في ايلول 1982، بعد انتهاء إجتماعات اللجنة المركزية لـ(حشع) في نوكان، بعث المكتب العسكري في پشت آشان رسالة وبغلين مع احد الاصدقاء من قرية ده رگه، وكانت الرسالة تتضمن طلب نقل سلاح الدوشكة من روست الى بشت آشان، كما تطلب مني ان اغادر السرية وألتحق بتنظيمات محلية أربيل.

شكلنا مع الرفيق مام خدر روسي، مفرزة تتكون من سبعة رفاق: (ماموستا سعد آمر المفرزة، رنجبر، أبو سحر، أبو عسكر، خليل، شيرزاد وكامران الملقب فيلو). تحركنا من روست، ومعنا 2 دوشكة وعدد من البنادق التي جائت من سوريا ووصلتنا عن طريق قاطع بهدينان.

قبل الغروب وصلنا الى مقرنا في شريشمه، وحين عمّ الظلام الارجاء، وبحدود الساعة التاسعة والنصف، تحركنا من جديد. كنا ستة رفاق هذه المرة، حيث تعذرت مشاركة الرفيق رنجبر بسبب الالام التي حصلت له في بطنه.

وصلنا الى نقطة نزول المنحدر الجبلي المؤدي الى الطريق العام (طريق هاملت)، وبعد مراقبة الطريق من بعيد، قررنا النزول. في هذه الاثناء بدأ الرفيق فيلو بالتذمر، فطلبت منه العودة الى المقر، بينما طلب مني الرفيق ابو سحر تجريده من السلاح، لكني اعتذرت.

بدأنا بالحركة بعد ان تأخرنا نصف ساعة تقريبا. عندما وصلنا على بعد 300 متر من طريق عبور الطريق العام والوادي، لاحظت هدوءا غريبا، فتذكرت مقولة عسكرية قرأتها في مجلة عسكرية (اذا كان طريقك هادئا، اعلم انك في كمين). توقفنا، ثم دخلنا الى مكان غير سالك بين الاشجار. تركت ثلاثة رفاق مع الحمولة واخذت معي الرفيق شيرزاد، وقلت للرفاق الثلاثة: اذا جرى اطلاق نار: انسحبوا الى المقر، ولا تنتظرونا، فنحن سنتدبر امرنا.

سلكنا انا والرفيق شيرزاد، طريقا يمر بموقع الكمين من الخلف، فلاحظنا الموقع خالٍ من الجنود، لكننا عثرنا على اعقاب سكائرهم، التي كانت مازالت جديدة وساخنة، فاستنتجنا بان الجنود غادروا المكان قبل دقائق. عدنا الى الرفاق الذين أعلمونا بأنهم شاهدوا عشرة جنود ذاهبين الى المعسكر القريب من گلاله.

عبرنا الوادي من نقطة (زه روان)، حيث المياه تصل الى الركب (أي انها لم تكن عميقة). عند وصولنا الى الجانب الثاني، اصبحنا في مأمن، فتوقفنا لنأكل الخبز، لكنّ الرفيق ابو سحر اعطى حصته للبغال معلقا: (حمولتهم اكثر منا).

السماء كانت غائمة، ثم بدأت الأمطار تهطل بغزارة علينا. قبل الفجر، وصلنا الى كوخ يقيم فيه شخص يمارس هواية الصيد، شربنا الشاي معه، واسترحنا في كوخه الى ما بعد الظهر، ثم تحركنا من جديد. بعد ساعتين من المشي، بدأت الامطار تهطل مرة اخرى مما اعاق استمرارنا في المسير، فلجأنا الى  خيم الرعاة وبقينا الليل عندهم.

في الصباح شددنا الرحال الى پشت آشان، فوصلنا اليها بعد الظهر. عند وصولنا، أُستقبلنا بحفاوة من قبل الرفيق ابو تاره عضو المكتب العسكري. لقد كان نجاحنا بهذه المهمة، انجازا كبيرا بالنسبة للرفاق الذين عرفت منهم في ما بعد، بان المكتب العسكري اجرى عدة محاولات لنقل سلاح الدوشكا، بما في ذلك محاولات نقلها عبر الأراضي الايرانية بالتعاون مع (حدك)، ولكن من دون جدوى.

في اليوم الثاني، طلب مني الرفيق ابو تارة الذهاب الى نوكان، وذلك بناء على طلب من المكتب السياسي للحزب. وصلت الى نوكان بمفردي، والتقيت بالرفيق ابو فاروق الذي ابلغني: بأني لن اذهب للعمل الى محلية اربيل، بل الى پراغ لقيادة المنظمات الطلابية في اورپا، وطلب مني ان ألتقي بالرفيق آرا خاجادور (ابو اسكندر) لانجاز مهمة سفري.

ذهبت الى الرفيق ابو جبار (اسعد خضر اربيلي)، وبدوره عرفني بالرفيق (ابو اسكندر)، وقال له باللغة التركمانية: هذا هو الرفيق سعد. اتفقت مع الرفيق (ابو اسكندر)، ان اذهب الى سوريا عن طريق قاطع بهدينان بدلا من طهران الذي اقترحوه علي. عند خروجي من عند الرفيق ابو اسكندر، صادفني الرفيق ابو سلام (بهاءالدين نوري)، قال لي: ها رفيق، ستتركنا؟!. اصبت بحرج، ولم اعرف كيف اجيب، أعاد علي نفس السؤال، فأجبته: كل الروافد تصب في نفس النهر...