مذكرات بيشمركة / 106 / الحراك الأنصاري البيشمركايتي .. / سعيد الياس شابو / كامران

2020.08.28

لم تكن حركة الأنصار البيشمركة للحزب الشيوعي العراقي وأحزاب الساحة خالية من الحركة المستمرة وذات توجهات ومفاهيم عديدة .. ونحن نقف عند أنصار حزبنا المتواجدين في حوالي خمسين مقر وقاعدة على نطاق كوردستان ... من قاطع السليمانية وكروك ومرورا بقاطع أربيل ودهوك ..  والبعض من المقرات التي شاهدتها .. (((((  ناوزنك ، توجلة ، نوكان ، وادي السجن بين ناوزنك وتوزلة ، كاني قرجال الصيفي ، ره زكة ،  دؤله كؤكا ،  كوستة 1 ،  كوستة 2 ليلكان ، روست ، سريشمة ، ورتئ ، ملكان ، شيخ وسان ، المقر القريب من بناو تحت جبل ( كؤرك ) ، قرناقة وبشت آشان ، بولئ ، ليوزة ، ، كاروخ الصيفي ( مكئ ) ، هه ورئ ، بركة ، بارزان ، ريزان ، آستئ ، شيوي شيخ ، كافية التحت وكافية الفوق ، توبا ،  مرانا ، الزاب للقاطع ، ليلكان ، موسلؤك العليا ، موسلؤك السفلى ، دجلة ، آرموش العليا ، آرموش السفلى ، ده راو العليا ، ده راو السفلى  ،  بيربنان ))))) . والمقرات التي لم تسعفني الذاكرة من من ذكرها والتي لم أشاهدها  مثل بيتوش  ودشت أربيل ومقرات في بهدينان  ، وزد على ذلك المفارز المتجولة والفاعلة في العمق وفي مناطق ذات النفوذ السلطوي والأقتتال الداخلي للأحزاب آنذاك . والحرب العراقية الأيرانية التي وسعت الرقع والمساحات الحربية في كوردستان مما ضاقت الخناق أكثر على حركة الأنصار .. وهذا ما عكس تطور العمل الأنصاري .. بينما أثناء البدأ بالحرب بين الدولتين .. سحب النظام العراقي البعض من معسكراته ورباياه العديدة لزجها في الجبهات القتالية في الوسط والجنوب العراقي / العراقيين ، ونحن الأنصار نتحرك على الأبتعاد عن سوح الحرب ، متخذين أماكن شبه آمنة ( ونارهم تأكل حطبهم ) طالما لسنوات عدة وهو شعار الحزب .. وقف الحرب العراقية الأيرانية فورا ، والشروع الى طاولة المفاوضات !!

فإذن نحن لا نتحمل مسؤلية الحرب المدمرة ونتائجها وخساراتها .. طالما العالم مقسم الى ( الكتلتين ) الشرقي والغربي ، وثمة من يريد من الرقص على الأشلاء ويغني على ليلاه وأسواق أسلحته مفتوحة للتبضع مقابل صفقات سرية ( أيران كيت ) .. ونحن محترقين  ومكويين بشعار الوطنية والتقدمية وهو صلب إيماننا وديدننا  في الحياة .

 

ولنأتي الى حراكنا البيشمركايتي الأنصاري .. لم تكن حركة الأنصار في يوم من الأيام خاوية أو متذمرة أو متشائمة أو منهارة في أتعس الضروف بالرغم من تخرصات الوضع الدولي والسياسات الجوفاء والمتعجرفة للمجتمع الدولي أزاء ما جرى ويجري بين البلدين الجارين ونزيف الدم الرخيص لأولاد الخايبة .

ومفارزنا تصل الى مقر قيادة الحزب في ( بيربنان ) توزعت قواتنا على القاعات ..  ((ناطرين )) أنتهاء أجتماع اللجنة المركزية للحزب .. كانت الثلوج في منطقة المثلث ( الخواكوركي ) تقاس بالأمتار وليس

بالسنتيمترات العراقية الحدودية .. ثلوج كثيفة وطقس بارد لا يطاق !

ومن حسن الحظ .. الحطب وفير وحتى البعض القرويين هم جيران الحزب في المقر وهي قريتهم أصلا  وهم يعملون بأجور عند الحاجة لما ينقلونه من والى ، ومستفيدين من الحزب .

ونحن القادمون من  مسافات بعيدة منهمكين القوى وضيوف على البرنامج حالنا حال الرفاق القادمين من مناطق ومقرات أخرى الى مقراتنا .

... كاتب السطور ؟؟ ألم حاد في القلب كما حدث له  في ( مريوان ) البلدة الأيرانية قبل عام ونيف ، كاتب السطور .. آلام في الأسنان الثلاثة في وسط الفك السفلي .. وهي في دور الحراك أيضا !! تحرك غير ثابتة مؤذية في موقعها .. وعند تناول الطعام .. يكون الوضع على أسوئه ! لا طبيب للأسنان في الموقع !.

