الرفيق النصير عباس العباس، المعروف بين رفاقه الانصار بأسمه الحركي (أبو فائز)، إلتحق بحركة الانصار الشيوعيين العراقيين في جبال كردستان، وساهم مع رفاقه في اداء الكثير من المهمات بما فيها المفارز القتالية ضد ازلام النظام المقبور واستخباراته وجحوشه.

ولد النصير عباس في محلة الكاظمية في بغداد، واكمل دراسته الاعداديه فيها، وكان يرغب في دراسة الرسم في المعهد او اكاديمية الفنون الجميلة، الاّ انّ اجراءات البعث حالت دون تحقيق طموحه مما اضطره للعمل في صيانة الأدوات الكهربائية في احدى دوائر الصحة في بغداد والتي اتاحت له فرصة ان يكون قريبا من الوسط الفني ليطلع على الكثير من النشاطات والمعارض الفنية لينهل من تجارب الاخرين ويغني موهبته الفنية في الرسم والنحت والاعمال اليدوية.

وفي كردستان لم تمنعه حياة الجبل القاسية وظروف عمل قوات الأنصار الصعبة والخطيرة من القيام في تصميم البوسترات التحريضية والتخطيطات واللوحات الفنية للعديد من المناسبات الوطنية والحزبية. وكذلك ساهم النصير ابو فائز في النشرات الورقية والجدارية والمجلات الدفترية التي اصدرها الانصار سواء كان ذلك في المفارز الجوالة ام في القواعد والمقرات الخلفية.

وقد أقيم للنصير الفنان معرضا شخصيا  في كردستان لرسوماته وتخطيطاته الفنية والتي عبر فيها عن الطبيعة الانصارية وما فيها من روح التحدي ومواجهة الصعاب، واعمالا أخرى غلب عليها طابع الفكاهة والحزن حسب حالته النفسية التي مر بها، حيث يتميز الرفيق أبو فائز وفي احلك الظروف واصعبها بروحه المرحه وطرائفه ونوادره، واتذكر حين تعرضنا الى الضربة الكيمياوية بغاز الخردل في 5 حزيران عام 1987  وهو  ضمن المصابين، كان يردد مبتسما ومتهكما جملته المشهورة: (كسر بجمع خردلونا)!.

وبعد خروجه من كردستان واستقراره في السويد، اتيحت للفنان الكثير من الفرص والوقت ليطور موهبته الفنية واساليبه التشكيلية. اقام عباس العباس معرضه الثاني في بغداد في مقر الحزب الشيوعي العراقي عام 2008، ثم تبع ذلك بثلاثة معارض وفي فترات مختلفة بالاضافة الى مشاركته في العديد من المعارض في بلد اقامته السويد .

وقد ساهم الفنان العباس في تأسيس جمعية التشكيليين للرسم والنحت في استوكهولم وحاز على الكثير من الجوائز والشهادات التقديرية من قبل مؤسسات وشخصيات فنية.

وكانت له مشاركة مميزة ضمن خيمة طريق الشعب في مهرجان اللومانتية في باريس العام الماضي 2023 حيث نصب له استاند من المواد المتاحة واخذ يرسم وسط الساحة وفي الهواء الطلق، وبيعت أحدى لوحاته  بالمزاد العلني داخل خيمة طريق الشعب تبرع بثمنها الى صندوق بناء مقر الحزب .

وعن سؤاله كيف كانت تجربته في كردستان، أجاب أبو فائز بحسرة، كنا شبابا مفعما بالثورية والمبادئ الوطنية والكفاح من اجل اسقاط نظام  طاغي ومستبد، ولكن الحصيلة النهائية لم نحصل على ما كنا نحلم به  ونسعى اليه، وهذا لا يعني انها مرحلة خاسرة بكل تفاصيلها. فترة الكفاح المسلح هي فترة غنية بتضحياتها وتجاوز كل صعابها والاشكالات المختلفة التي رافقت حياتنا اليومية، وفيها تكونت لنا صداقات وعلاقات اجتماعية تسودها المحبة والاحترام والتضحية ومواجهة الطبيعة القاسية من حيث الطقس والتضاريس بروح جماعية، ومن التجربة التي نفتخر بها تعلمنا الصبر والمثابرة في بناء حياة مشتركة وخاصة لامثيل لها في الحياة العامة،  واستمرت هذه العلاقات الى وقتنا الحاضر، وقد جسدت ذلك في كثير من اللوحات والتخطيطات والرسوم لتوثيق تلك المرحلة.