من اوراق القائد الانصاري الرفيق توما توماس (ابو جوزيف)

للمرة الاولى في تاريخ الحركة المسلحة الكردية وفصائل الانصار الشيوعيين، ينبهر اهالي القرى والمدن الكردستانية بفتيات يلبسن ملابس الانصار ويحملن الكلاشنكوف ويمضين في رتل واحد ومشترك مع الرجال ليساهمن في المعارك والمواجهات العسكرية. ومن المعروف ان الحركة المسلحة الكردية لم تخض مثل هذه التجربة باستثناء حالة واحدة اقدمت عليها المقاتلة البطلة ماركريت جورج، التي التحقت بالحركة سنة 1963، تاركة صدى كبيرا على المستويين الداخلي والخارجي، وكانت له دلالات ومعان رائعة تم الاستفادة منها اعلاميا.

لم تكن مساهمة الرفيقات في حركة الانصار تجربة غريبة، فقد سبقتها بسنوات طوال تجارب العديد من فصائل الانصار والاحزاب التي خاضت نضالا مسلحا كما حصل في الصين وفيتنام وكوبا، اضافة لمشاركة المرأة في الخطوط الخلفية للقوات السوفيتية ابان الحرب العالمية الثانية، الى جانب عملها في مجال المراسلة والمخابرة وجمع المعلومات. وساهمت المرأة ايضا وبشكل فعال مع القوى المعارضة لحكومة ايران الاسلامية ضمن فصائل الانصار، وكانت مساهمتها ملحوظة وكبيرة ضمن بيشمركة حزب العمال الكردستاني (pkk).

كانت اول رفيقة تلتحق بوحدات الانصار هي الرفيقة لينا من احدى محافظات الفرات الاوسط في اواخر عام 1979 وبصورة عفوية، اذ توجهت الى كردستان هربا من ملاحقة اجهزة الامن. وتبعتها بالالتحاق الرفيقة نشتمان، وهي من مدينة السليمانية ولم تستمر طويلا في كردستان، اضافة الى وصول العديد من الرفيقات لغرض مساعدتهم في مغادرة الاراضي العراقية.

وبعد اجتماع ل. م. في تموز 1980 وصلتنا مقترحات من مجموعة من الرفيقات برغبتهن للالتحاق بحركة الانصار. ومع بداية عام 1981 وصلت الى (كلي كوماته) اولى طلائع الرفيقات، وكانت من بينهن أم عصام، ودروك، وتانيا، واخريات، ليتجاوز عددهن في اذار 1981 الـ 15 رفيقة، فتم تشكيل فصيل خاص بهن وكانت آمرة الفصيل الرفيقة تانيا والرفيقة وصال محمد شلال (سوسن) مستشارة سياسية.

شاركت النصيرات في اغلب الاعمال اليومية كالحراسات والواجبات اليومية، وتم تدريبهن على استخدام مختلف الاسلحة الخفيفة وعلى تمارين الهجوم والانسحاب. وشاركت النصيرات في المفارز القتالية وبجولات انصارية في العمق، بعد اجتياز طرق وممرات مليئة بالربايا والكمائن.

وحينما توجهت قيادة قاطع بهدينان في مفرزة كبيرة العدد، بجولة في مناطق عديدة من بهدينان، كان ضمن المفرزة عشر رفيقات. ولاول مرة يلتقي اهالي القرى الكردية بنصيرات يحملن الكلاشنكوف ويمضين جنبا الى جنب مع الانصار مما ترك ذلك ارتياحا كبيرا وواضحا على النسوة في تلك القرى بفرح غامر واعتزاز كبير، لان مشاركة النصيرات للرفاق الانصار يرفع من مكانة المرأة في نظر الرجال في تلك القرى، ولكن علائم القلق بدأت تظهر على وجوه الرجال حينما انطلقت ام عصام بلغتها الكردية السليمة بالتحدث عن حقوق المراة وواجباتها ومساواتها مع الرجل، وتحرض على المطالبة بانتزاع تلك الحقوق.

وشاركت النصيرات في عمليات عسكرية. ففي عملية بامرني لعبت الرفيقة ام هيفاء دورا بارزا  وشجاعا  في الهجوم على مواقع الجحوش واعتقالهم. وكذا الحال بالنسبة للرفيقة بدور، المستشارة السياسية في الحظيرة، اذ شاركت في كل العمليات العسكرية التي نفذتها السرية الاولى، وكسبت ود واحترام رفاقها. وفي اربيل برزت الرفيقة تانيا، اذ واصلت مساهمتها في المفارز برفقة زوجها الرفيق ملازم رياض، فكانت قدوة للانصار والنصيرات.

وساهمت الرفيقات ايضا في مهمات المخابرة وفي مجال الاتصال اللاسلكي. ومن الرفيقات اللواتي عملن بشكل متواصل في هذا المجال الرفيقة الشهيدة موناليزا امين (انسام)، والرفيقة هند وصفي طاهر (بلقيس) وانوار وام سرمد واحلام..الخ.

وفي اثناء تقدم عسكري ضخم على مقر الفوج الاول في (مراني) ومقر محلية الشيخان للحزب الديمقراطي الكردستاني في سيدره، واصلت الرفيقة هند وصفي طاهر (بلقيس) عملها على جهاز المخابرة طوال ايام وليال ذلك الهجوم وتحت القصف المدفعي والطيران الحربي.

وفي مجال الطبابة فقد تمكنت الرفيقة الدكتورة (ساهرة) من خلال عملها في قاطع اربيل وجولاتها في القرى من معالجة النساء والاطفال، وتمكنت من كسب ثقة الجماهير وحبهم. كما لعبت الرفيقة الدكتورة ام هندرين دورا مماثلا في قاطع بهدينان والقرى الكردية المحيطة به.

ان تجربة مشاركة النصيرات في حركة انصار الحزب الشيوعي، رغم ما تخللها من نواقص، كانت تجربة ناجحة اثبتت فيها الرفيقات قدرتهن على تحمل المسؤولية وتخطي الصعاب. فقد اجتزن الامتحان بنجاح، وساهمن برفع اسم الحزب عاليا في ربوع كردستان.

ولا يمكن ان ننسى الرفيقات الخالدات ممن وهبن حياتهن باستشهادهن في معارك عسكرية مع الجيش او مرتزقته، كالرفيقة عميدة عذيبي الخميسي (احلام)، التي سقطت برصاص الغدر في بشت شان، والرفيقة انسام التي استشهدت برصاصات الجندرمة الاتراك،. وتعرض بعضهن للاعتقال وهن يواصلن مهماتهن النضالية السرية في الداخل. واقدمت السلطة على اعدامهن كالرفيقات النصيرات ام لينا وسوسن وفاتن.

وكذلك ساهمت النصيرات في احياء الفعاليات الفنية في المناسبات الحزبية والوطنية، حيث شاركن في فرق الغناء والتمثيل او في التحضير لتلك الفعاليات.  وتميزت مساهمتهن الى جانب الفنانين من الانصار، في إلقاء الكلمات والمشاركة في الغناء والتمثيل المسرحي. وقد لعب الفنانون الانصار، كالرفاق كوكب حمزة وسلام الصكر وابو فائز وغيرهم دورا بارزا في تشجيع تلك المساهمات ودعم مواهب عدد من النصيرات.

من كتاب اوراق توما توماس