تمر هذه الأيام، الذكرى 36 لجريمة النظام الصدامي بضرب قوات الأنصار البيشمركه الشيوعيين يوم 5 حزيران من عام 1987 في قاطع بهدنان بالاسلحة الكيمياوية، والتي راح ضحيتها الشهيدين جوقي سعدون (أبو فؤاد) وريبر عجيل (أبو رزكار ) واكثر من 149 مصابا بحروق مختلفة من الجسم، وكذلك فقدان النظر  لفترات مختلفة، وقسم كبير من المصابين لازالوا يعانون من آثار هذه الضربة .

وقد كتب الكثير عن هذه الجريمة باستخدام الاسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا، وقد حوكم احد تجارها الهولنديين الذي صدّر قسم من هذه الأسلحة الى العراق .

ورغم آلام هذه الضربة وما خلفته من آثار جسدية ونفسية على المصابين، الاّ انها عكست روح التضامن والمساندة من قبل الرفيقات والرفاق الذين لم يصبوا او كانت إصاباتهم خفيفة .

وهنا اقتبس من مذكرات القائد الانصاري توما توماس ( وشكل من بقي سالما من الأنصار وخاصة النصيرات فريقا من العاملين بشجاعة وتواصل قل نظيره لمساعدة المصابين في كل احتياجاتهم وتشجيعهم لتجاوز تلك الازمة. وتكفل هذا الفريق بانجاز مختلف المهمات من تهيئة الطعام والخبز والحراسات، ان ماقدمته نصيراتنا في تلك المحنة يعتبر بحق مفخرة أخرى من مفاخر رفيقات حزبنا الشيوعي. وبذل الأطباء الأنصار جهودا كبيرة في معالجة المصابين والاهتمام بهم رغم ندرة الادوية، ومنهم الرفاق الدكتور أبو تضامن والرفيقة الدكتورة ام هندرين والرفيق الدكتور احسان والرفيق النصير أبو سامر الذي لعب دورا متميزا في مساندة الأطباء في مهماتهم ).

وفي اثناء هذه المحنة، ورغم الالام الكثيرة، الا انّ تلك الايام لا تخلو من بعض المواقف الطريفة. وبالرغم من اني كنت احد المصابين لكن اصابتي لم تكن حادة كما الاخرين، وكنت قادرا على المساعدة، فطلبت من الرفيقة الدكتورة ام هندرين ان اساعدها في معالجة المصابين، فعلمتني كيفية زرق الابر ودهن الحروق ووضع قطرات العيون.

في اول يوم اخذت جولة بين الرفاق المصابين لاضع في عيونهم القطرات، فوصل الدور الى الرفيق الفقيد حميد بخش (أبو زكي)، فتح احدى عينيه ووضعت له الدواء وطلبت منه ان يفتح الثانية .

- جاوبني ما يحتاج لها

- رفيق مايصير لازم نضع لها الدواء

- رفيق كتلك ما يحتاج

- اصريت وبالحاح عليه رفيق لازم نضع لها دوه

- جاوبني بحدة وبعصبية  رفيق  اشبيك ما تفهم الا اقل لك ((عيني جام  يعني عورة)).

- تفاجأت بهذا الجواب واخذني الخجل، والرفاق من حولي اصابتهم نوبة من الضحك، وكاد الرفيق الفقيد ثابت حبيب العاني (أبو حسان) ان يختنق بين الضحك والسعال .

وعلى ذكر الفقيد أبو زكي، فقد تورمت خصيتاه بشكل غير طبيعي من اثر الاصابة، واخذتا تعيقانه اثناء السير لبعض الوقت، مما اضطره ان يعمل (الفانيلا) حمالة لهما ويعلقها في رقبته. اما النصير الروائي سلام إبراهيم (أبو الطيب)، فكان يصرخ (( ولك أبو سامر جيبلي مرهم اكو كنفذ بين افخاذي دمرني))، لقد كان يعاني من شدة الحروق.

تحية ود واحترام الى كل من مرّ بتلك الازمة.