كوبنهاكن: 1994

المقصود بهذه الكتابة هو النصير (( ابو افكار الزاير ))

النصير ابو افكار، واحد من ابناء ريف العمارة، اسمر البشرة، نحيف الجسد، طويل القامة، ولم يغادر ارياف مدينته واهوارها منذ ولادته. إلتحق بحركة الانصار الشيوعيين في عام 1980، قادما من بلغاريا التي وصلها عند مغادرته الوطن بعد الهجمة الشرسة التي شنها الحكم الدكتاتوري الذي يريد محاربته مع رفاقه الانصار عن هذا الطريق، طريق الكفاح المسلح.

ابتدأت حياته الجديدة، والغريبة عليه، عند وصوله قاعدة بهدينان، حيث يتوجب عليه ان يشق طريق الثلوج، التي يلجها لاول مرة، كما ويتسلق القمم الشاهقة، ويمارس نشاطه العسكري كما لو انه من ابناء المنطقة.

وضع ابو افكار حقيبته على ظهره، وملأها بما يحتاجه من تموين ولوازم ضرورية اثناء التنقل مع مفارز الاستطلاع، ثم المفارز القتالية، وبحماس الانصار وشوقهم امتشق السلاح، واستعد للذهاب مع مفرزة استطلاعية، وهي اول تجربة له بالعمل العسكري، كما وانها بمثابة تدريب على الحركة والتنقل في المناطق الجبلية الوعرة. وبسبب من حماس ابو افكار، كتب ظهر حقيبته عبارة ( ابو افكار قاهر الجبال )!، فكانت العبارة مثار ضحكات مكتومة من قبل الرفاق الاقدم منه في الجبل والذين اشتركوا معه في هذه المفرزة الاستطلاعية.

تحركت المفرزة متوجهة الى المكان المقرر لها، طال المسير ، واستمر تسلق السفوح والمرتقعات الشاهقة والصعود الى قمة جبل (متين) العاصي، والمغطى بالثلوج الكثيفة على الدوام. ولما تعب ابو افكار، بدأ يحدث نفسه (( هاي وين جانت لك يبو أفكار؟ ))....... (( عبالك هذا هور الصحين؟ )). اشتد تعب ابو افكار، وبدأ يتخلف عن المفرزة.. نادى على مسؤول المفرزة قائلا: (( رفيق جا يمته نوصل للمجان )) ؟، فرد المسؤول: (( كَريب .. يم (( الكَنْدي )). وتستمر المسيرة، وابو افكار يسال من جديد نفس السؤال، ويتلقى نفس الجواب. اخيرا صرخ بوجه مسؤوله ومن بعيد: (( خايب ما تكَلي هذا الكَندي وين كَاعد.... ولك مو راح نوصل للسما؟ )).

وعند وصولهم قمة جبل متين، كان ابو افكار بآ خر نفس، وهو يتصبب عرقاً رغم شدة البرد وكثافة الثلج. جلس على ركبتيه، ورفع راسه نحو السماء مناديا بصولّت مرتفع يمتزج فيه التذمر بالمزح قائلا: (( يارب جلّت قدرتك، بس كَلي، لو آنه بمجانك، وانت أبو أفكار، تقبل أسوي بيك هيجي؟! بس جاوبني!!)).