وكاتب السطور ذاهبا الى غرفة الطبابة .. والرفيق القيادي النصير الدكتور ( أبو يسار ) الطيب .. ها رفيق كاميران  .. خيرا .. أشبيك ..؟

كامؤ ... رفيقي أبو يسار ........ قلبي .. قلبي ( يوجعني ) يؤلمني !! منذ متى ..؟؟!! من يوم أمس البارحة .. واليوم أكثر .. وواضعا أبو يسار الطيب ..  عدته وسماعة الفحص للصدر .. سالم مسلح .. طيب .. أتمدد على الطريقة الأنصارية .. وخالعا البعض من الملابس الفوقية ( القمصلة والكورتك والقميص ) واضعا أبو يسار ( الوايرات ) التابعة لجهاز فحص وتخطيط القلب .. وتخرج الشخبطات صاعدة نازلة مسجلة على ورق ( السيرة الذاتية لقلب كامران ) !!

... الرفيق الدكتور مبتسما .. لا يا رفيقي لكاتب السطور .. قلبك قوي سالم و سليم .. أفضل من قلبي ب.....!!!!!. ، طيب والحل ؟!

وللمرة الثانية فحصني وتخطيط آخر للقلب .. وإذ بالجهاز يعطل عن العمل أمام قلب كامران القوي  !! .

أبو يسار .. هاي شنو رفيق هذا قلبك حديد .. ؟! أوقف الجهاز عن العمل ! .

طيب رفيقي العزيز .. أنتهينا من القلب الحديدي والسالم مسلح .. والأسنان المتحركة المتزعزعة بحاجة الى العلاج .. الى (( الشلع قلع )) ، وهي ثلاث خربانة ! وذهب الرفيق الدكتور أبو يسار ليستشير من هم في الهرم السلطوي ( للرفيق أبو عامل ) الطيب ، وعاد الطبيب معتذرا بعدم المجال السانح  للذهاب الى إيران الجارة بعدما طرحت الحل من قبلي  بالذهاب الى إيران .. أي بالذهاب الى رضائية وقلع الأسنان وتركيب البديل عنها لكي يتمكن المرء من أن ( يمضغ ) الطعام والحفاظ عن المعدة !! وبالمناسبة كانت السيارات على المقربة من المقر لو لا كثافة الثلوج المتراكمة والقوات والسيطرة الأيرانية تنصف الطريق ، وبالرغم من هذا كانت الوجبات تذهب وتعود لقضاء أمورها .

... دون جدوى ودخل على الخط .. الرفيق الدكتورالنصير  ( سعد ) أبو الخيرات من  أهل الشط .. مستعدا لقلعها بعد عودتنا من مهمتنا الى مقرات ( كافية ) وبالمتريال الموجود عنده ( الكلابتين ) !! وراضيا كاتب السطور بمقترح الدكتور سعد  ، ومتأملا كاتب السطور بالعودة الهنيئة وقلع الأسنان بدون مخدر ( البنج ) !! ، وعسى الخلاص من الحالة التعيسة .

وحينها تمعنت وتيقنت  وأستيقظت من سباتي  من أن ((( الماركسية اللينينية ))) أخطأت في مقولتها الشائعة والعظيمة ( الأنسان أثمن رأس مال )!.

... أنتهى الأجتماع وما هي أيام قلائل .. بحيث شدينا الرحال والعودة الى مقراتنا والطرق التي أكساها الثلج .. أكستها الثلوج .. عدنا والمفرزة أصبحت تزيد عددا .. بحيث البعض من الرفاق القياديين الجدد من ( العشرة المبشرة ) الرفاق أبو ( رنى ) ، ( أبو جنان ) والرفاق الأنصار الدكتور ( غفار رواندوزي ، أبو لقاء ) ورفاق آخرين ملتحقين بمفرزتنا .. أبو رنى / أبو رنا وأبو جنان القادمين من الخارج لحضور المؤتمر .. ممتطئين البغال .. ولا يجيدون التعامل مع البغال وكيفية لبس الزي الكوردي ولا تجميع الحطب لصناعة النار الجبلية وما الى ذلك من الحياة والمتطلبات الجبلية  حالهم حال الملتحقين الجدد .. محقين بذلك لكونهم رفاق جدد على الساحة الأنصارية .

