من منفاه، خارج روسيا، أصدر لينين (1870ــ 1924)، في كانون الأول 1900، جريدة (الايسكرا) أول جريدة ماركسية سرية لعامة روسيا، لتكون لسان حال حزب العمال الاشتراكي الروسي. كانت الايسكرا ترسل سرا الى داخل روسيا، ولتوزع بالطبع بشكل سري. ويسجل لنا تاريخ الحركة الثورية الروسية ان الايسكرا لعبت دورا فكريا كبيرا في نشاط الاشتراكيين الديمقراطيين الروس وتوحيد المنظمات المحلية المتفرقة، من اجل تأسيس حزب من طراز جديد لعموم روسيا التي كانت آنذاك تمر بأوضاع ثورية تتطلب مثل هذا الحزب.
بعد انهائه دراسته في جامعة كادحي المشرق في موسكو، وعودته الى العراق، أصدر فهد، في كانون الأول 1940، جريدة (الشرارة) ثاني جريدة في مسيرة صحافة الحزب الشيوعي العراقي، لتكون لسان حال الحزب الشيوعي العراقي، وكانت توزع سرا، وليسجل لنا تأريخ الحركة الثورية في العراق، كيف لعبت الشرارة دورا فكريا وتنظيميا في اعادة تأسيس الحزب الشيوعي العراقي على أسس جديدة.
حين أصدر فهد شرارته جاء اختيار الاسم تيمنا بايسكرا لينين، فـالايسكرا كلمة روسية (искра) تعني الشرارة. لم تلتق الجريدتان الشيوعيتان في الاسم فقط، بل كان شهر صدورهما واحدا: كانون الأول، وان كان بين تاريخ صدور كل منهما أربعين عاما.
اشد ما يجمع بين الشرارتين هو ان خلف اصدار كل منهما كان يقف قائد شيوعي خط اسمه بحروف من نار في تاريخ شعبه والحركة الثورية لبلاده.
لم يقف الأمر عند الاسم والشهر، فأيسكرا لينين بعد الانشقاق في حزب العمال الاشتراكي الروسي اثر المؤتمر الثاني 1903، استولى عليها المناشفة، التيار الانتهازي في الاشتراكية الديمقراطية، بعد ان صدر منها 51 عددا، وسموها (الايسكرا الجديدة) تمييزا لها عن ايسكرا لينين، وشرارة فهد استولى عليها المنشقون بعد ان صدر منها 20 عددا، وسموها ايضا (الشرارة الجديدة)، ليجعلوا الجريدتين تتماثلان في أمور عديدة منها ايضا مصير الانشقاقيين في كل زمان ومكان.
ايسكرا لينين التي كانت لسان حال البلاشفة الذين تمسكوا بأفكار لينين لبناء حزبهم ومستقبلهم الثوري، جعلت افكارها السهوب الروسية تتشتعل بالانتفاضات ولتتوج بثورة أكتوبر الاشتراكية المجيدة في 1917 .
شرارة فهد، وكوسيلة متجددة الفاعلية للارتباط بالجماهير واشراكها في قضاياه، أحرقت بفكرها ونشاط فهد ورفاقه الرواد، ركام تلال من الأفكار الجامدة والانتهازية، وصقلت بفكرها المتجدد معدن مناضلين شيدوا صرح الحزب الذي ناضل ويناضل من اجل الوطن الحر والشعب السعيد.
