تأسيس قاعدة هيركي وأول عملية انصارية - 3 / فارس فارس 

الحلقة الثالثة

تأسيس قاعدة هيركي 28/7/1980

واول عملية انصارية مشتركة في قضاء العمادية ناحية ديرلوك 23/08/1980م

نحن الان في الجانب الاخر من لينك والمشرف على منطقة دشتا زيه وعند عين الماء الوحيدة والضعيفة, والتاريخ هو 22/8/1980 عصرا, ونرى القرى التالية بوضوح: بيران, بادان, باون, حسن بكري, جلكي, هاكاري العليا, هاكاري السفلى, ومن الجانب الاخر لنهر الزاب الكبير نرى بوضوح قرى: سركاني وبعدها على جهة اليمين, باوة وهاركي السفلى والعليا وصولا الى ناحية ديرلوك, تسيطر الربايا العسكرية ومقرات الافواج والسرايا لقوات النظام الدكتاتوري على جميع هذه القرى بالإضافة الى المجمعات السكنية والشارع العام الرابط بينها, لكن لا يوجد اي موقع عسكري في الجانب الاخر من نهر الزاب الكبير, الا عند الوصول الى قرب ناحية ديرلوك حيث توجد ربايا عسكرية تسيطر على الطرف الجنوبي منها.

نزلنا عند الغروب باتجاه قرية حسن بكري, حيث قسمنا الى عدة مجاميع حول القرية وعلى كل مجموعة ان تضع حراسة لخطورة المنطقة, بعد العشاء تجمع شباب القرية حولنا ومن محاسن الصدف كنت في بيت كاكا حسن وهو يعرف العربية بشكل متوسط واصبح المترجم في الجواب على اسئلة شباب ورجال القرية حول الحزب والوضع السياسي, وكان ابن كاكا حسن, واسمه احمد ويدرس بالمتوسطة في ديرلوك ويعرف العربية بعض الشيء من اكثر المتحمسين في الاسئلة والنقاش, حيث سيصبح لاحقا من اصدقاء حزبنا وزودته بالمناشير ليوزعها على اصدقائه وحسب طلبه.

خرجنا من قرية حسن بكري في الساعة العاشرة مساءا, باتجاه الجنوب الشرقي ومررنا قرب قرية بيران وبادان وباون ومن بين الربايا العسكرية عبرنا الشارع العام باتجاه نهر الزاب الكبير وفي النقطة المقابلة لقرية سركاني وعلى النهر مباشرة وضعت المفرزة نقاط الحراسة والكمائن وبحذر شديد حيث لم تكن ربيئة باون تبعد سوى 100 متر ومشرفة على نقطة العبور, كيف سنعبر هذا النهر الهائج والعريض والعميق؟ انتظرنا نصف ساعة واذا بثلاث شباب يجلبون كلك كبير مشدود بحبل قوي من الجانب الاخر من النهر, حيث سنعبر على وجبتين الى الجانب الاكثر امانا وسنتوزع على بيوت قرية سركاني دون اجراءات مشددة.

توزعت مع زبير في بيت كاكا ابو رمضان طيب الذكر, وتفاجأت بعربيته الطليقة ولغته الهادئة المتزنة والحكيمة, وتفاجئه هو بوجود عربي من بغداد في هذا المكان, وعندما عرف انني شيوعي, كانه فرح بذلك!, ولما سالته بسبب فرحه؟, قال ان اعز اصدقائي من اهالي العمادية هم شيوعيين!, فرح زبير ايضا وقال لي بما معناه التقيت بواحد من جماعتك!, رد عليه كاكا ابو رمضان وقال كلا انا لست شيوعي بل احبهم واحترمهم لانهم اناس طيبين!

سالت كاكا ابو رمضان: كيف تعلمت اللغة العربية بهذه الطلاقة ؟. اجاب: انا اعمل في وزارة الاشغال والاسكان, دائرة الطرق والجسور منذ اكثر من 20 عاما كسائق, وعملت في محافظات الجنوب وبغداد والموصل وقبل ثلاث سنوات نقلت الى هذه المنطقة, لذلك نقلت عائلتي من الموصل وسكنت هذه القرية التي سكن بها اجدادي........قطع حديثه دخول ثلاث شباب الى الغرفة والقائهم التحية طبعا باللغة الكردية, عرفتهم مباشرة هم نفس هؤلاء الشباب الذين جلبوا للمفرزة الكلك عند النهر, سألهم هل عبر الجميع وهل اخفيتوا الكلك؟ اجابوا بنعم! قال لهم باللغة العربية, اعرفكم على ابو حياة وهو من بغداد! طفت ابتسامة صادقة وباستغراب كبير لما سمعوه! وقالوا بصوت واحد اهلا وسهلا تشرفنا, بلغة عربية صافية! ووجه الكلام لي هؤلاء اولادي الاكبر رمضان والاخر شعبان والاصغر رجب! وكأن الارض لا تطيقني من السعادة التي غمرتني, قلت اهلا وسهلا تشرفت بكم! واصبح لنا معهم لاحقا حكايات!.

خرجنا في الساعة الرابعة فجرا من قرية سركاني, نحو الغرب وفي احدى الوديان العميقة, وجلب اهل القرية لنا الفطور ووجبة الغداء, وفي عصر هذا اليوم المؤرخ 23/8/1980, طلب الرفيق ابو حيدر- صبري- عقد لقاء بيننا, طرح بان مفرزة حدك قرروا القيام بعملية عسكرية هذه الليلة لضرب واقتحام مقر منظمة حزب البعث في الناحية, واعتقال او ضرب بيت رئيس الجحوش في المنطقة, وواصل استطلعت الموقع معهم عن بعد, واطلعت على خطتهم العسكرية, واعطيتهم ملاحظات لكن لم يقتنعوا بها, وان فشل هذه العملية يفوق 80%, حيث توجد ربيئة مسيطرة على الموقع ومن الضروري ان يتم مشاغلتها اثناء ضرب او اقتحام المقر, لتحيد نيرانها! هذا اولا, وثانيا يجب وضع مجموعة اسناد لتغطية الانسحاب او اذا حدث طارئ! قالوا ليس هناك حاجة لكل ذلك!! واضاف الرفيق هشام يزيدي بالإضافة الى كل ذلك, اعتقد وانا واثق من كلامي بان العملية فقدت عنصر المباغتة لقوات النظام فمرورنا على قرية حسن بكري كان خطا كبير, واجهزة النظام تعرف نحن من الامس في المنطقة والان لديهم انذار ج كما لا استبعد وصول معلومات للسلطة حتى عن الموقع المستهدف بالضبط!! وبما انه ليس لي اي خبرة بالتخطيط لعمليات عسكرية في ذلك الوقت وأثق بشكل كبير بتقديرات الرفيق صبري كونه عسكري سابق في الجيش وبالرفيق الفقيد هشام يزيدي كونه كان ايضا نصير في فترة سابقة حسب علمي, اضفت الى كلامهم : يعني هذه العملية بالتأكيد فاشلة!! اذن ما العمل؟ اما ان لا نشترك وماذا يجب ان نفعل بهذه الحالة او نشترك ولكن كيف واين, وقبل كل ذلك لماذا هذا او ذاك؟ يتبع