مذكرات بيشمركة / 107 / الحدث الساخن .. / سعيد الياس شابو / كامران

2020.08.30

كثيرة هي الأحداث الساخنة في تلك السنوات والحقبات  الزمنية للأنصار والبيشمركة على الساحة الكوردستانية العراقية  منذ أندلاع ثورة أيلول من عام 1961 ، وما تلاها من الحركات المتعاقبة المفعمة بالتراجيديا والتقلبات المناخية العسكرية والجيوبوليتكية متأثرة بالمستجدات والأحداث الساخنة التناحرية والمشكلة عقبات أمام التطور العسكري والسياسي لأحزاب الساحة ( الثورية ) !.

وتواصلت مفرزتنا بالمسير من مقر قاطع بهدينان ( الزاب ) وبعد الساعات المتعبة .. بلغت مفرزتنا قاطع أربيل في ( قرية كافية ) ، ونحن أثبتنا دوما للعالم بأن الأرض كروية وبقناعة لا نظير لها .

وبعد راحة يوم  .. ونحن في أواخر ديسيمبر/ كانون الأول 1985  ، والثلوج تكسو الأرض والجبال ونتحمل المزيد منها .. وإذ بالرفيق النصير أبو دلشاد محملنا والرفيق النصير دكتور سعيد ، رسالة .. وأن تصل الى الأخوة الرفاق في حزب ( حزب زحمتكيشان / حزب كادحي كوردستان ) والمنشقين عن الحزب الأشتراكي الكوردستاني / سوسياليست ، على أثر خلافاتهما بأستشهاد القيادي والكادر العسكري قادر مصطفى قبل أشهر .

وعلى أن تصل الرسالة على الفور الى جماعة أو حزب زحمتكيشان وسكرتيره الأخ قادر عزيز ورفاقه ، في مقر ( توبا ) والذي يبتعد عن مقر كافية حوالي ( 45 ) دقيقة تصاعدية !! دون  الخوض بالتفاصيل من قبلنا ولا من قبل أبو دلشاد .. عن ماهية الرسالة وفحواها  ..!!

 

أسرعنا للوصول الى مقر قادر عزيز ورفاقه .. والطريق الى ذلك المقر يتطلب الحديث المتنوع لكي تنسى نفسك .. وما وصولنا الى المقر للحظات قليلة .. وإذ  بالمقر .. أي مقر ( توبا ) مطوق من جميع الأتجاهات والجهات .. الوديانية والجبلية  .. كلما لقى بصرك ورأيت من الجهات الأربعة وقمم الجبال إلا الأخوة الرفاق  بيشمركة الحزب الديمقراطي الكوردستاني/ البارتي ،  بقيادة الأخوة ( رضا وشمال ) وبيشمركتهم القرويين لمنطقة زيبار ، محوطين و مطوقين المقر .. وداخلين على مقر الكادحين .. ليجردوهم من السلاح ويقتادونهم الى قرية كافية .. وفي الطريق وبعد مسير عشرات من الأمتار الدكتور سعيد  وكاتب السطور .. سلاحنا على كتفنا  أو كتوفنا  وأكتافنا !!!!.. وبيشمركة زحمتكيشان  الكل مجردة من السلاح .. أصروا بيشمركة حدك لتجريدنا من السلاح .. غير عارفين نحن من ؟! أوضحنا لهم نحن شيوعيين ... وهم ناظرين إلينا  بعيون غابرة غير مصدقين بما نقوله .. وشاهرين بنادقهم نحونا .. سلمونا أسلحتكم ..! ونحن غير صاغين اليهم ... وهم مصرين على تجريدنا من السلاح .. وصارخا  بوجوههم  .. كاتب السطور .. ألم تستحون من فعلتكم المشينة هذه .. هؤلاء بيشمركة كوردستان حالهم حالكم وهذه فعلتكم مشينة ومخزية .. مجاوبين .. عندنا أوامر من القيادة بذلك .. والذنب ليس ذنبنا !! ومصرين على  أن يجردوننا من السلاح .. فسلمنا أسلحتنا مع الدكتور .. وضاحكين .. وما هي إلا عشرات من الأمتار الأخرى .. وبعد أن تحدثوا مع مسؤوليهم ومرؤسيهم .. ومعتذرين منا .. ومسلمين أيانا بنادقنا .. ونحن مصرين من أن نتضامن مع زحمتكيشان في محنتهم .. لا نريد بنادقنا !! وهم مترجين أكثر من مرة أخطئنا بحقكم لكوننا لم نعرفكم جيدا ، أستلمنا بنادقنا .. هم نحن ضاحكين على ما يحصل لرفاق الجبل ! ولو خرجت رصاصة طائشة  ما من فوهة بندقية ...؟! لحصلت مجزرة قل نظيرها في التأريخ الكوردستاني!! أو كانت مكملة لأحداث هكاري وبشت آشان !!.. وبعد تدخل الأحزاب تم عودتهم الى مقراتهم مع أسلحتهم ، وعادت المياه الى مجاريها الطبيعية دون أية مشاكل تذكر .

