شفافِيَّة رئيس الوزراء: د. محمد شطب

ظهر علينا رئيس الوزراء المستقيل منتهي الصلاحيَّة كعادته بتأريخ 2020.01.28 وهو يدير إجتماعاً مع وزراءه الفاقدين للإرادة وللصلاحية، الذين إرتهنوا للعصابات المنفلته التي صارت تتحكم بهم وتحبس أنفاسهم متى تشاء وكيف تشاء. ظهر علينا وكأن شيئاً لم يكن، وكأنَّ بحر الدم في المدن العراقية قد جفَّ، وإنَّ البلاد في برد وسلام. ظهر يتباكى ويتكلم بصوت مرتجف ويحاول بإسلوب مخادع وبكذب مكشوف إقناع وزراءه الصامتين الصاغرين، وكأنهم مجموعة من البلهاء، على ما يسمعون من هراء وسخافات وهذيان أطفال وهم لا حول ولا قوَّة لهم ولا يشغل بالهم كلام سيادة رئيسهم بقدر ما يشغلهم المصير الذي سيؤلوا إليه نتيجة إهمالهم لمصالح البلاد والعباد وتكالبهم على السلب والنهب والصفقات والصمت على الإيغال في قتل المتظاهرين وسفك الدماء دون إتخاذ التدابير اللازمة أو معاقبة ومحاكمة القتلة.

يتكلم وهو يكيل الإتهامات إلى المتظاهرين ويلقي اللوم عليهم لآنهم تسببوا في غلق المدارس ولآنهم تسببوا في قطع الطرقات وتعطيل الحياة وغلق مؤسسات الدولة وضرب القوى الأمنية بالحجارة ووووووو .....الخ. ويؤكد بأنَّ واجب الدولة هو الدفاع عن حقوق المواطنين والإستماع إلى شكاواهم وتلبية مطاليبهم ويدلي بنصحه وإرشاداته الأبويَّة والأخويَّة والإنسانيَّة النبيلة والرصينة وكيف أنَّ القوى الأمنيَّة تعاملت مع المتظاهرين بأشكال أبويَّة، ولكن نسى أو يتناسى سعادته أن يتداول مع وزراءه المحترمون الذين إختارهم بعناية فائقة لإرضاء أسياده المتنفذين من أحزاب الفساد المجرمة ومنظمات المليشيات القذرة الذين جاءوا به إلى هذا الموقع الذي لا يزال متمسكاً به رغم تقديمه الإسقالة لإرضاء أسياده من جهة والإستمرار بتمشية صفقاتهم وتمرير دنائاتهم ولخوفه من عصاباتهم المنفلته من جانب آخر، لم يذكر لوزراءه الأسباب التي دفعت بهذه الحشود إلى اللجوء لهذه الطرق ولهذه الأساليب ولم يتطرق لهم لا من قريب ولا من بعيد عن الجهات التي إستخدمت الرصاص الحي والقنابل المميته وغيرها من الأساليب العدوانيَّة ضد المتظاهرين، هذه التعاملات التي يصفها رئيس الوزراء  ـ ـ أَبَوِيَّة ـ ـ  ولا ندري ما هي الأساليب الأكثر أبويَّة (العدوانيَّة) التي يخفيها علينا والتي ربما سيلجأ إليها تحت ضغطِ أسياده لكي يعينهم في البقاء في مواقعهم. لم يتطرق رئيس الوزراء إلى الكيفية التي يجب اللجوء إليها لمعالجة المطاليب المشروعة التي دفعت المتظاهرين إلى النزول إلى الشوارع وهم يرفضون كل هذه الأحزاب الفاشلة والميليشات المنفلته التي إستهترت وعبثت بحقون الناس إشباعاً لرغباتهم الشخصيَّة وتنفيذاً لأوامر أسيادهم.

نسي أن يخبرهم بأنَّ مدارس العراق أصبحت أكواخا وخرائب حزينة بائسة أشبه بزرائب الحيوانات لا تتوفر فيها أبسط الوسائل التعليميَّة وتفتقد لأبسط المؤهلات التربويَّة ناهيك عن الإنحطاط العلمي الذي آل إليه الكادر الفني والتعليمي لغياب رعاية الدولة. كما أنه تعمد أن لا يخبر وزرائه، ولو أنهم بواقع الحال عارفين، بأن هذه الشبيبة التي إفترشت الساحات والطرقات لم تفترشها عبثاً ولا لهواً بل إنها إفترشتها مطالبة بحقوقها المهظومة وهي تبحث عن فرص للعمل ومصدر للرزق وعن مأوى لها ناهيك عن توفير الخدمات العامة التي صار المواطن العراقي يفتقد إليها وهي خدمات ضروريَّة وأساسيَّة توفرها حتى الدول الفقيرة لمواطنيها فكيف في بلد مثل العراق يفيض بالخيرات والثروات.  نسي أن يخبرهم أن سبب ذلك كله هو جرائم الفساد التي إعتمدها أسياده من قادة أحزاب الدين السياسيَّة الفاشلة ومرتزقتهم طيلة السنين السابقة حيث سلبوا المال العام وإعتبروا ميزانيَّة البلاد وثرواته ملكاً لهم ولأقزامهم، وإعتبروا البلاد ضيعة لهم يصولون ويجولون فيها على أهوائهم. هكذا عملوا وهكذا تصرفوا في كافة مرافق الدولة ومؤسساتها ولأنهم أهملوا الشعب وداروا ظهورهم إليه إنقلب عليهم وثار ضدهم ليكشف أمام العالم سفالاتهم وإستهتارهم وليعيد الحقوق المهظومة إلى أصحابها، فالعراق للجميع وليس لشلل الفاسدين والقتلة والمجرمين.