الحلقة الأولى
بعد انقلاب البعث الفاشي في الثامن من شباط عام 1963، اصدر الحاكم العسكري المجرم رشيد مصلح التكريتي البيان رقم 13 والموجه للوحدات العسكرية والحرس القومي والذي يقضي بإبادة الشيوعيين، وعلى ضوء هذا البيان تعرض آلاف من المناضلين الشيوعيين والديمقراطيين ومن مختلف الأديان والقوميات والطوائف الى عمليات قتل وإعتقال ممنهج وتعرضوا لأبشع انواع التعذيب دفاعا" عن المبادئ السامية التي آمنوا بها.
وهنا بودنا ان نسلط الضوء على احدى تلك الجرائم التي مارسها نظام البعث الفاشي ولم يطلع عليها الكثيرون من ابناء شعبنا كون ان تلك الذكريات بقيت في ذاكرة وصدور الكثير من المشاركين فيها ولم يكتب عنها إلا القليل خاصة من اللذين شاركوا فيها ولم تأخذ حقها في النشر، ويؤسفني اني لم اذكر بعض الأسماء لعدم ذكرها في ما حصلت عليه من معلومات او ذكريات او دقتها.
للتخلص من الأعتقال والتصفيات الجسدية التي رافقت أنقلاب البعث الفاشي قرر الكثير من المناضلين وبعد ان اصابهن الخوف من الأرهاب الذي إجتاح الوطن الهرب الى اماكن مختلفة وبدون تخطيط مسبق او إتفاق فيما بينهم، فتوجه البعض منهم عبر الحدود من البصرة لأقاربهم في ( الكويت ) أو عبر منافذ مختلفة الى ( ايران ) ليقضوا هناك فترة بعيدا" عن الأرهاب الفاشي أملا" بالعودة لوطنهم يوما" ما من جديد... وخرج الهاربون على مجموعتين:
المجموعـة الأولى
توجهت هذه المجموعة الى ( ناحيـة الحلفايـة ) وهي احـدى نـواحي قضـاء الكحـلاء في محافـظة ميسان، وان اسم الناحـية اشتق من كثـرة نباتات ( الحلفا ) المنتشرة فيهـا، في حين كانت تسمى سابقا" ناحية ( المشرح ) لأن النهر الذي تقع على ضفافه هذه الناحية ( شرح ) من نهر دجلة.
توجهت هذه المجموعة وكان اغلبهم من الطائفة المندائية بمساعدة أحد الشخصيات المعروفة لديهم وهو المندائي السيد (هاشم هذال الزهيري)، حيث قام بأصطحاب ثلاثه اخوة وهم الفقيد عبد الواحد مطشر الهلالي، وحميد مطشر الهلالي، وسعيـد مطشـر الهـلالي والسير بهـم ليـلاً في الهـور وأيصالـهم الى عائلـة مندائيـة أخـرى تسـكن في ناحيـة ( البسيتين) التابعة لمحافظة البصرة وهي عائلة السيد (غافل)، تبعهم بعد ايام وعلى نفس الطريق عدد من الأخوة منهم ( غازي عبـود الزهيري، الفقيـد كلدان كبيص مصبوب، نـوري عبـد الرحيم الناشي، خولة غضبان الرومي، وفاضل رشم الجاري، سعد مشط علوان الهلالي، حلو مهاوي الزهيري، حديث داخل، أمين عودة، نوري رحيم عداي الناشي، خزعل فنجان، كوتي عبد، حربي زامل، لعيبي الزهيري، سامي كريم سرحان، صالح باحـور، عدنان عامـر جبـر، سليم بركـات، وديع سبع، فرحان سعيد مطرود المندوي، يحيى حنتوش) وغيرهم ومع الأسف توفي الآخير في ايران لاحقا" بسبب مرضه ولعدم تمكنه من الحصول على العلاج اللازم بسبب وضعه المالي.
المجموعة الثانية
توجهت هذه المجموعة عن طريق البصرة ( شــط العــرب ــــ المحمرة )، وتوجه بهــذا الطريق مجموعة من المثقفين منهم ( الفقيـــد المحامي طالب بدر جابر، بشير فندي، وحمــودي مطشر الهلالي، عبد الله الداخل، والضابط الحقوقي الفقيد عربي فرحان الخميسي، وأخيه زكي فرحان الخميسي، بديع سبع، الكاتب توفيق جاني ســهر، عيسى خضــر الخميسي، ياسين حمـادي الناشئ، وليد عبد الجادر، حميد زهرون معارج، كيوزي، خيرية مطشر الهلالي) وبمساعدة نائب الضابط ( مجيد جابك الزهيري ) وهو احد معارف السيدة خيرية مطشر الهلالي وصلوا الى حدود المحمرة بعد ان أوهم زوارق الحرس القومي وهو مرتديا" بزته العسكرية بانهم متوجهين الى وليمة. بينما اعتقل الموظف الصحي الفقيد ( سامي عبد الجادر ) زوج السيدة خيرية وهو يعالج المرضى في مستوصف الجباسي قرب شط العرب، كما وصل الفقيد الشاعر مظفر النواب وعبد الصاحب الحميري وكوادر كثيرة غيرهم حيث سكن معظمهم في مدينة الاهواز والحويزة.
يتبع في الحلقة الثانية