في صيف عام ١٩٨٩ كنت في قاعدة للانصار على الحدود العراقية/ألأيرانية عندما التقطت من صندوق مهمل عدد من جريدة ألحزب (طريق ألشعب) وأثناء القراءة توقفت عند خبر عن شهيد من أنصار ألحزب ألشيوعي ألعراقي في قاطع كركوك/سليمانية فقد أثار أسم الشهيد عندي شعورا غامضا أنني أعرف هذا الاسم وكنت بحاجة لارتب أفكاري فأخذت علبة دخاني والجريدة ووضعت رأسي على صخرة متأملا... دفعة واحدة يعود أليك عالمك ألقديم في وجه شهيد، فقد كان الاسم لأبن خالتي محمد ياس ألسعداوي ألذي كان نصيرا في قاطع الأنصار في فوج (گرميان). بدا لي  أن الآمر يصعب على التصديق فمتى أصبح محمدا شيوعيا! ومتى أصبح نصيرا ! متى أصبح شهيدا ! ليس في بالي ألا صورته وهو فتى ١٢ عام عند آخر مرة ألتقيه في عام ١٩٧٧. كنت أعلم أيضا أن شقيقته (رضية ياس السعداوي) أم حسين / كانت معنا في كردستان قبل توجهها في مهمة سرية للعمل التنظيمي في الفرات ألأوسط أعتقلت واستشهدت على أثر اعتقالها بفعل خيانة (أبو هيمن) .

كل الوقائع تشير ألى كونه انتمى للحزب الشيوعي في مطلع الثمانينات ثم توجه ألى كردستان بمساعدة من (أشتي طالباني) أبن شقيق اليساري المعروف (مكرم طالباني) أثر شعوره بالخطر وبتوصية من شقيقته رضية ياس/أم حسين والتحق بالانصار (ألبيشمرگة) في ١٩٨٦ حيث عرف بإسم (قيس عرب) هناك حتى وقعت معركة مع قوات ألنظام في ٢٨ نيسان ١٩٨٧ في منطقة (قادر كرم) وتحديدا في قرية (الشيخ جلال) جرح فيها محمد باصابة رصاصة في الكلية وبدأ ينزف اضطرت المفرزة للانسحاب في حين بقي محمد في عهدة عائلة من أهالي أنصارنا من سكان القرية .

لكن محمد لم يكن وحيدا، كانت (أم إسماعيل) تحتضنه كابن لها، تواسي جراحه وتبحث عن منفذ للمدينة للوصول لمن  يستطيع تطبيبه غير أنه لفظ أنفاسه بعد فترة .

بعد استشهاده دفن محمد بشكل سري في مقبرة قرية ( الشيخ جلال)، لم يكن محمد غريبا في قبره بل كانت أم إسماعيل تزوره وتسقي قبره بالماء وتنثر على  قبره ألزهور، حتى سقوط نظام صدام حيث نقل ألى بلدته (الهندية) وشيع هناك.

(عن النصير الشيوعي )