العلاقة بين التنظيم المحلي والعمل العسكري

مــقدمة لكتاب قيد الانجاز

حاولتُ في هذا الكتاب ان يشاركني  الانصار في محاكاة هذا التاريخ من خلال الكتابة لي عما عاشوه وعانوه وتضمينه الكتاب او اضافة مقالاتهم التي تتحدث عن تاريخ الحزب الشيوعي العراقي في الكفاح المسلح. وهذا الكتاب هو جزء اخر من المسيرة النضالية الطويلة للحزب والحركة الانصارية التي تحدثت بها في  كتبي السابقة. لقد نبهني احد الانصار بضرورة الكتابة عن دور التنظيم المحلي في المحافظات المحاذية للعمل الانصاري، ودور هذا التنظيم الذي يتشكل من رفاق واصدقاء وعوائل اشتركت في دعم الحزب ماديا ومعنويا واعلاميا. وبعض هذه العوائل ضحت بحياتها حيث القي القبض عليهم من قبل سلطات النظام الدكتاتوري في بغداد، وتم وضعهم في السجون واعدم البعض منهم، وقد سجلت هذه العوائل دورا متميزا في النضال في سبيل القضية التي امنوا بها.

لقد وضع التنظيم عدة مهمات لمساعدة العمل الانصاري من خلال دعمه بالملتحقين من الرفيقات والرفاق والاصدقاء والمؤازرين، اضافة الى مساعدة الانصار الجرحى والمرضى في مراجعة المستشفيات والاطباء في المدن والاقضية وكذلك ارسال الادوية المختلفة واخفاء الانصار العاملين في الداخل وايصالهم الى المحافظات الاخرى وكذلك نقل البريد الخاص. وقد حرص التنظيم على تنفيذ هذه المهمات الموكلة له مما انعكس على العمل الانصاري بشكل ايجابي وجيد.

كانت مهمات التنظيم المحلي كبيرة لو قيست بالظروف الصعبة التي يعمل في وسطها، حيث السلطة باجهزتها الامنية المختلفة (مخابرات وامن واستخبارات وعملاء وجحوش) تراقب وترصد اية حركة. كما ان للعلاقات العشائرية والقربى تأثيرها السلبي او الايجابي وحسب الظروف.

وفي هذا الصدد يشير احد الانصار بالقول: "لابد من الاشارة هنا الى الطبيعة الخاصة للمنظمة الحزبية في مدينة اربيل، والتي هي حصيلة انعكاس للطابع الطبقي الفلاحي الريفي الذي تطغي عليه العلاقات العشائرية مما أثر بشكل سلبي على تنظيمات الحزب داخل المدينة.

لقد ارسل لي الكثير من النصيرات والانصار رسائل تتحدث عن التنظيم المحلي في السليمانية واربيل ودهوك ونينوى واقضيتها ونواحيها وقراها، والتي كان لهذه الرسائل الدعم المعنوي لمواصلة الكتابة عن تلك المرحلة وعن العمل التنظيمي، اضافة الى رائحة الطعم النضالي والتضحية والايثار والتنسيق بين اعضاء التنظيم الحزبي لتحريك الشارع الكردستاني ضد الطغمة الدكتاتورية في بغداد.

لقد توجت جهود المنظمات الحزبية في المدن الكردستانية بالمشاركة في انتفاضات كردستان 82 و84 و87 والتي ابدى فيها الرفاق بطولات نادرة، واستشهد العديد منهم، كما اشترك رفاق التنظيمات الحزبية في المناطق القريبة والانصار في انتفاضة اذار المجيدة عام 1991 (حيث لعب رفاقنا الانصار بالتلاحم مع رفاق التنظيمات المحلية دورا فعالا في قيادة معارك الانتفاضة).

في هذا الكتاب هناك الكثير من الحديث عن دور رفيقاتنا المناضلات اللائي قدّمن ارواحهن في سبيل قضايا الشعب، وناضلن بجسارة قل نظيرها امام جبروت الفاشيين والحاقدين، وقد استشهدن ببطولة نادرة وصرخن بوجه الجلادين وعتاة المجرمين من البعثيين وازلامهم.

لقد حاول النظام الدكتاتوري المقبور مسخ الحياة الجميلة من المجتمع العراقي وبالذات المجتمع الكردي، باساليبه غير الانسانية من شراء الذمم والملاحقة والاعتقال والتعذيب، والتي اثرت بشكل كبير عليهم من معاناة اجتماعية واقتصادية ونفسية.

ان هذا الكتاب لايستطيع ان يلم بنشاط وعمل التنظيم المحلي في المحافظات المشار لها، لان عملها كان واسعا بوسع المنطقة ومدنها واقضيتها، حيث تحتاج الى اكثر من كتاب لسد جزء يسير من هذا النضال النوعي والبطولي الذي قامت به هذه المنظمات. وهناك تفاصيل كثيرة جدا لايعرفها الا من عمل فيها ورأى مدى التضحية والحرص والمسؤولية وكذلك التنسيق بين رفاقها.

وان ما دفعني الى الكتابة في هذا الموضوع هو رغبتي وحرصي في الاشارة الى الادوار التي لعبها هؤلاء المناضلون والمناضلات وتسجيل اسمائهم بالقدر المستطاع في سجلات البطولة والايثار والتضحية من اجل اعطاء ادوارهم القيمة الحقيقية في تلك الايام والسنوات العجاف التي تحملوها من جلاوزة النظام واجهزته القمعية.  ومن المؤكد ان تاريخ هؤلاء الابطال والبطلات شغيلة العمل السري سيكون جزء من تاريخ نضال الحزب الشيوعي العراقي. ولابد لي من الاشارة الى بعض الصعوبات التي واجهتني في جمع هذه المعلومات وتحليلها او التدقيق فيها، اضافة الى صعوبة الاتصال مع بعض الرفاق الذين عملوا في التنظيمات المحلية وبعضهم غادر الحياة، وتطلب مني مراجعة الكثير من وثائق الحزب وصحافته وفعاليات التنظيمات المحلية.

ولابد لي ان اشكر هؤلاء الرفاق الانصار، سهيل الزهاوي (كمال) وفؤاد معروف (هوًكر) وباسل كنجي (صباح) وحسين علي الظالمي (عادل) وجميل جميل اوسي (جاويد)، وحمودي عبد محسن (ابو كاظم)، وحمزة عبد (ابو حيدر) وماجد لفته العبيدي (ملازم كريم) وعدنان هادي (ابو هدى طريق) ودكتور حسان عاكف (ابو يسار) وجاسم الحلفي (ابو احلام) وسردار انور سليمان (سرود) ودلوفان عمادية وحميد دلو.

واشكر الرفيق العزيز محمد الذهبي (ملازم فاضل) الذي دعمني في مقترحه للكتابة عن التنظيم المحلي ودوره في مساعدة العمل العسكري. والشكر موصول الى كل من ساعدني في اتمام هذا العمل .