لماذا حدث كل ذلك يا ...
(سيد نزار ) هو الابن الأصغر للسيد جلال البيلزاني ، أما عن أخاه الأكبر( سيد نهاد ) فقد استشهد في احدى معارك البيشمركه ، تحديدا ً في بشتاشان .
وبعد ذلك بعشر سنوات او اكثر صار الأخ الآخر ( صادق ) تاجرا ً صغيرا ً ، لكنه بحظ سيء ، حيث أدى انقلاب التراكتور به إلى موته في الحال .
في عام 1984 التحق نزار ابن السابعة عشر ربيعا ً بصفوف الأنصار ، وصاريكافح مع رفاق شيوعيين نذروا حياتهم لقضية وحلم كبيرة هو اسقاط الدكتاتورية .
في نهاية 1988 كانت عمليات الأنفال . وحدث على اثرها تهجير هائل للكرد وعبور الجبال الوعرة ، ووصل نزار مع آلاف العوائل إلى مخيم ماردين للاجئين في تركيا، بعدها بأكثر من سنة حالفه الحظ أن يصل إلى فرنسا راجيا ً ان يعيش حياة جديدة هانئة ..
ولكم أن تتخيلوا نوع الحياة التي عاشها في باريس والتي كانت تتقلب بين المخاوف والاضطراب وعدم التأقلم مع الحياة الباريسية . انتقل بعدها الى مدينة ( كليغمون فيغان ) ليتزوج و ليتذوق طعم الراحة المؤقتة ويحاول تجنب كوابيس الفوبيا التي تطارده ..
لكن حدثت له ما لم يكن له بالحسبان ، وكانت الواقعة خارجة عن إرادته .. ليل حزيراني رائع ، كانت أضواء المدينة لا تقل روعة ، بعد ان تجاوزت الساعة الحادية عشر ليلا ً ، وحين ترك المطعم الذي يعمل فيه كمنظف للصحون وخدمة الزبائن . خرج إلى الشارع غير متوقع جسامة الكارثةا لتي ستحيق به . كان متكدراً كعادته بسبب هذا الصداع الذي جعل من قواه تضطرب منذ أكثر من شهر . وبخطوات قلقة مضى نحو محطة الباص ، وفكر وفكر ولم يستطع الإجابة على ذلك التساؤل : إلى متى أتحمل كل هذه المعانات؟
لم ينسَ سيد نزار ما قاله له الطبيب النفسي : أنتبه ، ان كل حركة تحدث موجة او فعل أو حدث أو فجيعة . وبينما هو يحاول عبور الشارع للحاق بآخر باص ، وما ان وضع قدمه اليمنى على حافة الأسفلت حتى استدار ببصره يسارا ً …وحدثت حادثة جلل قلبت كل تفاصيل حياته ..
محضر الشرطة الخاص بتلك الواقعة ربما دون َ فيه التالي : 22 / 6 / 2017
على إثر دهس بسيارة سوداء ، تعرض المدعو نزار جلال إلى صدمة أدت إلى أحداث تهشم في جمجمة الرأس من جهة اليمين .
في المستشفى أجريت له الإسعافات الضرورية ، بقى على قيد الحياة ، لكن بتنفس وتغذية اصطناعيتين ، كان يحاول التفاعل بطريقة بدائية مع القليل من الأصدقاء الذين يخصونه بالزيارة ، الذين يعتقدون انه اصبح بعيد جدا ً عنهم ..
في الحقيقة ان نزار بعد الحادثة وخلال السنوات العديدة كان طريح الفراش ، وما عاد يتكلم بسبب تلف في جزء من الدماغ، وبالرغم من هذا الانغلاق لكن زوجته وأطفاله الأربعة كانا متأكدين من انه يفرح باللقاء بهم فلم يتخلوا عنه ،كانوا يشدون من ازره ويذلون ما في وسعهم لتقديم افضل خدمه له ، أما هو فلم نعرف لماذا كان يتألم ويبكي ويصرخ ،كمن يحتج بوجه الحياة التي خذلته . وها هو الآن لا يستطيع ان يفتح عينيه بسهولة ، متناسيا هزائمه ، منتظرا زوجته مع انه ماعاد يتمكن من ان يقول لها : اهتمي بالأطفال ..
كان الزمن يمر، وظل نزار مبتسما في ذاكرتي ..قضى وسنقضي إجازة قصيرة في الحياة ، وأنا أستقبل خبر وفاتك يا نزار صار في ذهني اليأس والأمل شيء واحد ، لكني سوف لا أنسى 22 / 7 / 2022 ، واشعر انني حرمت من عزيز لا يتكرر . نعم غادرتنا ، لكني سوف لا انساك أيها الوديع ، الذي لا غبار على طيبتك، لا لأنك صديقي حسب ، بل لأني عرفتك إنسانا ًنظيفا ًوبسيطا ُ و وتمتلك روحا ً قروية وصوفية