طيران السمتيات يضرب بمئات المقذوفات، الطيران الحربي يغير بصواريخه الحارقة، الربايا المحيطة بالمنطقة تمطرنا بزخات من قنابر الهاونات، المدرعات تستعجل نقل المرتزقة وتصب نيران مقذوفاتها على الموقع، الدبابات تقتلع البيوت بقذائفها الهمجية من الجهة الخلفية. 

في كل مكان من المنطقة تقع قذائف الدكتاتورية وصواريخها، أضافة الى زخات الرصاص الكثيفة. الوصف ليس نسجا من الخيال أو لعبة بليستيشن بل هو حقيقة. انها ملحمة أشبه بالأسطورة دارت رحاها في سهل شهرزور في قرية تقع على تلة ترابية صغيرة مكونة من بضعة بيوت اسمها (سويله مش) بتاريخ 1983، بين قوة من أنصار الحزب الشيوعي العراقي قاطع السليمانية وكركوك الفوج التاسع بقيادة الرفيق محمود تكتريوف.

كان عدد الرفاق يتراوح بين 45 و 50 مقاتلا ضد المئات من جحوش حلبجة وقصبة سيد صادق بقيادة المجرم عثمان جيتون مدعومة بالقطعات العسكرية المحيطة بالمنطقة. دامت المعركه تسع ساعات تقريبا. استخدم النظام الفاشي كل أسلحته وامكانياته مقابل كلاشنكوفات وقاذفة RBG.7. ورشاش عفاروف تعطل اربع مرات خلال المعركة. ولكن معنويات الأنصار كانت خارقة تفوق الخيال.

كانت القرية عبارة عن حمم بركانية تتقاذفها النيران من كل جانب، حتى أن الرفاق في القرى المجاورة كانوا يأملون أن يعثروا ولو على واحد منّا على قيد الحياة كي يروي لهم تفاصيل الأحداث. المقاتلون من جانبهم راودهم شعور بأن أسلحة العدو ربما تكون فاسدة أو أنهم محصنين بفعل قوة خارجية خارقة جبارة!، لأن حجم القرية الصغير مقارنة بكثافة النيران كان كافيا لابادة كل القوة الموجودة. تكبد العدو العشرات بين قتيل وجريح على رأسهم المجرم عثمان جيتون. قدمنا عدد من الشهداء البواسل. حاولت بعض القوى أن تجير المعركة بأسمها لما لها من ميزة أسطورية تمجد من خاض غمارها وهم الأنصار الشيوعيين، ألا أن هوية شهدائها ومعرفة أهل المنطقة بها حال دون ذلك. من حق الأنصار الشيوعيين وأبنائهم وبناتهم أن يفتخروا بهذا السفر من الشجاعة وروح التحدي الذي ميزهم عن غيرهم.