قام الرفاق البشمركَة الشيوعيين من السرية الرابعة والسرية الخامسة بجولات وفعاليات عسكرية وإعلامية خلال الاسابيع السابقة لمعركة زنكَنة وفي مناطق متعددة من منطقة كَرميان، في مناطق  الداودية حدود ناحية نوجول وطوز خرماتو وفي الجاف حدود قضاء كلار وناحية باوه نور وفي بناركل وهي حدود ناحية قادر كرم، وفي الجبارية حدود ناحية ليلان وقضاء جمجمال وفي زنكبات حيث الاطراف المترامية والتي لها حدود مع ديالى منطقة السعديات وقره تبه وكذلك حدود مع صلاح الدين في منطقة ناحية جبارة وقضاء كفري وقضاء كلار التابع الى السليمانية، وكان وصول السرية الخامسة الحديثة التشكيل مع الاسلحة الجديدة والملتحقين الجدد والجولات والسيطرات والندوات والنشاطات الاخرى، قد أثار حفيظة أجهزة الأمن والاستخبارات في أربع محافظات هي: (كركوك والسليمانية وديالى وصلاح الدين)، وكان عملاء الدكتاتورية الفاشية من المخاتير المتعاونين مع السلطة والأغوات والمندسين في قوات البشمركَة الاخرى والمفارز الخاصة لاستخبارات كركوك لم يبخلوا جهدا في تتبع حركة قوات البشمركَة الشيوعيين من  سيارات الركاب المغادرة يوميا المنطقة الى القصبات والحواضر القريبة. 

وعقدت القوات العديد من الاجتماعات في قرى سبيسر وكريم باسام وقوالي وباوكر خلال جولتها في يومي 7 و8 اذار 1981 لوضع الخطط لتشكيل الفوج الرابع والقيام بنشاطات على شرف ذكرى تأسيس الحزب السابعة والأربعين، وتركت خلفها الرفاق مجيد ملا صالح وقادر أحمد عزيز وهيمن (عبد العزيز ملا صالح) في القرية يستمتعون بأجازة مع عائلاتهم وأعلمتهم في وجهة القوة والمفرزة التي يلتحقون بها وأماكن إلتحاقهم مع التشديد على الحذر والحيطة لوصول أخبار عن تحركات مريبة في الطرق والقصبات المحاذية لمنطقة (كَرميان_كركوك)، ولم تمر سويعات على مغادرة المفرزة القرية الى  قرية ملا عمر حتى سُمع أزيز رصاص قادم من جهة قرية سبيسر، مما جعل الرفاق الحراس يطلقون صفارات التحذير لتجميع الرفاق والخروج من القرية بعد ان شوهد الرفاق مجيد وقادر وهيمن يقبلون عليها.  

غادرت قوات الانصار المؤلفة من السرية الرابعة والسرية الخامسة ومفرزة الكوادر المحلية في فجر صباح 9 أذار قرية  سبيسر الواقعة في منطقة زنكَنة كَرميان التابعة للحدود الادارية لناحية قادر كرم، الى الهضاب والتلال المحيطة في قريتي (ملا عمر وتيلكوة) اللتين تبعدان عنها ساعة واحدة سيرا على الاقدام، وبعد انتصاف النهار توجهت القوى الأكبر الى قرية ملا عمر وذهب الباقون الى قرية تيلكوة القديمة.

وفي الساعة الثانية والنصف، سمع الحرس اطلاق نار في قرية سبيسر، فأطلق صفارة الانذار وخرج البشمركَة الى باحة الجامع وعلى عجل توجهوا خلف القرية وتوزعوا على التلال المحيطة بأتجاه قرية تيلكوة، وماهي الاّ دقائق محدودة حتى جاء الرفاق مجيد وقادر وهيمن الى القرية وهم يطلقون اشارة التحذير من قدوم الجحوش خلفهم، وبسرعة جرى إرسال رفيق الى قرية تيلكوه ليخبر رفاقنا كوادر محلية كركوك عن تطورات الاحداث، ويطلب منهم الخروج من القرية وإلتحاقهم بالقوة وان يتوجه الرفاق الكوادر الى مناطق الاختباء المؤقتة في الهضاب القريبة وإبقاء عدد محدود من البشمركَة لحمايتهم.

وفي اجتماع خاطف لقيادة القوة على مشارف قرية ملا عمر، تقرر تقسيمها الى ثلاث مجموعات توزع على التلال المشرفة على ملا عمر وتيلكوة، والقوة تتكون من 32 رفيق، وكانت المجموعة الاولى على مشارف قرية ملا عمر بقيادة الرفيق سلام (فارس عبد الرحمن)، والمفرزة الاخرى المتقدمة على حدود تيلكوة بقيادة الرفيق عريف حسيب (حسيب حسين حسن) والرفيق ابوشهاب (نصر الدين نجم) بينما كانت المفرزة الثالثة للاسناد بقيادة الرفيق بابا علي والرفيق فاتح وضمت الفقيد مام فتاح ومام علي هدايت والرفيق هيوا (عبد الكريم محمد حسين) ومام كوران (حسين محمد حاجي امين)، وكانت الطلقات الاولى في الثالثة ظهرا ليعلن عن بدأ المعركة التي اوقعت خسائر كبيرة بين الحجوش واغتنام 18 بندقية كلاشنكوف وقتل 36 مرتزق.