وعند بلوغ المقر توجهنا مع الدكتور سعيد لنعاتب ونغضب بشدة على فعلة أبو دلشاد بعدم أخبارنا بالواقع وعدم أختياره البيشمركة والأنصار الآخرين ليحملوا الرسالة الى مقر زحمتكيشان  وضاحكا أبو دلشاد شاحب اللون على فعلته والموقف !.

.... مام خضر روسي و حاجي جمال  .. وفي ذات يوم الرفيقان الطيبان مام خضر روسي وحاجي جمال .. يطلبان العون من إداري القاطع الرفيق النصير ( ملا حسن ) أبو آسؤ ، لمساعدة حزب الكادحين بمبلغ مالي ليتمكنوا من تسير أعمالهم التموينية والمعاشية .. وبالكاد أقر الرفيق ملا حسن بمبلغ قدره ( الفان دينار عراقية / 2000 ) لا غيرها ، ومن ثم عتاب الكادحين على المبلغ الضئيل والذي لايسد ولا يمد !! لأحتياجاتهم وضرورة المواصلة .

... الدكتور سعد ... ها هاورئ كامؤ جاهز للشلع قلع ؟! ، مبديا إستعداده كامؤ ... يلا يمعود دخلصنا من الآلام يا رفيق !! والعزيز سعد ..لعد  دخلي أعقم الكلابتين .. بس طرة البنج / المخدر ما عندي .. كامؤ مو مشكلة .. هي ظالة على المخدر !! ومشكورا الرفيق الدكتور .. بدأ بالأول وأنتهى بالثالث  دون (( أيي .. وآه )) لعادل الإمام الطيب !!! .

... والرفيق حاجي دهام الطيب  .. كان إداري الفصيل وهو خفر في ذلك اليوم .. مناشدا الرفيق ملا حسن .. رفيق ماذا نطبخ اليوم للرفاق .. ؟ مجاوبا ملا حسن ...((( هاورئ ساوار لئ نئ !! به س توخوا زؤر لئ مه نئ با خه سار نه بيت !! ))) !! ويفصد الرفيق ملا حسن .. أطبخ ( البرغل )!! بس لا تطبخ المزيد لكي لا يخسر!!! ويشيش حاجي دهام .. أي رفيق كله هو برغل ..  الحيوان لا يأكله ... وحاجي دهام متهسترا .. هيك مني ..  وهيك مني ..  واليوم الأسود اللي صرت بيه إداري ! والكل ضاحكة على الرد  المقصود من حاجي دهام .

 

وأستقبلنا العام الجديد وفي عشية الرأس السنة الميلادية ( 1985 – 1986 ) ، تبضعنا البعض من ( العلوشيشات / الدييكة الرومي / الفسيفسات عدد ثلاثة  ) القروية السمانة وبسعر مناسب لا يتجاوز سعر الواحد عن ثلاث دنانير عراقية أصلية وذبحها على الطريقة الشرعية ومن ثم سلخ جلدها دون المتاعب وفي مسكن الرفيق الرفيق أبو جنان وعائلته الكريمة وأطفاله الحلوين ميلاد وريزان .

