة في الأوقات المتاحة والمناسبة  ومنها ما هو ( حلال )! ومنها ما هو ( حرام )! بالنسبة الى القرويين وبالنسبة لنا أيضا !!

ومنذ العصر الحجري بحث الأنسان عن الصيد وخلق وصنع أدواته من الحجر وربما من الخشب وعاش ذلك الأنسان حياته القاسية ومتطورا نفسه حسب الحاجة والوقت والزمان والمكان ! فاما مطاردات النمور والأسود في الغابات من أجل الحصول على لقمة العيش وتواصلها من أجل البقاء فهو الآخر حق من الحقوق من أجل أن تكون .

وفي منطقة بارزان توجد الدببة ، الذئاب ، الثعالب ، الخنازير البرية ، الماعز الجبلي المتنوع ، الغزلان ، الأرانب البرية ، الدحالج ( دحلج ) ، القنافذ ، السنجاب  او السناجب ، الطيور بأنواعها .. والأسماك بانواعها وبأحجامها . واخيرا الزواحف المتنوعة والحشرات وما الى ذلك مما تراه العين ............... .بالإضافة الى تربية المواشي والدواجن والنحل .

( الخنزير ) ...  يقول الشاعر الكبير مظفر النواب لحكام العرب ( حظيرة خنزير أطهر من أطهركم )! فإذن يمكن التعامل مع الخنزير بشكل وآخر ، طالما هو اطهر من الحكام !! وقرويين المنطقة أصابهم الضجر من الخنزير لكونه مضر ومتضرر للزرعات والمزروعات .. لكونه يحفر في الأرض ليبحث عن البصيلات والمواد الغذائية المفيدة الموجودة تحت سطح  الأرض الطيبة ليتغذى بها  ومنها بالإضافة الى الفواكه الساقطة والمتناثرة من الأشجار  على الأرض الطيبة في موسم الصيف والخريف .

وللخنازير تنظيم وقيادة وأدلاء  وحراس  فيما بينهم ! وخبرة ومعرفة بالأماكن التي يختارونها وذلك من أجل حماية أنفسهم من الصيد البشري والحيواني المفترس  ، وهم مختارين المناطق العاصية والبعيدة عن الأنظار والضوضاء ، وفي الصيف وفي أحيان كثيرة يختارون المواقع المشجرة الكثيفة للأختفاء والقريبة من الأنهر تلافيا من الحر الصيفي

وبالنسبة لنا  كأنصار .. بيشمركة حزبنا منقسمين الى قسمين وثلاثة بين الحلال والحرام الديني من جانب ، وبين الحلال والحرام والعيب الأجتماعي !!

فأما تكاثرها وهو الآخر مرهب ، لذا ترى الأم منشغلة بحماية فروخها العديدة أو أولادها والمسميان بال ( خنانيص ) جمع خنوص ، وخاصة عند عبور الأماكن المحذورة أو الخطرة بالنسبة لها .

وتمتاز الخنازير البرية بأحجامها وأوزانها الثقيلة وخاصة البالغة منها تصل الى ( 200 – 300 ) كيلو غرام عراقي حلال !! والخنوص الصغير لا يقل عن خمسون كيلوغرام ، ولحم الخنزير البري يختلف تماما عن الخنزير أو الخنازير التي تربى في البيوت أو في الحظائر التجارية ، أي البري أطيب بكثير من البيتي أو الحظيري!! ، وعندما فرغت دبة الطرشي للرفيق زكي .. وصدنا خنزير بحيث زاد اللحم عن الحاجة وقمنا بعمل ( قلية ) أي قلينا اللحم المملح الجيد وبدهنه الخالص .. واضعين أياه في الدبة ومحتفظين به أي باللحم المقلي للشتاء القاسي والطويل  لكون التغذية تكون صعبة للغاية وخاصة الحصول على اللحمات .

وهنا لابد من الشارة الى لحم الماعز الجبلي والمفضل عند الجميع والأطيب والألذ .

غرفة الرفاق مام نعمان ، مام زرار ، مام رؤستم ، مام بايز وفاخر .. تقابلنا وبيننا أقل من عشرة أمتار .. والرفاق المامات ( الأعمام ) لا يتركون الصلاة أبدا وهم في غاية الطيبة والأخلاق وكان الكل يراعي مشاعرهم ونحن أكثر لأننا ( جيران ) ونبتعد عن المقر أكثر من تلك المسافة التي بيننا ، لذا نراعي مشاعرهم ونأكل بخفاء عنهم أن صح التعبير ! والرفيق العزيز ( حمه سور ) قادما وفي يده ( شيش .. شيشلك ) من اللحم المشوي وشاهرا الشيش أمام الرفاق ليقطعه في أسنانه أمام الملأ .. أي أمامنا وأمام المامات .. ومتنرفزين الرفاق المامات يعني العمام ( جمع العم ) من فعلته وكادت تصبح مشكلة عويصة لو لا تدخلنا وتهدئة الرفاق المحرومين من اللحم .. وهم مترددين .. أي  ( حمه سور ) تأكل قزل قرت .. أي دكل بعيد عنا .. لماذا تأتي وتثير مشاعرنا  وتزكم أنوفنا ؟! وهو ضاحكا ومازحا  وغير مباليا ولم يعير  أية اهمية لخصوصيات الرفاق و للوضعية .

والسؤال هنا يطرح نفسه عن الحلال والحرام .. ألا وهو ..؟؟!!

أيهما حرام .. خلق الحروف وتدمير البلدان وأقتصادها أم أكل الخنزير ؟؟!!

وأيهما حرام تهجير القرى وقتل أبنائها في المجمعات القسرية أم أكل لحم الخنزير ؟؟!!

و.. و.. أيهما حرام قتل المناضلين وعوائلهم والمخلصين للشعب والوطن وزجهم في السجون والمعتقلات وتشريدهم أم تناول لحم الخنزير ؟؟!!

ومن ثم أيهما أفضل قتل الشعب وسرقة ثروات النفط والكهرباء وتلوث البيئة للمواطن وفي كل الأزمنة .. أم أكل لحم الخنزير مقيا أو مشويا ؟؟؟!!!

وأيهما حرام أن تمتل المليارات المسروقة وتضعها في أقبية خاصة والبنوك العاهرة أم من أن العائلة العراقية لا تمتلك مسكنا ولقمة العيش ؟؟؟؟!!!!

وعشرات الأسئلة الأخرى عن الحلال والحرام تبقى في طي الصفحات التأريخية المظلمة وسيكشف التأريخ عنها  سواء عاجلا أم آجلا .