كانت العودة وبعد اليوم الأول من المسير بطرق أخرى وبمناطق جبلية لم أراها منذ قبل .. ( روبارى شين ) النهر الأزرق ومياهه الزرقاء الهادئة .. أسم على مسمى .. ليس كالدون الهاديء !! وفي أحدى صعدات الجبل القوية والبغال تتوسط المفرزة المشتركة والرفيق عباس هندال إبن القائد النقابي الرفيق هندال  .. الرفيق الذي يحمل  رشاش العفاروف .. الرفيق الذي لا يحمل في قلبه الضغينة .. الرفيق الذي إذا أسمعته فشارا بذيئا !! فتستلم وتتلقى المزيد منها !! والصعدة التي لم تترك الغازات في البطون .. وبدأ البغل الذي يسير خلفه الرفيق النصير عباس  ، يطلق الغازات ومشكل أصوات غير مخفية .. أي أخرج ريحا من فتحة الشرج  مع صوت  ( الضرطات العديدة ) والرفيق عباس مكملا  الشريط ! واختلط الحابل بالنابل  ، وأنا خلف الرفيق عباس  ضاحكا .. والرفاق أستلموه .. ها عباس قول مو آني !! البغل بدأ بالتعب لكونه حامل حمل والمسير والصعدة الشاقة .. وعباس حاملا الرشاش العفاروف الثقيل مع سلسلة الرصاصات بدل الشواجير .. ( هه ى دايكت ده جيم له و هه ورازه )!! والمفروض والمقصود ( دايكت ده جيم هه وراز )! يعني عوض أن يقول ( هيك من أمك الصعدة ) وهو يقول أفعل مع أمك على الصعدة أي الجبل ! وهكذا الحراك الأنصاري خلط الغازات الأنصارية مع غازات البغال ولتشكل موضوع يشهد له التأريخ الأنصاري ومكملا عباس أحوات الكحبة على هاي هم حاسديني ؟! .

كانت المنطقة الجبلية العاصية والغريبة علينا .. كلفوني من أن أكون في مؤخرة المفرزة ك ( قفل ) المفرزة .. ونحن نسير وإذ بالرفيق النصير العزيز نشأت ( أبو لقاء ) وبخطوات بطيئة يسير ويدولغ مورثا سيكارته تلو الأخرى .. متطئطأ الراس صاغيا ألراديو وأغانيه المفضلة وهو قادم من دولة أشتراكية ليكمل مشوار الكفاح المسلح .. وأنتظر قدوم أبو لقاء .. ولأاكثر من مرة .. دون جدوى التبيهات بعواقب التأخير والخطرة من قبل قطاع الطرق والمخربين في المنطقة .. وأخيرا .. أبو لقاء .. دروحوا آني بعدين أجي .. آني قفل !!

... وتلك المناطق الجبلية والروافد والينابيع والأشجار المثمرة .. كلها تجدها في مناطق العشائر ( سندي ، كولي ، برواري ، ريكاني ، زيباري وتلك القرى الجميلة والناس الطيبين .. ، عبرنا نهر الأزرق ( الشين ، شين ) ، أرادوا الرفاق قسطا من الراحة وتناول وجبة غذاء سفري سريعة دون  الشاي .. ترجل الرفاق الخيالة .. ومفترشين الأرض جلوسا .. وممتدين أرجلهم من كثر الركوب على البغال ... ينتظرون من يبادر ويتطوع لتجميع الحطب وأشعال النار و كتلي شاي في هذا الموقع الرومانسي والبارد والطبيعة الخلابة والجذابة ... وموجهين نظراتهم الى كاتب السطور كالعادة .. وفي المفارز السابقة  ومبادراته السريعة .. يسرع في لملمة الحطب وإشعال النار بالسرعة الفائقة .. لكون كاتب السطور عاشق للنار والشعلة الزرادشتية ، إلا أن كاتب السطور لم يقتنع بالأشارات النظرية !!

شدينا الرحال والمسير الى منطقة برواري بالا ومكوث ليلة ثانية في الطريق ، وفي الصباح وبعد تناول الفطور القروي والخبز اللذيذ على التنور .. مما يزيدك طاقة وتواصل ويزيل المتاعب وفشار عباس !!.

.... وأخيرا بلغنا مقر القاطع بعد قطع مسافات ليست بالقليلة ( مقر الزاب ) لقاطع بهدينان ومقر الرفيق توما توماس ( أبو جوزيف ) الطيب ورفاقه ورفيقاته .

... الرفاق الصبيان .. نادية ،  سمسم ومشمش .. اللذان يدخلان القلب ويكسرانه ، مع الأطفال الآخرين .. لقى بصري على الطفلين وفي باحة المقر الواسعة .. ياترى ماذا يفعلون هنا .. حتى الدببة غير راضية بالموقع النائي ؟! تجولنا في القاعات ملتقين الرفاق الطيبين وفي الصباح شدينا الرحال لنكمل المشوار والطريق الى ربية الدوشكة والمسير لساعات عديدة أخرى غير آبهين من الثلوج الساقطة والمتساقطة في جبل ( كارا ) والمنطقة .