هذه صورة من ٣١ نصير  في احدى مقرات الحزب الشيوعي العراقي / قاطع سليمانية وكركوك

يسمى خورنوزان ( ويعني الوادي الذي لايعرف الشمس)

وهو فعلا وادي لا يرى الشمس

دعوني ان اترك الثلاثين نصير واتحدث لكم عن نصير واحد وهو الاول من الجالسين الى اليسار كما مرفق بالصورة،كان اسمه بالانصار الشهيد عمر وايضا اسمه عمر زامدار ( ويعني الجريح  عمر)، وهذا الجريح عمر كان عليه ان يكون شهيدا  في معركة زنكنة  بتاريخ ٩ آذار ١٩٨١

في ٢ آذار ١٩٨١ التحق عمر  ، متحمسا و شابا لايتجاوز الثامنة عشر من عمره

كان يضع صور شهداء البيشمرگة بمحفظته البسيطة الورقية ، وينظر لهم اكثر من ثلاث مرات باليوم  ، حيث يستل محفظته الورقية من جيب الشروال ويتمعن  بوجوههم ويتمتم مع نفسه بعبارات مبهمة.

بقى عمر غير مسلح ويتجول مع مفرزة الحزب الشيوعي وهو مليء بالعنفوان و تواق الى لحظة اعطاءه بندقية ليكون مسلح وپيشمرگة

وفي التاسع من آذار اي بعد اسبوع من التحاقه وصلت سرية زنكنة بقيادة الشهيد حسيب الى احدى قرى زنكنة تدعى فقي مصطفى

وبعد ان تصدى الشهيد عريف حسيب  ورفاقه للطيران وللاسف نفذ عتادهم ولم  يبقوا في القرية تحسبا لسلامة الاهالي، فخرجوا الى منطقة شبه صحراوية مكشوفة للطيران مما سبب عدم تكافؤ بين الامكانيات.

قاد تلك المعركة جحوش البعث : تحسين شاويس، قالة فرج ورهط من القتلة المأجورين مدعومين بقوات الطيران السمتي الغادر

استشهد ٢٢ نصير في تلك المعركة الغير متكافئة

و كان نصيب عمر ان افرغ احد المرتزقة مشجب كامل من  بندقيته في بطن عمر

وتركه قتيلا!!

ولكن عمر لم يمت وبقى ، وبعد ان استنفرت قوات الانصار لنجدة رفاقهم الذين وصلوا بعد اربع ساعات من انتهاء المعركة ليجدوا عمر لازال حيا

فقام د دلشاد ( وهو الدكتور ناظم الجواهري)  بتضميد جرحه وزرع بعض الاوصال من فخذه ليلحم بها امعائه التي مزقتها الرصاصات الثلاثين

تقلصت امعاء عمر الى اقل من النصف ونجا بأعجوبة وحمله رفاقه على بغل  قاصدين المقر ، ويذكر النصير سلام العكيلي ( ابو جاسم) ان الجريح عمر كان يمد رأسه و يصرخ بنا أننا ظللنا الطريق وهو جريح وعلى البغل،

-هذا الطريق يا رفاق

- تمام رفيق اعتني بنفسك وسنجد الطريق

وبقى يحاور ويجادل

التقيته شخصيا بعد هذه المعركة بشهور وبادر هو بالسؤال

-ها رفيق راح تجي ويانة الى كرميان

- اي رفيق اجي وياكم ( اجبته)

- بس رفيق انت ماتحب ( الدوينة)*

- شنو هاي ( الدوينة )

- رفيق هاي اكلة اهل كرميان  كلش طيبة

- لا بالله

ضحك و واصل المسير

اجبته ، عمر انت شكد  صارلك بيشمركة؟

قص لي الحكاية  بلا رتوش

فأجبته : لو مستشهد مو احسن

اجاب وهو مبتسما ، لا مو احسن

ليش مو احسن

قال : ابقى پيشمركة احسن.

وصلنا الى احدى قرى الجاف في ذلك الصيف القائض وطلب من اهل القرية ماءا لنشرب

وجاءوا لنا ب( الدو) وهو اللبن الشنينة ولكن كان التبن والقش يعلو الاناء ( الطاسة) ، فلم استطيع ان اتناوله،  كرع الطاسة كلها عمر  وفتح حزامه لانه تضايق كثيرا

ولم ينفع  وقال اختنقت

اجبته ما بك عمر

قال اتخمت بالماء واللبن

فأجبتهه بأن  عليه الاكل فقال : لا خلص معدتي امتلاءت

وكانت معدته وامعائه قد تقلصت الى اقل من نصف الطبيعي جراء القص الذي تعرض له أثناء العملية .

* الدوينة : طعام مجفف و طريقة تحضيره هي غمس حبوب الحنطة بالماء واللبن ( الشنينة ) و تعتيقها لايام  ومن ثم تجفيفها و تكويرها على شكل كرات صغيرة غير منتظمة

سآواصل الكتابة عن  الشهيد عمر وكيف استشهد عام ١٩٨٧