نقلها الى العربية: عز الدين نوري فقي/ ماموستا هژار

بعد أن ذهبنا مساءً الى القرية، وكنّا قد شاهدنا سيارة مع مسلحين دخلت إليها، ثم عرفنا من أهلها بأنهم جماعة اوك، علموا بوجودنا وجاءوا ليسألوا عنّا، لكنّ أهل القرية نفوا وجود بيشمركه من الحزب الشيوعي العراقي في المنطقة، ومع ذلك فأن جماعة أوك هددوا الأهالي في حالة تقديم اية مساعدة للأنصار الشيوعيين.

هذه الظروف، جعلت أهل القرية يقترحون علينا ترك المنطقة، مؤكدين بأنهم يريدون قتلكم أو اسركم، فقلت لهم بأننا سنذهب إلى سلسلة جبال (زيرينه كيؤ). ولكن حاجى مصطفى قال: لماذا لا تذهبون إلى منطقه سنكسر حيث يتواجد فيها (كاك محمد من حسك)؟، وهو من معارفنا. كان مقترحهم جيدا، فأنا أعرف تلك المنطقة منذ عام 1980 عندما كنت بيشمركة مع الاتحاد، ولي فيها ذكريات مؤلمة: ((فأتذكر عندما حلقت فوقنا طائرات الهليكوبتر، ثم بدأت بقصفنا، استشهد 8 من البيشمركة من بينهم الشاعر جميل رنجبر، كما أُصيب عدد آخر بجروح منهم عمر سيد علي وسابير رسول)). وبعد مسيرة طويلة، وصلنا إلى القرية، فتجمعنا في مسجدها، وإلتقينا بمفرزة كاك محمد وهو مسؤولهم، وبقينا عدة آيام معهم. في أحد الأيام شاهدنا سيارة تدخل الى القرية وفيها مجموعة من المسلحين الجحوش، فجاء كاك محمد وأخبرنا بأنهم سوف يسلمون أنفسهم إلى السلطة، وقال لنا: انتم احرار في قراركم. تشاورنا فيما بيننا، فقرر النصير نهاد تسليم نفسه، فأعطيته سلاحي البرنو وأخذت سلاحه الكلاشنكوف، ثم نصحنا كاك محمد بالذهاب إلى الرشمالات القريبة من القرية، وأخذنا بنفسه الى منزل كاك عبدالله وطلب منه بأنّ يأخذوننا فجرا الى الجبل، وبلغهم بأننا أمانة لديهم، وعليهم مساعدتنا حتى نصل الى رفاقنا.

ومن الفجر ذهبنا مع كاك عبدالله إلى سلسلة جبال (زيرينە کێو)، وكان الطريق وعرا وصعبا، وبعد مسيرة لفترة غير قليلة، وصلنا إلى الرشمالات التي كان أغلب اصحابها من أقارب كاك عبد لله، فطلبنا منهم أن يرافقنا احد الادلاء الى قرية (باديناوه) وسوف ندفع له اجورا، فقال كاك عبدالله يجب أن نعرف اخبار المنطقه وبعدها نقرر ماذا نفعل.

بقينا عده أيام في الرشمالات، ثم بلغنا كاك عبدالله معتذرا، لأن المنطقة غير آمنة، وقال: حتى إذا نجحتم في عبور الاراضي العراقية، فأنكم ستلاقون صعوبة في الجهة الإيرانية، لان كومله الإيراني موجود فيها، وهم من ساعد كومله العراقي في معارك بشتاشان، وأردف قائلا: عندما تركتم القرية فجرا، جاء جحوش عباس بايز لأسركم وتسليمكم إلى السلطة.

قررنا الذهاب إلى روست، حيث علمنا بأنّ مجموعة من رفاق قاطع أربيل موجودين هناك، لكننا بدون دليل ولا نعرف المنطقة، علما بأني كنت على ثقة بمعرفتي ببعض القرى التي تقع على جسر حافظ التابع لقضاء جومان، لكن كان علينا الذهاب من دون سلاح، فبعنا اسلحتنا باستثناء رمانة عندي ومسدس عند أبو آمال. ذهبنا إلى أحد بيوت القرية القريبة لننام هناك، حيث العبور لابد ان يكون اثناء النهار. بعد العشاء سمعنا أصوات مجموعة من أهل القرية جاءوا ليسهروا في نفس البيت، وكان من ضمنهم صديقنا حاجي مصطفى، وبعد الترحيب الحار بنا، شرحنا لحاجي مصطفى بالتفصيل ما جرى لنا، فقال انّ قراركم بالعبور غير صحيح، وذلك لوجود ربيئة فوق الجسر مع ربايا أخرى بالاضافة الى وجود قوات اوك، مؤكدا معرفته بالمنطقة حجرا حجر.

بعد النقاش، قررنا العودة إلى قنديل، فأخذنا حاجتنا من الأكل مع (كتلي للجاي)، وبعد مسيرة أصبحنا خلف مقر بولي، وبقينا هناك، ثم جاء الرفيق أبو آمال وأخبرني بأن هناك رجل شاهده، فذهبت إليه، وكان فلاحا جاء ليسقي مزرعته. سلمت عليه، وسألته عن أخبار بشتاشان، فأخبرني بعدم وجود مسلحين في المنطقة.

قلت لـ(ابو آمال) يوجد طريقان، وسوف نسلك الأيسر الذي يصل إلى حوض كرمة سوران. بدأنا بالمسير، وكلما تقدمنا، كلما ازداد الثلج. قضينا الليل في قنديل. كانت باردة جدا، ولا يوجد مكان خالٍ من الثلج، ولا أدري كيف بقينا أحياء في تلك الليلة القاسية. في اليوم التالي تحركنا حتى وصلنا إلى منطقة (شيخ إيشه)، وكانت هناك آثار للرشمالات، فجلسنا للاستراحة وأكلنا (وخدرنا الشاي). بعد الاستراحة تحركنا، وبعد مسافة سمعنا اصواتا قريبة، فذهبنا إلى مصدر الأصوات بحذر، فشاهدنا مجموعة من الأشخاص يريدون حمل المواد على ظهر الحيوان. ذهبت إليهم، وبعد الاستفسار علمت انهم من قرية (باديناوه) جاءوا لجمع الفطر، وأنهم عائدون إلى القرية، فقررنا مرافقتهم. عند العصر وصلنا إلى القرية، وكان فيها مقر (لحدك العراقي)، فرحبوا بنا وبقينا تلك الليلة معهم. وفي اليوم التالي، اخذونا بسيارتهم الى (خانه) حيث يوجد الرفيق (ابو هيوا) الذي رحب بنا واعطانا مبلغا من المال لنشتري الملابس والذهاب إلى الحمام. بعد ذلك ذهبنا بالسيارة الى (سيلوه)، فاستقبلنا الرفاق بترحيب حار وبدهشة كبيرة، لأننا كنّا من المفقودين واسماءنا غير موجودة بين الشهداء او الاسرى. ثم ذهبنا إلى (زيوكه) وعمل معنا الرفيق زهير الجزائرى لقاءً، حيث شرحنا له بالتفصيل ما جرى لنا في تلك الايام. علما بأني فقدت جنطتي الصغيرة التي تحتوي على جنسية الاحوال المدنية، فوصل الخبر لأهلي وجاء والدي مع والد احمد شاهين والشهيد آرام شاهين لمنطقة ڕوست وذهبنا إليهم وكان اللقاء جميلا.