ومن ثم لعب الورق ( الكونكان ) ومن الخاسر الأكبر .. أحتسينا وسقينا كؤوس العيد مع اللحم اللذيذ .. ومكانكم خالي ، وأخيرا خسر الرفيق العزيز النصير دكتور زكي المبلغ ، ونحن منتعشين وقهقات العيد تصل الى مسامع القرويين الطيبين في قرية كافية  .

 

... الرفيق أبو خالد الخياط .. وأنت من العشرة الأوائل !! ، أهتم الحزب وحسب الضروف والأوقات والمواقع والضرورة بتوفير البدلات الخاكية ( الكورتك والشروال ) للرفاق البيشمركة الأنصار ، وسبقت الخياطة العمل السراجة لصناعة ( الرخت ) لحمل المخازن أي مخازن الكلاشنكوف وخاصة في ناوزنك و توجلة !! ، والرفيق أبو خالد الخياط .. يعمل بصدق وبدون توقف وخياط من النوع الجيد ، وفي الوقت ذاته مزاجي تمام ....

ها رفيق أشوكت سراي .. رفيق أنت من العشرة الأوائل ! ولو خمسون نصير واقفين بالسرة .. فلا ضير بذلك .. فكلهم من العشرة الأوائل .. وتفاصيل أخرى تقدم وتؤخر موعد خياطة البدلة !.

رصاصة أغتيال .. بينما كنا نسير ذهابا وأيابا في ساحة المقر لقضاء الوقت .. وإذ نسمع رصاصة من بعيد والمحاولة هي محاولة أغتيال الرفيق أبو جنان والذي كان يسكن مع عائلته في مقدمة القرية وعلى بعد حوالي مئة متر من المقر ومن القرية .. والرصاصة ليست من إتجاه القرية .. أي من الطرف الآخر .. وبسرعة البرق هرعنا الى المكان .. بحيث أبو جنان حائرا من مصدر الرصاصة والتي كانت تطيح به وتسجل ضد مجهول .

... (( الحمار المثقف )) !

من الصعب تمشية الأمور في حياة القرويين دون تواجد الخيول والماشية والدواجن وما الى ذلك من الكائنات الحية .. كالحيايا والعقارب والفئران والقنافذ والضفادع وتلك البيبان القروية القديمة والتي في الكثير من الأحيان لا تطبق على الحيطان ، مما يدث شرخا بين الباب والحائط .. ويدخل من خلاله صاحب الحجم الملائم مع الشرخ ، وكانت الحية تتحرك في سقف مسكن الرفيقة النصيرة أم جنان والتي تحملت وأفراد العائلة مصاعب الحياة القاسية ولسنوات عدة الى جانب أبو جنان وأولادهما ، نبحث عن الحية وعندما تسمع الضجيج .. فتراها أخفت نفسها في السقف .. وهي تبحث عن أعشاش العصافير والحشرات .. وهكذا كانت الحية طليقة وغير مؤذية في البيت المؤجر في القرية .

وقصة الحمار المثقف الذي تعلم وعودوه من أن يتناول فضلات الأكل والخبز من المقر ومن طبخ المنزل .. وبعيدا عن التبن والحشيش المفقود أصلا !! وكانت العائلة تستخدمه لجلب الماء من الينبوع في أسفل القرية .. والساقي الطفل في السادسة والسابعة من عمره النصير الصغير ميلاد .

النصير الصغير ميلاد .. كنت في طريقي الى مقر القاطع الصاعد والعاصي والطريق المتعب .. وطرح الرفيق الصبي ميلاد من أنه يرغب مصاحبتي الى المقر .. بعد أستأذانه من والدته أم جنان .. ونحن في الخطوات الأوول في الصعود والذي يحتاج المرء من خمسون دفيقة تقريبا .. وكاتب السطور يسلم بندقيته الى الصبي ميلاد .. في الصعدة والحديث مع ميلاد .. ها .. كيف تجد البيشمركة ..؟! وميلاد .. لا صعبة ..!! هاي كيف تتحملون كل هل ثقل وعلى طول الخط ؟! وكاتب السطور لميلاد .. أحذر التقليد .. لا تصير مثل الوالدين ومثلنا !! وميلاد ضاحكا .