ان تكتب عن المسرحي الغائب (لطيف حسن)، فانت تكتب عن المستحيل، لشحة ماكتب عنه، وقلة مساهماته المسرحية .

ولد لطيف في بغداد في الاول من ايار عام ١٩٤٥، وسارت به الايام حتى غدا شابا، شديد الحماسة الوطنية، فجرفه تيار الوطنية الذي ميز الشارع البغدادي بعد الحرب العالمية الثانية، فصار شيوعيا منتظما منذ اوائل ستينات القرن الماضي، بعد ان كان صديقا له مذ اوائل ثورة ١٤ تموز المجيدة .

اما ولادة لطيف كمسرحي عراقي، فكانت في اوائل الستينات، غير انه غاب عن مشهدية المسرح بعد سنوات قليلة، ليختار لنفسه التفرغ للعمل السياسي كشيوعي بين الجماهير، لذلك فقد اختصر نشاطه المسرحي الى حدود كبيرة، لا تتناسب وبداياته الثقافية والمعرفية في المسرح التي طبعها بمساهماته القليلة وابرزها مشاركته التمثيل في مسرحية (مسألة شرف) للمسرح الحديث عام ١٩٦٦ والتي كانت من تأليف عبد الجبار ولي واخراج بدري حسون فريد .

في غمرة النشاط المسرحي الذي ساد في العراق بعد ثورة ١٤ تموز باتجاه الاعمال السياسية والاجتماعية، دخلت الحياة المسرحية عناصر جديدة مثل زينب وناهدة الرماح، فصعد ذلك من حماس الجمهور بعد عرض مسرحية (اني امك يا شاكر) ليوسف العاني، والتي كونت لها شعبية كبيرة. كما ان دخول ممثلون اخرون الى الحياة المسرحية قد خلق جوا مسرحيا اغرى الكثير من الشباب بالانخراط في الاعمال المسرحية، وكان الشاب لطيف حسن احدهم، فانتمى لفرقة المسرح الحديث التي مثل فيها مسرحية (مسالة شرف).. واستمر عضوا فيها حتى رحيله .

في يوم شباط الاسود، اغتيلت ثورة ١٤ تموز بكل منجزها الوطني على يد لصوص البعث من الحرس القومي وعملاء المخابرات المركزية، ففتحوا ابواب السجون والمعتقلات ليزجوا فيها خيرة ابناء الشعب من الوطنيين والمثقفين والعمال والكسبة والفلاحين والنقابيين، وكان من ضمنهم الفنانون والمسرحيون منهم على وجه التحديد .

كان الفنان يوسف العاني احد المعتقلين في معتقل ملعب الادارة المحلية في المنصور، وكان معه الشاب لطيف حسن اصغر المعتقلين سنا، فكان نشطا يقدم المساعدة لبقية المعتقلين. ولما اطلق سراحهما كانت بينهما صداقة حميمة .

بعد سقوط الحرس القومي اواخر عام ١٩٦٣ تولى الحكم طاقم جديد الغى قرار حل الفرق المسرحية المتخذ من دولة الحرس القومي وربطها بقانون الملاهي سيء السمعة، واصدروا القانون رقم ٦٤ لسنة ١٩٦٤ .

في العام ١٩٦٥ حصل الفنان ابراهيم جلال ويوسف العاني على اجازة لفرقة المسرح الفني الحديث، التي هي امتداد لفرقة المسرح الحديث التي اسسها العاني عام  ١٩٥٢ .

استمر الفنان لطيف حسن مع فرقة المسرح الفني الحديث، فمثل مع زينب وناهدة الرماح مسرحية (مسالة شرف). بعدها لم يصعد خشبة المسرح واكتفي بالعمل خلف الكواليس والاعمال الادارية التي لا تؤثر على التزاماته الحزبية. في غمرة ذلك تكونت له علاقات ود وصداقة مع اغلب عضوات واعضاء الفرقة وخصوصا الشباب منهم .

عندما اشتدت الحملة البوليسية على الحزب الشيوعي والحركة الوطنية العراقية، ترك العراق الى بلغاريا ومنها الى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية .

في عام ١٩٨١ التحق بقوات الانصار الشيوعيين في جبال كوردستان العراق، فنشط في الاعلام المركزي للحزب. استثمر وجوده هناك فقام في اوقات فراغه باعداد قصيدة الشاعر الروسي بوشكين عربة الغجر الى مسرحية جميلة اخرجها النصير الفنان سلام الصكر لقاطع بهدينان للانصار الشيوعيين، ومثلها الانصار عشتار وابو اروى والشهيد سمير حناوي وابو سامر المصور .

في شهر كانون اول من العام ٢٠٢١ رحل الفنان والصحفي الشيوعي لطيف حسن ليلتحق بزوجته سلمى بعد ان خلفا ابنتهما الحلوة ساره .