أشقولكه،القريبة من بشت ئاشان، هي قرية صغيرة متكونة من عدة بيوت،هُجرَّ سُكانها بالقوة من قبل نظام البعث الدكتاتوري أواسط سبعينات القرن الماضي،لم يرجع من أهاليها سوى القليل ومنهم الرفيق (فقي وسو)الطيب الذكر مع العديد من أقاربه،والرفيق الشاب،الوديع والودود حسن مع زوجته .

تَشكل فصيل اشقولكه في بداية الثمانينات،معظمهم من الرفاق الذين عادوا من خارج الوطن تلبية لنداءالحزب.

كان فصيلاً متدفقاً بالحيوية، معظمهُ من الشبيبة الناضجة وبقومياته المتعددة،متكاتفاً ومتضامناً .

بالاضافة الى ذلك تشكلت بعدها في أشقولكه مقرات لأحزاب كوردية،منها الحزب الاشتراكي الكوردستاني بسكرتيره المرحوم (رسول مامند)والملازم رسول،الذي لقى حتفه مع أبن الشيخ محمودالحفيد(لاأتذكر أسمه) على جبل قنديل الشامخ،أثر عاصفة ثلجية،لم ينجو فيها سوى الدليل.

قبلها بليلتين زارنا أبن الشيخ محمود الحفيد، عارضاً فكرته بالعبور،حذرهُ الرفيق فقي وسو،كون الوقت(شهر شباط)الشتائي غير مناسب،حيث يكون كثير العواصف ومحفوف بالمخاطر.

وعلى بعد عشرات الامتار كان جنبنا مقر الحزب الاشتراكي الكوردي(باسوك) ممثلاً بسكرتيره  المرحوم (ئازاد)،والذي كان دائم الزيارة لنا ليلاً،نناقش معه الاحداث السياسية والمواضيع الفكرية،تميزبصدر رحب، وفي ألاستماع لبعضنا البعض بشكل ديمقراطي .

وعلى نفس المبعدة تواجد بيت لبيشمركة من الحزب الديمقراطي الكوردستاني،وقد تميزت العلاقات مع بعضنا البعض بالاخوية والدعم المتبادل.

في ليالي الشتاء البادرة والمغطاة بالثلوج حتى بداية شهر آذار،كان الوقت المناسب لمزيد من القراءة، على ضوء الفوانيس الخافتة والمُحددة حتى العاشرة مساءاً،فترى الاكثرية منهمكة بالعديد من الكتب المتنوعة،التي نتلقفها بالتناوب،أضافة للاستعارة من مكتبة بشت ئاشان المتواضعة.

وكان الرفيق الشهيد مؤيد فناناً وصاحب خط جميل،حيث جرت مُفاتحته للعمل على إصدار نشرة تعني بالثقافة بمختلف مجالاتها،التي سميت (نشرة أشقولكه) حيث صدرت منها عدة أعداد، تولينا فيها كتابتها باليد بعدة نسخ،مع ديكور جميل صممه الرفيق الشهيد.

كانت النشرة تتلقف أولاً في الفصيل،وتوزع على فصائل الانصار القريبة منا،وكذلك الاحزاب القريبة لنا،وبالاخص مع مجموعة من شبيبة الحزب الاشتراكي الكوردستاني(ذوي توجه يساري).

ولم يقتصر الامر على النشرة فقط،حيث جرى تكليف الرفيق الشهيد سعدون وبالتنسيق معي في تهيئة مجموعة من الاخبار الهامة،ليقرأها صباحاً بعد الفطور،كون أن أكثرية الرفاق لايملكون أجهزة الراديو.

العديد من رفاقنا الأنصار حملة شهادات جامعية وبمختلف الاختصاصات،كنا نستغلها في ندوات مسائية تشمل مواضيع شتى أدبية،فكرية ،علمية ،تضفي على الجو نقاشات حماسية،وقتها حل بيننا وبدعوة فصيلنا عدة رفاق بمحاضرات عديدة،منهم الرفيق الراحل فالح عبد الجبار بمواضيعه الشيقة،والرفيق زهير الجزائري،والرفيق أبو عامل في ذكرياته قبل وبعد ثورة 14 تموز 1958.

وفي فترات يحل بيننا الرفاق الكورد من قاطع بشدر لعدة أيام ومنهم الرفيق الرائع مام سور(العم الاحمر)،الذي أُستشهد في مجزرة بشت ئاشان،حيث كان يصحب معه عدة رفاق من فصيلنا الى ربيئة متروكة على قمة جبل تشرف بإتجاه مدينة  قلعة دزة،حيث كنا نتهيأ لخبر تحرك جحوش النظام تجاه مقراتنا،وكنا نقضي يوماً كاملاً في الربيئة،وكان الرفاق يسألون الرفيق مام رسول الممتلئ حيوية، وبتواضعه وعطفه، عن مايمكن القيام به حال الهجوم،حيث كنت أتولى الترجمة الى العربية .

مايُميز منطقة أشقولكه في شهر شباط، عواصفها الثلجية الشديدة،تكون فيها مسافات الرؤية ضعيفة وتفرض على ساكنيها الالتزام بالمقرات والبيوت.

فصيل أشقولكه نموذج لشيوعيين وأنصار مُتفتحين، ضم كل مكونات العراق بموزاييكه الملون في ربوع كوردستان البهية المِعطاء.