 لقد توقع المرتزقة وجود قوة صغيرة وفق المعلومات الاستخباراتية التي وصلتهم مساء الثامن من اذار، حيث كانت مفرزة صغيرة مكونة من 7 رفاق متواجدة في قرية ملا عمر وقد غادر قادر اغا القرية من الصباح الباكر الى قضاء كفري ليسافر الى بغداد. لم يتوقع الجحوش وجود قوات كبيرة خارج القرية مما جعل عنصر المباغتة عاملا مهما لتحقيق النصر ووقوع قتلى وجرحى في صفوفهم واغتنام عشرات البنادق وجرح خال المجرم المعروف قادر فرج امر الافواج الخفيفة في كركوك والذي كان يقود الحملة بنفسه مع المجرم مستشار الافواج الخفيفة تحسين شاويس الذي قدم من جمجمال الى صنكاو ومن ثم الى منطقة زنكَنة عبر قرية  فقيه مصطفى. بقيت جثث الجحوش على مشارف القرية، وأستمرت المناوشات بين البشمركَة والجحوش، وحاول البشمركَة اعطاء فرصة للجحوش بأجلاء قتلاهم بعد مناشداتهم وتدخل اهل القرية، ولكن قيادة القوة لم يتوقعوا تدخل الطائرات السمتية في الرابعة عصرا في محاولة لتغيير موازين القوى ونقل القتلى والجرحى وحماية انسحاب الجحوش. ولكن وصول المرتزق قادر فرج الى قرية سبيسر ودفعه بقوات الحجوش للهجوم على مفرزة الرفيق سلام والتي صدتهم وأوصلتهم حتى مشارف قرية سبيسر مذعورين تلاحقهم رشقات عفاروف عريف حسيب وصليات الجرسي والقذائف، فيما اشتبكت القوة الثالثة مع حجوش تحسين شاويس التي كانت تفوقهم بالعدد والعتاد، وكان صمودهم البطولي ارعب المرتزقة الذين اتصلوا بقيادة الفيلق الثالث طلبا للنجدة، فتحركت الأرتال العسكرية من ناحية سرقلعة ومن بناركل الى المنطقة، فيما حلقت ستة سمتيات في سماء المعركة وواجهها الرفيق حسيب واقفا بالعفاروف والرفيق نوري وابوغسان بقذائف (آر. بي. جي.). لم يحسب قادة البشمركَة تدخل الطيران في المعركة وكان يُعتقد أن هناك ساعة باقية على غروب الشمس ويمكن للجحوش والقوات المرافقة لهم الانسحاب وأنتهاء المعركة لصالحهم، وكذلك لم يأخذ بنظر الاعتبارطبيعة الارض المنبسطة في منطقة هضاب كَرميان وإمكانيات العدو اللوجستية، والقصف المدفعي وطيران الهيلكوبتر الذي غيّر موازين القوى لصالح العدو المدجج بالسلاح. وعلى الرغم من الهجوم الارضي والقصف المدفعي والانزالات الجوية، فقد تصدى لهم البشمركَة البواسل بقيادة الرفيق حسيب في رشاشة العفاروف وكان واقفا يتصدى للطائرات السمتية داعيا رفاقه الى المزيد من الكثافة النارية لاسقاط الطائرات المروحية وظل يقاوم حتى الخامسة والنصف وهو يحتضن رشاشه وقد اعطب طائرة مروحية سقطت قرب مطار كركوك العسكري حسبما افادت المصادر لاحقا، كان في المجموعة الاولى بقيادة سلام عبد الرحمن الذي قاتل ببسالة مع رفاقه وكان الى جانبه الرفيق نوري عرب (وحيد حسن عبد السيد الشطري) الذي أمطر الطيران بوابل من قذائف ار بي جي.

 لقد كانت معركة ملا عمر ملحمة بطولية لبشمركَة الحزب الشيوعي العراقي في كَرميان وتحدي للديكتاتورية الفاشية ومرتزقتها بشجاعة، حيث قاوم البشمركَة حتى آخر أطلاقة  وهم يتصدون لجحافل الجحوش ومرتزقة النظام الدكتاتوري الفاشي، سقط في هذه المعركة 22 شهيد وتم أسر 2 من البشمركَة وجُرح اثنان آخران ونجا 6 رفاق، واستطاع الرفاق في اشهر معدودة من بناء قواتهم من جديد وتسطير بطولات وملاحم جديدة في كركوك وكَرميان. 

المجد كل المجد لشهداء معركة زنكَنة _ كَرميان الأبطال .